قتلى من الحرس الثوري وحزب الله في هجوم على معسكر للحشد الشعبي

مصادر عراقية تؤكد أن الهجوم على معسكر للحشد الشعبي تم بطائرة مسيرة مجهولة وأنه كان يضم صواريخ باليستية إيرانية، في تطور لا يمكن تفسيره بمعزل عن التوتر المتصاعد بين واشنطن وطهران.
البنتاغون ينفي قصف معسكر للحشد الشعبي
مصادر عراقية تحدثت عن مقتل مستشارين إيرانيين بالغارة الجوية
مصير العشرات من المختطفين داخل المعسكر مازال مجهولا
العراق يدفع فاتورة التوتر الأميركي الإيراني
واشنطن وطهران تتنافسان على النفوذ في الساحة العراقية

بغداد - قصفت طائرة مجهولة من دون طيار قاعدة عسكرية لقوات الحشد الشعبي في وسط العراق، بحسب ما أعلنت قيادة العمليات المشتركة في بيان اليوم الجمعة، ما أسفر عن مقتل مقاتل عراقي وجرح إيرانيين اثنين، وفق مسؤولين، فيما أكدت مصادر محلية أخرى مقتل عدد من المستشارين الإيرانيين ومن الحرس الثوري ومقاتلين من حزب الله اللبناني.

ويأتي هذا القصف ليل الخميس الجمعة شمال بغداد، وسط مخاوف لدى السلطات العراقية من أن يؤدي التوتر بين حليفيها الكبيرين: الولايات المتحدة وإيران، إلى حرب على أرضها.

وينظر للعراق على أنه ساحة محتملة لأي مواجهة إقليمية بين الغريمين بسبب نشاط جماعات مسلحة شيعية تدعمها إيران بالقرب من قواعد تستضيف قوات أميركية.

وقالت قيادة العمليات المشتركة في بيان الجمعة "تعرض معسكر الشهداء في منطقة آمرلي التابع للواء 16 حشد شعبي فجر اليوم إلى قصف بطائرة مسيرة مجهولة"، مضيفة أن القصف أدى إلى جرح اثنين.

وأشار مسؤول في قوات الحشد الشعبي التي تضم فصائل مقربة من إيران إلى مقتل "عنصر من الحشد الشعبي وإصابة اثنين آخرين بجروح"، فيما أكد ضابط في شرطة صلاح الدين بعدما تفقد مكان القصف أن القتيل من الحشد العشائري والجريحان هما "مهندسان عسكريان إيرانيان" كانا في المعسكر.

وتؤكد إيران رسميا أن لا وجود عسكريا لها في العراق، لكن العديد من الخبراء يشيرون إلى تواجد مستشارين عسكريين يدربون مقاتلين عراقيين، خصوصا من فصائل الحشد الشعبي التي كانت مشاركتها حاسمة في دحر تنظيم الدولة الإسلامية.

وللولايات المتحدة عدة قواعد عسكرية عدة في العراق أيضا، وتقوم بتدريب القوات النظامية العراقية ضمن التحالف الدولي.

ونفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ضلوع القوات الأميركية في الهجوم بعد أن ذكرت محطة إخبارية واحدة على الأقل مقرها السعودية وقوع ضربات جوية أميركية على تلك القاعدة.

وكانت قناة العربية قد نقلت  عن رئيس مجلس العشائر العربية في العراق الشيخ ثائر البياتي قوله، إن هجوما استهدف معسكرا لميليشيات الحشد فجر الجمعة أوقع قتلى من الحرس الثوري وحزب الله اللبناني شرق محافظة صلاح الدين العراقية.

وأكد ثائر البياتي أن الهجوم تم بطائرة مسيرة مجهولة وأن المعسكر المستهدف يحوي صواريخ بالستية إيرانية.

ونقلت الحدث عن مصادر عراقية مقتل مستشارين إيرانيين بالغارة الجوية، التي استهدفت المعسكر، وان المعسكر يحوي 460 مختطفاً لا تزال المعلومات حول مصيرهم مجهولة.

وينشط متشددو تنظيم الدولة الإسلامية الذين يعادون الفصائل الشيعية، أيضا في المنطقة التي توجد بها القاعدة وفي الكثير من المناطق النائية في شمال العراق رغم أن التنظيم فقد سيطرته على تلك الأراضي. وأعلن التنظيم مسؤوليته عن هجمات على القوات العراقية في الشهور الأخيرة.

وتعرضت عدة قواعد عراقية تستضيف قوات أميركية لهجمات بالصواريخ قبل بضعة أسابيع لم تعلن أي جهة المسؤولية عنها ولم يصب فيها أحد. وتضغط واشنطن على حكومة العراق لكبح جماح الفصائل الشيعية المدعومة من إيران والتي تقول إنها تمثل خطرا على المصالح الأميركية في العراق.

