قصة جاسوس جهادي توقع الاستخبارات الدنماركية في ورطة

قصة الدنماركي من أصل سوري أحمد سمسم الذي جندته الاستخبارات الدنماركية للتجسس على المقاتلين الأجانب في داعش وتخلت عنه حين اعتقل في اسبانيا، في طريقها للتحول إلى فيلم.
الجاسوس المسجون أحمد سمسم يقاضي الاستخبارات الدنماركية
أحزاب المعارضة الدنماركية تطالب بفتح تحقيق في قضية سمسم
المخابرات الدنماركية لم تنفي ولم تؤكد صلتها بأحمد سمسم

كوبنهاغن - تحولت قضية دنماركي من أصل سوري مسجون في اسبانيا إلى أشبه بسيناريوهات أفلام هوليود بين حقيقة عمله جاسوسا لحساب الاستخبارات الدنماركية وقتاله في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بين عامي 2013 و2014، فبينما تفيد المحاكم الإسبانية بأن أحمد سمسم قاتل في صفوف تنظيم داعش، يؤكد هو من زنزانته بأنه كان يعمل سرّا لصالح أجهزة التجسس الدنماركية التي تخلّت عنه.

كما هي الحال مع أي قصة تجسس شيّقة، يتم حاليا إعداد فيلم عن قضية الجاسوس الجهادي.

وتعد القضية محرجة بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الدنماركية، بينما رفضت الحكومة مرارا الدعوات لفتح تحقيق في الوقت الذي يؤكد فيه سمسم بأنه عمل في سوريا لصالح جهازي الأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية الدنماركيين عامي 2013 و2014، إذ تجسس على جهاديين أجانب.

وأكّدت عدة تحقيقات أجرتها وسائل إعلام دنماركية صحة أقواله وخلصت إلى أن الدنماركي من أصل سوري والبالغ 34 عاما لم ينضم قط لتنظيم الدولة الإسلامية، لكن الوكالتين الاستخباريتين رفضتا الإفصاح عمّا إذا كان عمل لصالحهما.

وسافر سمسم صاحب السجل الإجرامي الطويل إلى سوريا عام 2012 برغبته من أجل مواجهة النظام. وبينما فتحت السلطات الدنماركية تحقيقا بشأنه بعد عودته، إلا أنها لم توجّه له أي اتهامات.

وأُرسل بعد ذلك إلى سوريا في عدة مناسبات مع أموال ومعدات قدّمها له جهاز المخابرات ومن ثم  جهاز المخابرات العسكرية، بحسب ما ذكرت وسيلتان إعلاميتان دنماركيتان هما 'دي آر وبرلنسكي" بناء على تصريحات شهود عيان لم تكشف هوياتهم وحوالات مالية مرسلة إلى سمسم.

وبعدما تعرّض عام 2017 لتهديدات من قبل عصابات في كوبنهاغن اثر خلافات لا علاقة لها برحلاته إلى سوريا، توجّه سمسم إلى إسبانيا. وهناك أوقفته الشرطة الإسبانية التي تفاجأت بالعثور على صوره رافعا علم تنظيم الدولة الإسلامية على فيسبوك.

وفي العام التالي، صدر حكم بسجنه ثماني سنوات لإدانته بالانضمام إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية. وقال محاميه في الدنمارك إربيل كايا "عندما تم توقيفه في إسبانيا عام 2017، كان على يقين تام بأنه سيلقى مساعدة من السلطات الدنماركية"، لكن الدنماركيين لم يتدخلوا إطلاقا، موضحا "من الصعب جدا أن تثبت أنك كنت عميلا، فلا وجود مثلا لشهادة راتب أو عقد توظيف".

ويقضي سمسم عقوبته التي تم خفضها إلى ست سنوات في الدنمارك منذ العام 2020. والعام الماضي، رفع دعوى قضائية ضد أجهزة الاستخبارات الدنماركية لإجبارها على الإقرار بعلاقته بها. ومن المقرر أن تعقد جلسة الاستماع في القضية في اغسطس/اب.

وأكد خبير الإرهاب ومدير الأبحاث في "جامعة الدفاع السويدية" ماغنوس رانستورب أنه "من النادر جدا أن يُترك عميل ليقضى عقوبة طويلة بالسجن"، لكنه أشار إلى أن توقيف سمسم في إسبانيا قد يكون السبب وراء تعقيد قضيته.

وأوضح أنه في قضايا كهذه "يفضّل جهاز الاستخبارات إخفاء الأمر.. هذه أمور لا يمكن الكشف عنها في المحكمة. حتى وإن لم يعد العميل مفيدا، ينبغي ألا يلفت الأنظار".

- "قضية دريفوس" -

وخلال حملة الانتخابات العام الماضي، شدد سياسيون دنماركيون من مختلف الأحزاب على وجوب فتح تحقيق رسمي في القضية، لكن الحكومة الجديدة التي تضم شخصيات يمينية ويسارية وتتولى السلطة منذ ديسمبر/كانون الأول رفضت ذلك.

وقالت وزارة العدل "من أجل حماية مجتمعنا المفتوح وديمقراطيتنا، ينبغي عدم الكشف عن أي أمر مرتبط بأجهزة الاستخبارات"، فيما أدان المحامي كايا موقف الحكومية الذي رأى أنه "غير مفهوم". وقال إن سمسم "لديه انطباع بأن السلطات لا ترغب بمساعدته وتبذل كل ما في وسعها لإخفاء الحقيقة".

وأضاف "ستُكشف الحقيقة يوما ما وأعتقد أن هذه القضية سيطلق عليها قضية دريفوس الدنماركية"، في إشارة إلى فضيحة قضائية هزّت فرنسا بين أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

وأضرب سمسم مؤخرا عن الطعام لمدة أسبوع في زنزانته احتجاجا على "ظروف سجنه غير الإنسانية".

وفي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، ذكر جهازا الاستخبارات بأنهما لا يكشفان إطلاقا عن هويات المخبرين "من أجل المصادر وعمليات الجهازين على حد سواء".

ولا تمنح صفة المخبر أو العميل حصانة لصاحبها من الإدانة في حال ارتكب أعمالا غير قانونية. وقال رانستورب "النفي ثم النفي ثم النفي. هذه هي القاعدة الذهبية بالنسبة لتلك الأجهزة التي لا تكشف قط عن مصادرها أو أساليبها".

وتابع أنه على الرغم من أن قضية سمسم "تضر بسمعتهما (الجهازين) إلا أنهما سيتجاوزانها"، في الوقت الذي تواصل فيه عدة أحزاب دنماركية معارضة مطالبتها بتشكيل لجنة تحقيق.