قصف أميركي بريطاني يستهدف مدينة الحديدة
صنعاء - تعرضت مدينة الحديدة الواقعة في غرب اليمن اليوم الجمعة لقصف أميركي بريطاني جديد، وفق قناة "المسيرة" التابعة للمتمردين الحوثيين، ردّا على هجماتهم على السفن والناقلات في البحر الأحمر.
وقالت القناة على موقعها الإلكتروني إن "عدوانًا أميركيًا بريطانيًا يستهدف بغارتين منطقة الجبانة في مدينة الحديدة" وتكمن أهمية المنطقة في كونها تضم معسكرا للدفاع الجوي للحوثيين.
وشنّت الولايات المتحدة وبريطانيا الجمعة الماضي سلسلة ضربات على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين في اليمن، قبل أن يستهدف الجيش الأميركي في اليوم التالي وهذا الأسبوع مجدّدًا المتمرّدين اليمنيين.
ويأتي ذلك ردًا على عشرات الهجمات التي نفّذها الحوثيون في الأسابيع الماضية على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إليها، دعمًا لقطاع غزة حيث تدور حرب بين حركة حماس والدول العبرية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومنذ أسبوع، بات الحوثيون يستهدفون أيضًا السفن المرتبطة بالولايات المتحدة وبريطانيا ردًا على ضربات هاتين الدولتين عليهم.
وأعلن المتمرّدون اليمنيون في وقت مبكر من اليوم الجمعة استهداف سفينة أميركية في خليج عدن "بصواريخ بحرية مناسبة" مؤكدين أن "الإصابة كانت مباشرة". لكنّ الجيش الأميركي قال إن الصواريخ أخطأت هدفها.
ويأتي ذلك بُعيد استهداف الجيش الأميركي صاروخين مضادين للسفن أعدّهما الحوثيون للإطلاق باتجاه الممر البحري المزدحم.
وأدرجت الولايات المتحدة الأسبوع الحالي مجدّدًا الحوثيين على لائحتها للكيانات "الإرهابية" وأفادت بأنها تسعى بذلك إلى ممارسة ضغوط على المتمردين المدعومين من إيران، متعهّدةً ألا يؤثّر الأمر على إيصال المساعدات الإنسانية الضرورية لليمنيين.
إلا أنّ العديد من الخبراء يعربون عن قلقهم من تداعيات هذا الإجراء على أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية والغارقة في الحرب منذ تسع سنوات.
وتحاول الولايات المتحدة من خلال تصنيف الحوثيين كيانًا "إرهابيًا" الضغط على المتمرّدين اليمنيين الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من شمال البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء، كي يوقفوا هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وبحر العرب، المنطقة الاستراتيجية التي يمرّ عبرها 12 في المئة من التجارة العالمية.
غير أن بعض الخبراء يشكّكون في فعالية هذا الإجراء. ويقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية عبد الغني الإرياني إن "العقوبات لم تنجح قط في الماضي ولن تفلح اليوم".
وترى مديرة كلية غورتن في جامعة كامبريدج إليزابيث كيندال أنه حتى لو كان "الحوثيون يستحقون بالفعل هذا التصنيف فليسوا هم من سيتحمّلون تبعاته"، مشيرةً إلى أن قادة عدة من الحركة "يجمعون ثروات على حساب الاقتصاد الخفي للحرب" وتضيف الخبيرة في شؤون اليمن "قد يتبيّن أن التهريب مربح أكثر بعد التصنيف".
ويؤكد نائب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن دييغو زوريلا أن "المنظمات الإنسانية تأمل بشدة ألا يؤثر تصنيف الإدارة الأميركية على إيصال المساعدات إلى الشعب اليمني".
غير أنّ المنظمات غير الحكومية التي تواجه أصلًا تقليص التمويل الدولي للمساعدات في اليمن تعرب عن قلقها إزاء عملياتها في البلد الذي يعتمد فيه ثلثَي السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات للعيش.
ويخشى مديرة منظمة "كير انترناشونال" إيمان عبداللهي من احتمال أن تؤدي هذه العقوبة إلى "تأخير على مستوى تمويل اللوجستيات والعمليات" ذلك أنه حتى لو مُنحت استثناءات للمنظمات الإنسانية، فإن نظام العقوبات يشمل جهات أخرى ينبغي التعامل معها مثل المصارف والتجّار، ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
وتوضح كيندال أن الآلية التي اختارتها إدارة بايدن هي بالتأكيد أكثر مرونةً من تلك السابقة، لكنّها تشمل حتمًا "معاملات أكثر ومخاطر بالنسبة للمنظمات والمستوردين، ما سيؤثّر على توصيل المنتجات وسيرفع الأسعار".
وقال محللون وتجار حبوب اليوم الجمعة إن الهجمات على السفن في منطقة البحر الأحمر خلال الأيام الماضية أدت إلى ارتفاع حاد في عدد سفن الحبوب التي تغير مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح بدلا من قناة السويس.
وأفادت مصادر ملاحية في وقت سابق هذا الأسبوع بأنها تتوقع تغيير بعض سفن الحبوب مسارها إلى رأس الرجاء الصالح لكن معظمها ستواصل المخاطرة بعبور قناة السويس، أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا.
لكن محللين قالوا إن استمرار هجمات حركة الحوثي على السفن رغم الضربات الأميركية البريطانية على مواقع الحركة في اليمن يعني أن المزيد من ناقلات الحبوب ستبتعد عن البحر الأحمر.
وقال إيشان بهانو كبير محللي السلع الزراعية في شركة كبلر "تغير بالفعل مسار نحو ثلاثة ملايين طن متري من الحبوب من نحو سبعة ملايين طن تمر عادة عبر قناة السويس شهريا... وقفز عدد الشحنات التي ابتعدت عن البحر الأحمر هذا الأسبوع من 20 بالمئة إلى 45 بالمئة".
وأوضح أن كبلر تتبعت 18 سفينة أخرى حولت مسارها وعلى متنها نحو مليون طن من الحبوب، مضيفا أن "إحدى السفن المحملة بفول الصويا من الولايات المتحدة إلى الصين وصلت إلى مصر وقررت العودة قبل دخول قناة السويس".
وقالت منظمة التجارة العالمية الخميس إن شحنات القمح التي تمر عبر قناة السويس انخفضت بنحو 40 بالمئة في النصف الأول من يناير/كانون الثاني إلى نصف مليون طن متري بسبب الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال تاجر حبوب ألماني "من المؤكد أن عدد عمليات تغيير المسار أصبح أكثر خطورة في اليومين الماضيين"، لكنه أضاف، باعتباره مستأجرا نشطا للسفن لشحن الحبوب الخاصة بشركته، أن أعدادا كبيرة من ناقلات البضائع السائبة لا تزال تبحر عبر البحر الأحمر.