وألقت الولايات المتحدة باللوم على إيران في هجمات استهدفت عدة ناقلات نفط في الخليج وهو ما نفته طهران.

ويظهر بقوة من خلال طبيعة الهجوم ان الساحة العراقية ستدفع فاتورة التوتر القائم بين واشنطن وطهران والآخذ في التصاعد مع غياب مؤشرات على تهدئة قريبة، حيث ترتبط بغداد بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وأيضا مع إيران التي تغلغلت في مفاصل الدولة العراقية وتحظى بدعم ميليشيات شيعية مسلحة موالية لها.

ولم يُكشف من قبل عن وجود مدربين أو مستشارين إيرانيين في صفوف الحشد الشعبي في هذه المنطقة. ولم تعلن أية جهة المسؤولية عن الهجوم .

وشهدت العراق عمليات استهدفت القوات الأميركية او مصالح شركات نفطية أميركية، لكن واقع الأمر يشير إلى أن العراق غير قادر بالفعل على منع أي هجوم على المصالح الأميركية على أراضيه مع تواتر هجمات على أهداف للولايات المتحدة وشركات أجنبية يعتقد أن ميليشيات شيعية موالية لطهران تقف وراءها.

لكن مراقبين يرون ان عناصر داعش يمكن ان يكونوا وراء الهجوم على المعسكر خاصة وان التنظيم ينشط بكثافة في تلك المنطقة وتمكن من تشكيل خلايا نفطت عمليات ضد قوات الامن.

ويرتبط العراق بعلاقات عسكرية ودبلوماسية قوية مع الولايات المتحدة، لكنه في الوقت نفسه قريب جدا من إيران التي تعد أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لبغداد وتسيطر على العديد من الفصائل الشيعية المسلحة.

وعرض عبدالمهدي مرارا التوسط بين البلدين، لكن التوترات تبدو يوما بعد يوم أقرب إلى العراق الذي يعيش فترة هدوء نسبي بعد عقود من النزاعات آخرها الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وكان الآلاف من أنصار رجل الدين العراقي البارز مقتدى الصدر تظاهروا في مايو/ايار لدعوة القادة السياسيين وزعماء العشائر في العراق الى الابتعاد عن أي صراع بين إيران والولايات المتحدة.

وكان الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر حذر الاثنين في ايار/مايو من نهاية العراق حال نشوب الحرب بين إيران وأميركا، رافضاً زج بلاده في هذه الحرب وجعله ساحة للصراع.

وكان نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق بهاء الأعرجي أكد في لقاء تلفزيوني مع قناة محلية في مايو/أيار أن فصائل من الحشد الشعبي ولاؤها لطهران أكثر من ولائها لبغداد.

وحذر بهاء الاعرجي من تحول العراق إلى اكبر متضرر في حال نشوب صراع أو حرب بين إيران والولايات المتحدة قائلا "انه  في حال نشوب صراع بين الولايات المتحدة وإيران، من الممكن أن تورط فصائل في الحشد الشعبي الدولة العراقية، وأن تعصي أوامر السلطة المسؤولة عنها من أجل الدفاع عن المصالح الإيرانية.

ومنذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق وأطاح بصدام حسين في عام 2003، هيمنت إيران على السياسة في العراق عبر حلفاء في الحكومة والبرلمان وبنت نفوذا كبيرا على قطاعات من أجهزة الأمن.

وبات التخلص من التبعية لإيران أمرا صعبا حيث تغلغلت في مفاصل الدولة وهيمنت على معظم القطاعات الحيوية بما فيها القطاعات الأمنية والعسكرية.

فصائل عراقية موالية لايران
دمج العشرات من الفصائل المدعومة من ايران في قوات الامن العراقية

وتم دمج العشرات من الفصائل شبه العسكرية المدعومة بالأساس من طهران رسميا في صفوف قوات الأمن في العام الماضي، بعدما لعبت دورا رئيسيا في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2017.

ويقول منتقدون إنهم شرعوا أيضا في السيطرة على قطاعات بالاقتصاد. وتنفي الفصائل ذلك، لكن الوقائع تشير بالفعل إلى أن تلك الفصائل باتت تتمتع بنفوذ أكبر مما كان متوقعا وهي قادرة على خلخلة الأمن وإرباك الاقتصاد إذا دخلت في معركة لي أذرع مع الدولة العراقية.

وتسعى إيران لتعزيز السيطرة على محور من الأراضي يمتد من طهران عبر العراق وسوريا إلى لبنان حيث تتمتع بنفوذ، من خلال حلفاء بينهم تلك الفصائل.