قصص عراقية عن الظلم 'فوق بلاد السواد'

المجموعة القصصية للكاتب العراقي أزهر جرجيس تحلق بنا نحو عوالم زاخرة بحكايات ومواقف وأبطال تنوعت مصائرهم ما بين السجون المظلمة والهجرة نحو المجهول نتيجة لعقود التعسف.
رامي فارس الهركي
بغداد

من السطر الأول لمجموعة "فوق بلاد السواد"، القصصية للكاتب العراقي أزهر جرجيس وحتى الأخيرة، يحلق أزهر جرجيس بنا نحو عوالم زاخرة بحكايات ومواقف وأبطال عاشوا في العراق لتتنوع مصائرهم ما بين السجون المظلمة والهجرة نحو المجهول نتيجة لعقود الظلم والتعسف التي كانت قدرا مكتوبا على بلد مثل العراق.

تصور مجموعة "فوق بلاد السواد"، قصص عن واقع الظلم الشخصي والاجتماعي والأسري والسياسي في العراق حتى بعد سنوات التغيير التي طرأت على البلاد.

قصص مبطنة بأسلوب ساخر جميل وفق القاعدة التي تقول "إن المفارقة الساخرة صارت مقصدا وهدفا يسعى إليه الكاتب مباشرة"، لتتنوع ما بين المضحك المبكي، والمبكي والمضحك معا وهذا ما أضفى لمسة خاصة على المجموعة.

 أجمل ما في المجموعة هي قدرة الكاتب على الانتقال بالقارئ بين زمنين مختلفين، عراق ما قبل التغيير وعراق ما بعده مع تشابه جميع ظروف والمحاطة بالبؤس والحرمان والخوف من المجهول والآخر، فالإنسان العراقي عاش في بيئة الخوف ولا يزال يعيش نفس البيئة ونفس الظروف مع بعض التغييرات الطفيفة وبالتأكيد نحو إلا سوء...

المجموعة ضمت ثلاثا وثلاثين قصة قصيرة تبدأ بقصة "سائق الجنائز"، وتنتهي بقصة "خمس دجاجات".

 في هذا اللقاء نحاور الكاتب العراق ازهر جرجيس حول مجموعة "فوق بلاد السواد"، القصصية والاسباب التي ادت الى تراجع القصة القصيرة في السنوات الاخيرة....

 كثير ما ترد شخصية "محمد دكمة"، في قصص "فوق بلاد السواد" ما حكاية دكمة هذا ؟

ـ صديق الطفولة وعرّاب الحكايات البريئة.

 كيف تجد حال القصة القصيرة في العراق اليوم ؟

ـ ليس في العراق وحسب، بل عالميًا تشهد القصة القصيرة انحسارًا في قبال الرواية. هنالك هجرة جماعية صوب كتابة الرواية، وهذا مما لا يُنكر. حتى أولئك "الأوفياء" لفن القصة القصيرة تجد تحت آباطهم رواية أو روايتين.

 كيف تكون آلية اختيارك للشخصيات في القصص القصيرة؟

ـ لا يمكنني الإدّعاء بوجود آلية محددة لاختيار الشخصيات. في الغالب هنالك ومضة تأتي حاملة ملامح بطلها.

هل ترى أن الكتابة الأدبية تنبع من رغبة حقيقة داخل الكاتب نفسه؟

ـ كل بحسبه، هنالك من يكتب لأنه ممسوس بمرض الكتابة، وهنالك من يكتب لغير ذلك. لكن الأهم من ذلك هو النص وجودته.

لماذا يهرب الجميع من كتابة القصة القصيرة حتى قاربت على الاختفاء؟

ـ أسباب كثيرة تقف خلف العزوف عن كتابة القصة القصيرة، منها أن القصة القصيرة فن نخبوي، ولا وجود لنخبة حقيقية بعد ثورة الميديا. ومنها قصور القصة القصيرة عن البوح، وضيق مساحتها، وما حدث ويحدث بحاجة إلى مساحة شاسعة للقول كما تعرف.

نلاحظ أن أغلب النتاجات الأدبية في العراق اليوم هي روائية، هل تم ذلك على حساب القصة القصيرة؟

ـ يجري هذا في العالم بشكل عام، الرواية اكتسحت النتاج الأدبي حتى باتت ديوان العالم وأغنيته. الشعر والقصة والمسرح كلها تضاءلت أمام الرواية للأسباب الآنفة.

هل تلجأ إلى طقوس كتابية أم تترك الأمر للحظة والإلهام؟

ـ ليس عندي طقوس للكتابة، ربما الجلوس في المقهى وسماع صوت آلة العود لا تعد طقوسًا.

بعض القصص كانت نهاياتها مبطنة بأسلوب ساخر لماذا هذا الاسلوب بالذات ؟

ـ منذ زمن غابر والسخرية طريقة بارعة للتعبير عن هموم الناس. القول الجاد قد لا يأتي بثماره كما يفعل الساخر، ثم أن السخرية أسلوب آمن لقول ما تود قوله دون إغاظة أحد.

كيف ترى العراق الآن بعد سلسلة الآلام والعذابات على مدار العقود؟

ـ العراق يمرض لكنه لا يموت.