قائد الجيش الجزائري يتهم المطالبين بفترة انتقالية بحماية الفساد

العديد من الجزائريين يرون في حملة قايد صالح ضد الفساد مجرد محاولات لإلهاء الشعب عن رفض بقاء رموز من النظام السابق في السلطة.

الجزائر - اتّهم رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح المطالبين بفترة انتقالية في البلاد بالسعي إلى "حماية الفساد من خلال تأجيل محاربته"، مشدّداً على أنّ "لا مهادنة" مع الفساد الذي يسعى القضاء، بدعم من الجيش، إلى مكافحته.

ومنذ استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في 2 نيسان/أبريل تحت ضغط الشارع وبعد تخلي الجيش عنه، يطالب المتظاهرون برحيل وجوه الفريق القديم عن السلطة، وعلى رأسهم الفريق قايد صالح.

لكنّ الجنرال الذي أصبح بحكم الأمر الواقع الرجل الأقوى في البلاد يرفض مطالب المحتجين، ولا سيّما مطلبهم المتعلّق بالاتفاق على مرحلة انتقالية وتشكيل مؤسسات انتقالية تجري في نهايتها انتخابات رئاسية، ويصرّ على تطبيق الدستور الذي ينص على إجراء انتخابات رئاسية.

وقال رئيس الأركان بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية إن "الأهداف الحقيقية للراغبين في تبني الفترات الانتقالية (...) تكمن في حماية الفساد من خلال تأجيل محاربته، وذلكم هو نهج المفسدين أعداء الشعب والوطن".

وأضاف في كلمة ألقاها الخميس خلال زيارة إلى الأكاديمية العسكرية في مدينة شرشال (نحو 90 كيلومتراً غرب العاصمة الجزائر) أنّ "بعض الأطراف المغرضة تحاول التشويش على العدالة والتشكيك في أهمية محاربتها للفساد، بحجّة أنّ الوقت ليس مناسباً الآن لمحاربة هذه الآفة ويتعيّن تأجيل ذلك إلى ما بعد الانتخابات، وهنا يتضّح للعيان مصدر الداء بل منبع الوباء".

وتشهد الجزائر حملة ضد الفساد، حيث باشر القضاء منذ أسابيع تحقيقات مع مسؤولين من حقبة بوتفليقة، أفضت لإيداع الحبس المؤقت، رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال ووزراء ورجال أعمال محسوبين على الرئيس المستقيل.

وشدّد قايد صالح على أنه "لا مهادنة ولا تأجيل لمسعى محاربة الفساد، بل، سيتواصل بإذن الله تعالى وقوته، بكل عزم وصرامة وثبات قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها".

لكن مراقبين يرون أن الحملة مجرد محاولات من قبل قائد الجيش الجزائري لإلهاء الشعب عن تحديات أعمق وهو رفض بقاء رموز من النظام السابق في السلطة.

كما جدّد رئيس الأركان رفضه المرحلة الانتقالية، وقال "أكدنا أكثر من مرة على أن الخروج بأي شكل من الأشكال عن السياق الدستوري، يعني الوقوع في احتمالات غير محمودة العواقب أي الوقوع في الفوضى، لا قدر الله، وتلك هي أمنية العصابة ورؤوسها ومن والاها من أذنابها".

وبعدما جرى إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مرتقبة في الرابع من تموز/يوليو، لانعدام المرشحين ورفض الحركة الاحتجاجية لها، باتت السلطات أمام وضع معقد، فالدستور ينص على أن يسلم رئيس الدولة الانتقالي عبدالقادر بن صالح السلطة إلى رئيس جديد بحلول 9 تموز/يوليو، وهي مهلة قصيرة جداً لتنظيم انتخابات جديدة.

والأربعاء جدد قايد صالح تعهد الجيش برفض أي طموح سياسي والعمل فقط على انجاح الفترة الانتقالية.

وتأتي تأكيدات قايد صالح لتناقض تاريخ الجزائر الحافل بتدخل المؤسسة العسكرية في كل نواحي الحياة وإمساكها بزمام الأمور وتعيين الحكام المدنيين بما يخدم مصلحة الجنرالات.

ويهيمن الجيش الجزائري منذ الاستقلال على المشهد السياسي ولديه الكلمة الفصل في تحديد سياسات الجزائر رغم الانتقادات الموجهة من قبل فئات مدنية تطالب بإبعاد المؤسسة العسكرية عن السلطة والاضطلاع فقط بحماية الأمن القومي للجزائر ومواجهة التحديات العسكرية والأمنية.

ويرى مراقبون أن وعود قائد الجيش الجزائري لا تخرج من محاولات امتصاص الغضب الشعبي خاصة مع إصرار الجزائريين على التظاهر السلمي رفضا لإصرار الجيش على إجراء الانتخابات في الرابع من يوليو/تموز.