قانون العجز العراقي من فيصل الاول الى مناشدة الحداد

أزمة الرواتب مؤشر آخر على حجم الانقسام والتفرقة بين مكونات الشعب العراقي.
لا بد من إبعاد أرزاق الموظفين عن أية خلافات او نزاعات سياسية
ليست ازمات او تشنجات بل خصومات ومعارك استعراض للقوة والعضلات
على الكرد أن يحسموا امرهم ويجتمعوا على موقف واحد وهو ان نكون او لا نكون

ردود الافعال الغاضبة والمنددة بقانون تمويل العجز المالي الذي تم تمريره من قبل مجلس النواب العراقي فجر الخميس، من دون تضمين الاتفاق المبرم بين بغداد وأربيل بخصوص رواتب موظفي الإقليم، والتي وصلت الى حد ما أعتبره البعض انتقاماً من الكرد، الذين لم يصوتوا عليه وخرجوا من الجلسة التي تميزت بجو تصعيدي شديد يسعى لتحقيق اهداف انتخابية وتصفية حسابات ومواقف تريد استمالة الشارع العراقي. 

استغلال ازمة الرواتب التي لم يتحملها الموظفون العراقيون لشهرين فقط من التأخير، في حين ان اقليم كردستان يتحمل منذ عام 2014 أي منذ 6 سنوات قطع حصته في الميزانية من قبل الحكومة الاتحادية، وعانى الموظفون من تأخير الرواتب والادخار الاجباري واستلام نسب بسيطة وخلال مدد تقارب الشهرين، وهي أزمة مالية واقتصادية وانسانية شديدة وقاسية تركت تأثيراً أكبر في كل مجالات الحياة في الإقليم الذي لم يصرف رواتب موظفيه لعدة أشهر خلال العام الجاري. 

وهذا ما يتطلب تدخل الامم المتحدة والمجتمع الدولي لتأمين رواتب موظفي الاقليم باعتبارهم جزءاً من موظفي العراق، وإبعاد أرزاق الموظفين عن أية خلافات او نزاعات سياسية. 

كما يتوجب من الكرد أن يحسموا امرهم ويجتمعوا على موقف واحد وهو ان نكون او لا نكون، ويتفقوا على خطة عملية واستراتيجية مشتركة لمواجهة الاخطار التي يتعرضون لها، والتي وصلت الى قطع الارزاق وهي اشد وأقسى من قطع الاعناق التي مارستها الحكومات السابقة وكان لها سجل اسود من عمليات قتل وحرق وانفال وابادة ضدهم.. 

لقد كشف هذا القانون مقدار التفرقة والانقسام الموجود في المجتمع العراقي وحجم الامراض والعلل التي يعاني منها العراق، والتي هي ليست ازمات او تشنجات بل هي خصومات ومعارك استعراض للقوة والعضلات سهر من اجلها مجلس النواب في معركة علنية يريد الكل استغلالها لصالحه وتسجيل مواقف له في الانتخابات القادمة. 

الموقف الذي شاهدناه من اعضاء مجلس النواب العراقي والذين يفترض بهم انهم ممثلين لجميع ابناء الشعب العراقي من كردستان والموصل والبصرة يُذكرنا بمقولة شهيرة للملك فيصل الأول سنة 1921: "أقول وقلبي ملآن أسىً لانه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية خيالية، خالية من أي فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سمّاعون للسوء ميالون للفوضى."

وكذلك ما عبر عنه الدكتور الملّا بشير الحداد نائب رئيس مجلس النواب الذي شاهدناه في مقطع فيديو مؤثر جداً وهو يناشد ويطلب تأجيل التصويت لحين التوافق، ويمسك بلحيته محاولاً تحريك وايقاظ الشهامة والمروءة في كلمات مؤثرة وحزينة انطلاقا من حرصه على وحدة العراق، لكنهم مضوا في تمرير القانون الذي يستحق ان يوصف بقانون العجز العراقي.