قبرص تستعد لاستقبال موجة هجرة جديدة

قبرص تعتمد على تعزيز التعاون مع لبنان للمساعدة في وقف الهجرة غير النظامية من خلال اعتراض عمليات المغادرة من أراضيها.

نيقوسيا - قالت السلطات في قبرص الاثنين، إنها تعمل على توسيع قدرتها على استضافة اللاجئين في الوقت الذي تستعد فيه لتدفق جديد للفارين من الصراع المتفاقم في الشرق الأوسط، بينما يزداد الجدال حول إصلاح نظام الهجرة الأوروبي، فيما يرى البعض ضرورة استخدام أوروبا لسياسة العصا والجزرة لإعادة اللاجئين إلى بلادهم.

وارتفع عدد طالبي اللجوء القادمين من الشرق الأوسط في السنوات الماضية، لكن فترة هدوء شهدها الصيف انتهت في أوائل أكتوبر تشرين الأول وسط مخاوف من اتساع العنف الدائر بين إسرائيل والفلسطينيين إقليميا.

وخلال أزمة الهجرة في أوروبا عام 2015، واجهت حكومات الاتحاد الأوروبي صعوبات في التصدي لتدفق أكثر من مليون شخص، من اللاجئين السوريين الذين عبروا من تركيا إلى اليونان، ما أصاب شبكات الأمن والرعاية الاجتماعية بالإرهاق، وأثار مشاعر اليمين المتطرف.

ووصل نحو 500 سوري إلى الجزيرة في ست حالات منفصلة على الأقل خلال الأيام التسعة الماضية على متن قوارب انطلقت من الساحل اللبناني وهو رقم أعلى من المعتاد.

وتعتمد قبرص على تعزيز التعاون مع بيروت للمساعدة في وقف الهجرة غير النظامية من خلال اعتراض عمليات المغادرة من لبنان. لكن مع احتدام الحرب بين إسرائيل وحماس وتصاعد الاشتباكات على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، تخشى قبرص أن تتسارع وتيرة النزوح.

وتقع الجزيرة على بعد نحو 170 كيلومترا إلى الغرب من لبنان عند أقرب نقطة بينهما. وقالت وزارة الداخلية إن السلطات ستضاعف الطاقة الاستيعابية الحالية لمركز الاستقبال الرئيسي القريب من العاصمة نيقوسيا والذي يتسع لألف شخص.

وفي الأثناء طلبت قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي من بروكسل المساعدة الطارئة عبر إمدادها بالخيام الإضافية في حالة تجاوز قدرة البلاد، مضيفة أن "مئات اللاجئين السوريين" في لبنان يستعدون للقيام برحلة بحرية إلى قبرص وخاصة أن المسافة لا تزيد عن 170 كيلومتراً.

وتظهر أرقام وزارة الداخلية تقديم 11961 طلب لجوء بين مارس/آذار وأغسطس/آب 2022، في حين انخفض العدد إلى 5866 في نفس الفترة من هذا العام لكن برغم ذلك يشكل طالبو اللجوء أعلى نسبة في الاتحاد الأوروبي وتبلغ 6 في المئة من سكان الجمهورية البالغ عددهم 915 ألف نسمة، وهو رقم قياسي في جميع أنحاء الكتلة.

كما يشعر القادة الأوروبيون بالقلق من احتمال حدوث وضع مماثل لـ "أزمة اللاجئين" عام 2015 بسبب الصراع في غزة، حيث ادّعى رئيس الوزراء البولندي المنتهية ولايته ماتيوس مورافيتسكي أن هذه الحرب ستترافق بالتأكيد مع موجة كبيرة أخرى من الهجرة غير الشرعية.

وخلال قمة بروكسل قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، إن الاستقرار في المنطقة يصب في مصلحة الأوروبيين وإنه إذا أصبحت إسرائيل ومصر غير مستقرتين، فإن تدفقات الهجرة من هذه المنطقة ستتدفق على الفور إلى أوروبا.

وبالمثل أشارت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إلى هذا الخطر فيما قال الزعيم المالطي، إنه في حالة إطالة أمد الصراع، يجب التفكير أيضاً في اللاجئين مثل اللاجئين السوريين في لبنان، وهذا واقع يمكن أن يعيد الاتحاد الأوروبي إلى الحالة التي عاشها من قبل عام 2015.

بدوره، دعا وزير الهجرة اليوناني، ديميتريس كيريديس، إلى توخي الحذر وزيادة التضامن بين الدول الأعضاء. وقال "يظهر الخطر دائماً إذا انتشر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. وإذا اجتاح عدم الاستقرار بشكل خاص دولاً مجاورة فيها عدد كبير جداً من السكان، فإن الأمور يمكن أن تصبح خطرة بالفعل.

وأضاف "علينا أن توخي الحذر، وعلينا أن نتكاتف في أوروبا نحتاج إلى تعزيز حراسة الحدود، ومكافحة شبكات التهريب الإجرامية، وإعادة من لا يحصلون على حق اللجوء".

وفي وقت تتزايد فيه المخاوف الأمنية المرتبطة بالصراع بين إسرائيل وحماس، قال كيريديس، إن اليونان في الواجهة فيما يتعلق بمناقشات الاتحاد الأوروبي حول المزيد من عمليات الترحيل، في أعقاب هجمات مميتة في بلجيكا وفرنسا.

وأوضح "أوروبا وحدها هي القادرة على إجبار الدول الأصلية على استعادة مواطنيها باستخدام العصا والجزرة.. اليونان وحدها لا تستطيع أن تفعل ذلك، وبلجيكا وحدها لا تستطيع أن تفعل ذلك".

ويتخذ الاتحاد الأوروبي الآن خطوات لإصلاح قواعد الهجرة قبل انتخابات البرلمان الأوروبي التي تجرى في العام المقبل، بعد إبرام اتفاق هذا الشهر حول التعامل مع الهجرة غير الشرعية في حالة زيادة أعداد الواصلين بشكل استثنائي، وهو مطلب رئيسي لدول المواجهة الجنوبية ومن بينها اليونان.