قطر تتراجع عن تحفظاتها على عودة سوريا إلى الحضن العربي

وزير الخارجية القطري يؤكد أن الدوحة لا تريد الخروج عن الإجماع العربي بشأن عودة سوريا للجامعة العربية، موضّحا أن لكل دولة قرارها.
قمة جدة تعتبر من أهم القمم منذ فترة طويلة، إذ ينتظر أن تعيد بناء المنطقة العربية
وزير الخارجية القطري يؤكد أن المسألة ليست بين الدوحة والنظام السوري

الدوحة - قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني اليوم الأربعاء إن بلاده لا تريد "الخروج عن الإجماع بعودة سوريا للجامعة العربية"، مضيفًا أن "لكل دولة قرارها"، في انعطافة على استحياء لموقف الدوحة التي عارضت في وقت سابق عودة دمشق إلى الحضن العربي، مستندة في ذلك إلى أن أسباب إبعادها لا تزال قائمة.
وقال الوزير القطري في مؤتمر صحفي مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك في إطار زيارة رسمية غير معلنة المدة تقوم بها الأخيرة إلى الدوحة إن "الحل لإعادة الاستقرار إلى سوريا يجب أن يرضي الشعب السوري التوّاق إلى الاستقرار"، مؤكدًا على أن "الحل الوحيد هو إيجاد حل عادل وشامل للمسألة السورية".
وتابع "موقفنا واضح بشأن اتخاذ قرار عودة سوريا للجامعة العربية"، مضيفًا أن بلاده "لا تريد الخروج عن الإجماع العربي بشأن عودة سوريا للجامعة العربية ولكل دولة قرارها".

وأضاف أن "المسألة ليست بين قطر والنظام السوري، بل بين النظام وشعبه"، داعيا إلى أن "يعيش الشعب السوري في أمان واستقرار وأن تكون هناك عملية سياسية في سوريا".
وكان وزير الخارجية القطري قد قال في تصريح إعلامي الشهر الماضي تعليقا على تصاعد الجهود الدبلوماسية لإعادة سوريا إلى الحاضنة العربية، إن "الدوحة لا تتّخذ أي خطوة إذا لم يكن هناك حلّ سياسي للازمة السورية"، مشيرا إلى أن "كلّ دولة لها تقييمها وهذا قرار سيادي يخصّهم"، بينما وصف المعطيات التي أفادت بأن عودة سوريا إلى الجامعة العربية باتت أقرب من أي وقت بـ"التكهنات".

وقال الشيخ محمد بن عبدالرحمن الذي قدمت بلاده دعما كبيرا لجماعات سورية معارضة خلال النزاع أنّ "الحرب توقفت لكنّ الشعب السوري مازال مهجّرا والناس الأبرياء في السجون. نحن لا نريد فرض حلول على الشعب السوري وهو الذي يجب أن يصل إلى حلّ ويجب أن يكون هناك حلّ سياسي للأزمة السورية".

وتشارك سوريا في القمة العربية في دورتها الثانية والثلاثين التي تنطلق الخميس بجدة بوفد رفيع، في أول أول مشاركة بعد قرار تعليق عضويتها قبل نحو 12 عاما على خلفية مواجهة النظام الاحتجاجات الشعبية بالقوة العسكرية.
 وتلقى الرئيس السوري بشار الأسد دعوة رسمية من العاهل السعودي الملك سلمان للمشاركة في القمة وينتظر أن يعطي حضوره دفعة قوية لجهود فكّ عزلة سوريا، فيما لم تتأكد بعد مشاركته من عدمها.

وقال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد خلال وصوله إلى جدّة الاثنين "هذه فرصة جديدة لنا لنقول لأشقائنا العرب إننا لا نتطلع إلى الماضي وإنما إلى المستقبل"، مضيفا "هناك الكثير من التحديات التي يجب أن نناقشها ونحشد قوانا العربية لمواجهتها منها قضية الصراع العربي الإسرائيلي ومسألة المناخ"، وفق وكالة "سانا".

ورحب أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية اليوم الأربعاء بعودة وزير الخارجية السوري إلى الجامعة العربية في مستهل الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب تمهيدا للقمة.

وكان أبوالغيط قد قال في كلمة سابقة إن "هذه الأجواء من شأنها أن تدفعنا إلى تجديد العهد والعزيمة على تفعيل مبدأ التضامن العربي لتحقيق التكامل الذي بُنيت عليه جهود تأسيس جامعة الدول العربية".

ويرى خبراء أنّ دعوة الأسد للمشاركة في قمة جدة تظهر أيضا نفوذ السعودية التي تسعى راهنا الى البروز كصانعة سلام في المنطقة، بعدما تغلّبت على اعتراضات عدد من الدول من بينها قطر لإعادة سوريا الى الحضن العربي خلال مباحثات في القاهرة مطلع الشهر الجاري.

ويقول المحلّل السعودي سليمان العقيلي إن "قمة جدة من أهم القمم من فترة طويلة لأنها ستعيد بناء المنطقة العربية بشكل يعتمد على المصالح وتحويل التحدّيات إلى فرص".

وتقول كبيرة محللي شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية آنا جاكوبس "من المهم أن نتذكّر أن عودة الأسد إلى الجامعة العربية إجراء رمزي لبدء عملية إنهاء عزلته الإقليمية"، مضيفة "من نواح كثيرة، هي بداية التطبيع السياسي، ولكن سيكون من المهم مراقبة ما إذا كان ذلك سيترافق مع تطبيع اقتصادي، لا سيما من جانب الدول العربية الخليجية".

وتابعت "ستكون القمة ناجحة إذا استطاعت إعادة إدماج سوريا في النظام العربي واتخذت موقفا قويا من النزاع في السودان واليمن".

وفي 7 مايو/ أيار الجاري أعلنت جامعة الدول العربية عودة دمشق لمقعدها بعد تجميد دام نحو 12 عاما، و"التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات فاعلة نحو حلحلة الأزمة وفقًا لمقاربة خطوة مقابل خطوة"، عقب حراك عربي قادته السعودية ومصر والأردن لوضع خارطة لحل الأزمة السورية.

وتتزامن عودة سوريا إلى الحاضنة العربية مع تغيّر في الخارطة السياسية الإقليمية بعد الإعلان عن اتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، أبرز حلفاء دمشق والذي تُعلَّق عليه آمال بإعادة الاستقرار في منطقة لطالما هزتها النزاعات بالوكالة.