قصف مكثف على منطقة "خفض التصعيد" ردا على هجوم حمص

التطورات الأخيرة والضربات العسكرية الروسية في منطقة "خفض التصعيد" ترتبط برغبة موسكو في حل معضلة إدلب من خلال الضغط على تركيا من أجل إخراج العناصر المسلحة منها.

دمشق - كثف الجيش السوري من نيران مدفعيته وصواريخه باتجاه مواقع تابعة للفصائل المسلحة "أنصار التوحيد" و"حراس الدين" و"الحزب الإسلامي التركستاني" و"هيئة تحرير الشام" في ريف حماة وإدلب، ردا على الهجوم الذي استهدف الخميس حفل تخريج طلاب ضباط الكلية الحربية في حمص، وراح ضحيته عشرات الطلاب وعائلاتهم.

ويربط متابعون التطورات الأخيرة والتحركات العسكرية الروسية التي بدأت منذ أشهر في منطقة "خفض التصعيد" (أو ما يسمى بـ"منطقة بوتين  أردوغان" الفاصلة بين مناطق النظام السوري وفصائل المعارضة الموالية لتركيا)، برغبة موسكو في الرد على التصريحات التي خرجت من أنقرة بشأن وجودها العسكري في مناطق الشمال السوري، حيث أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أن بلاده لن تسحب قواتها من شمال سوريا، وأضاف أن تركيا ستحافظ على انتشار قواتها في سوريا، إذ إن لديها أكثر من 900 كيلومتر من الحدود المشتركة معها، وهناك تهديد "إرهابي" مستمر يستدعي الوجود العسكري.

وتقول المصادر أن هذه الضربات تتزامن مع مساعي روسيا لحل معضلة إدلب من خلال الضغط على تركيا من أجل إخراج العناصر المسلحة منها.

وتركزت الغارات التي بدأت منذ الخميس على تلة قرب بلدة القرقور في سهل الغاب شمال غرب حماة، بالإضافة إلى مواقع في محيط مدينة جسر الشغور غرب إدلب.

 

مصادر مقربة من الحكومة السورية تقول أن الحزب التركستاني وكتيبة المهاجرين هما الفصيلان اللذان يمتلكان تقنية الطائرات المسيرة.

وكانت طائرات مسيرة انفجرت في ساحة القادسية في مدينة حمص أثناء الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من ضباط الكلية الحربية بحمص.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، في حين اتهم الجيش السوري الخميس "التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف دولية معروفة" بالوقوف خلف الاستهداف "عبر مسيّرات تحمل ذخائر متفجرة". وأكد أنه "سيردّ بكل قوة وحزم على تلك التنظيمات الإرهابية أينما وجدت".

وذكرت مصادر لوسائل إعلام عديدة مقربة من الحكومة السورية، أن الحزب التركستاني وكتيبة المهاجرين "هما الفصيلان اللذان يمتلكان تقنية الطائرات المسيرة".

كما أشارت تقارير إخبارية إلى أنّ قطع طائرات مسيرة متطورة "نقلت إلى الفصيلين قبل ثلاثة أشهر، وفرنسا هي التي زودتهما هذه التقنية". وأكّدت رصد إطلاق طائرة مسيّرة من مناطق سيطرة الحزب التركستاني، قبيل استهداف الكلية الحربية في حمص.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في إيجاز صحافي الخميس إن أنطونيو غوتيريش "يشعر بقلق بالغ" إزاء الهجوم على الكلية العسكرية، مبدياً في الوقت ذاته قلقه "من القصف الانتقامي من جانب القوات الموالية للحكومة على مواقع عدة في شمال غرب سوريا".

وقبل الهجوم الذي استهدف الكلية الحربية في حمص، أفاد نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا، الأدميرال فاديم كوليت، بأن جماعات إرهابية نشطة في محافظات إدلب وحلب واللاذقية تستعد لشن هجمات على مواقع عسكرية تابعة لروسيا وسوريا.

وقال كوليت "وفقًا للبيانات التي تلقاها المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة من وكالات الاستخبارات السورية، فإن الجماعات الإرهابية "الحزب الإسلامي التركستاني" و"أنصار التوحيد" يستعدون لتنفيذ هجمات على قواعد عسكرية روسية وسورية باستخدام طائرات دون طيار محلية الصنع وأنظمة إطلاق صواريخ متعددة طويلة المدى معدلة".

وأضاف أن الفصيلين سيستخدمان "أنظمة إطلاق صواريخ متعددة طويلة المدى"، مؤكداً أن قيادة المجموعة الروسية والقوات المسلحة السورية "ستتخذ الإجراءات الاستباقية اللازمة من أجل منع الاستفزازات المسلحة للإرهابيين".

وفي وقت سابق، صرّح رئيس الاستخبارات الخارجية الروسي، سيرغي ناريشكين، بأن الولايات المتحدة تُعد بمساعدة مسلحين لتنفيذ هجمات إرهابية في سوريا في الأماكن العامة المزدحمة وضد المؤسسات الحكومية.

وبدأت سوريا الجمعة، تشييع ضحايا الهجوم على حفل تخريج طلاب الكلية الحربية بمدينة حمص السورية، إلى مثواهم الأخير في مدنهم وقراهم.

وتم تشييع جثامين 28 من الضحايا، بينهم عدد من القتلى من عائلة واحدة كانوا في حضور حفل تخريج طلاب ضباط الكلية الحربية.

وقد توجهت 28 سيارة إسعاف تنقل جثامين القتلى، إلى محافظات اللاذقية ودمشق وحمص، على أن تتابع عملية التشيع خلال الساعات القادمة.

وشارك بمراسم التشييع الرسمي والشعبي التي أقيمت في المشفى العسكري بحمص كبار الضباط في الجيش السوري، وفي مقدمتهم وزير الدفاع السوري علي عباس وأهالي الضحايا.

 وقال عباس خلال تشييع الجثامين "وطننا يدفع ثمنا غاليا من جراء بيع أطراف داخليين أنفسهم للخارج".

وأعلنت وزارة الصحة السورية، في بيان لها عن ارتفاع حصيلة ضحايا الاعتداء الإرهابي على الكلية الحربية بحمص إلى 89 شخصا منهم 31 من النساء و5 أطفال و277 مصابا.

لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان أورد من جهته حصيلة جديدة أعلى الجمعة، مع توثيقه مقتل 123 شخصاً، بينهم 54 مدنياً، ضمنهم 39 طفل وسيدة من ذوي الضباط،  وأحصى كذلك إصابة 150 آخرين بجروح.

وأعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية الحداد الرسمي العام لمدة ثلاثة أيام بدءا من الجمعة الموافق 6 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، على ضحايا الاعتداء الإرهابي الذي استهدف حفل تخريج طلاب ضباط الكلية الحربية في حمص.