قطر تدفع لترشيح قائد الجيش لرئاسة لبنان والسعودية "خارج" أي تسوية

الرياض لا تطرح مرشحا لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان ولن تكون معطلة لأي مبادرة أخرى، بينما تضغط الولايات المتحدة مستعجلة انتخاب رئيس للبلاد.
قطر تقول إنها لا تملك مبادرة في لبنان تتخطى السعودية
السعودية لا تبدي اعتراضا على مرشحين بعينهم بمن فيهم فرنجية
الرياض تركز على تصفير المشاكل وفك عزلة سوريا
بطريرك الموارنة يخطط لمشاورات مع القوى المسيحية لإقناعها بمرشح توافقي

بيروت - عادت قطر بشكل غير معلن لطرح ورقة مرشح التسوية لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، بينما تؤكد علنا على أن موقفها من هذه القضية لا يختلف عن موقف السعودية وأنها لا تملك مبادرة تتخطى المملكة أو تعمل بشكل منفصل عنها، فيما أعطت جولة السفير السعودي وليد البخاري وما نقل عنه بعد لقاءاته الأخيرة بعدد من قادة القوى السياسية والدينية، أن الرياض لا تطرح مرشحا ولن تكون معطلة لأي مبادرة أخرى تنهي شغور الرئاسة، بينما تضغط الولايات المتحدة مستعجلة انتخاب رئيس للبلاد، فيما تشير مصادر لتواصل فرنسي سعودي ضمن جهود تهدف في النهاية لغلق هذا الملف وإنقاذ البلد الغارق في أسوأ أزمة من انهيار مالي وشيك.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة 'الأخبار' اللبنانية، فإن الدوحة تميل لترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون، بينما لم تعد السعودية تبدي اعتراض على مرشحين بعينهم بمن فيهم سليمان فرنجية زعيم تيار المردة ومرشح الثنائي الشيعي: حركة أمل وحزب الله، في حين تتجه الأنظار إلى موقف الزعيم الدرزي رئيس التيار الاشتراكي التقدمي وليد جنبلاط وعدد من المستقلين السنّة.

وكان يفترض أن يلتقي البخاري بجنبلاط في إطار لقاءات أجراها مع قادة قوى سياسية ودينية، لكن وجود الأخير في الخارج رحل الاجتماع إلى وقت آخر، بينما يقول الزعيم الدرزي إن موقفه يبقى على ضوء ما سيصدر من موقف عن الرياض.

وفي المقابل فإن موقف السعودية تغير لجهة التأكيد على أنها لن تكون شريكة في أي التسوية لعقدة الشغور الرئاسي ولا معارضة لها وذلك منذ توقيع اتفاق استئناف العلاقات مع إيران وتركيزها على عودة سوريا إلى الحضن العربي وهو ما تم بالفعل اليوم الأحد وورد في البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة وإعلان إنهاء تعليق عضوية دمشق في الجامعة وإمكانية مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية التي تستضيفها المملكة في 19 مايو/ايار الحالي.

وتقول الصحيفة اللبنانية إن المسؤول القطري جاسم آل ثاني يواصل زياراته ولقاءاته بالقيادات السياسية في لبنان وأنه خلافا لما يشاع يواصل دعوة المعارضين لترشيح سليمان فرنجية لترشيح قائد الجيش للرئاسة.

ويعتبر قائد الجيش خيار التسوية كلما دخل لبنان في شغور رئاسي على مدى العقود الماضية، فباستثناء الرئيس السابق ميشال عون الذي جاء لسدة الرئاسة بتسوية العهد أو الصفقة التي أدارها حزب الله، بين عون ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري في 2016، لجأت القوى السياسية لانتخاب قائد الجيش ميشال سليمان في 2008 خلفا للرئيس الأسبق والقائد الأسبق للجيش إميل لحود بعد نحو عامين من الشغور الرئاسي.

وبعد توقيع الفرقاء اللبنانيين على اتفاق الدوحة في 21 مايو/ايار 2008 والذي عمل على إنهاء هذه الخلافات، مهد الطريق أمامه لتولي رئاسة لبنان. وانتخب رِئيسا في 25 مايو/ايار 2008 وسط حضور عربي ودولي كبير تقدمهم أمير قطر حينها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزرائه وقتها حمد بن جاسم آل ثاني.

قائد الجيش خيار تسوية محتمل لانهاء الشغور الرئاسي في لبنان
قائد الجيش خيار تسوية محتمل لانهاء الشغور الرئاسي في لبنان

وغادر ميشال سليمان قصر بعبدا في مايو/ايار 2014 تاركا وراءه أيضا فراغا دستوريا لم ينته إلا بتسوية سياسية جاءت بميشال عون لسدة الرئاسة والتي تركها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تاركا وراءه أيضا شغورا رئاسيا وخلافات بين الكتل البرلمانية حول مرشح توافقي.   

وذكرت الصحيفة اللبنانية نقلا عن مصادرها أن السفير السعودي الذي عقد لقاءات علنية وأخرى بعيدة عن الأضواء مع قادة قوى سياسية، فإن ما تغير في موقف المملكة يقتصر فقط "على إعادة تثبيت المعادلة التي كانت قائمة عام 2016 لجهة أن الرياض لا ترشّح أحدا وفي الوقت نفسه لا تضع فيتو على أحد ولا تمانع وصول من يتّفق عليه اللبنانيون".

وخلصت نقلا عن زوار البخاري أن الرياض لن تكون معنية بخوض معركة سليمان فرنجية مرشح الثنائي الشيعي أو غيره ولن تكون أيضا ضمن أي محاولة لتعطيل انتخابه.

وتمارس الولايات المتحدة من جهتها ضغوطا علنية وخفية لاستعجال الفرقاء اللبنانيين على إنهاء الشغور الرئاسي. ونُقل عن السفيرة الأميركية لدى بيروت دوروثي شيا قولها إنها حثت رئيس مجلس النواب رئيس حركة أمل نبيه بري على التعجيل بالمشاورات  ودعوة مجلس النواب لعقد جلسات مفتوحة للانتخاب.

وفشل البرلمان اللبناني في اتفاق على انتخاب رئيس للبلاد بعد 11 جلسة سابقة بسبب الخلافات والاعتراضات او عدم توفر النصاب القانوني.

ونقلت "الأخبار" عن مصادر قولها إن برّ أوضح للسفيرة الأميركية أن "الدعوة إلى عقد جلسات جديدة رهن وجود مرشح جدّي من الطرف الآخر وفي اللحظة التي يبرز فيها مرشح يعطي إشارة إلى جديّته لناحية وجود كتلة وازنة خلفه، سيدعو إلى عقد جلسات مفتوحة حتى انتخاب رئيس".

لكن التصريحات المنقولة عن بري أعطى انطباعا بأن الثنائي الشيعي ربما تخلى عن دعم زعيم تيار المردة (سليمان فرنجية) كمرشح للرئاسة، إلا أن رئيس مجلس النواب اللبناني أوضح لفرنجية، بحسب المصدر ذاته، أن الدعوة إلى نقاش جديد جول اسم المرشح للرئاسة الأوفر حظا وأكثر جدية لا تعني التخلي عنه وأن الثنائي الشيعي على موقفه الداعم له، مشددا أيضا على ايجابية الموقف السعودي لجهة إسقاط الفيتو غير المعلن على فرنجية.

وذكرت المصادر ذاتها أن باريس تواصل المشاورات من الجانب السعودي لإقناعه بدعم التسوية وأنها أبلغت فرنجية وآخرين بوجود أجواء ايجابية وأن الأمر يتطلب فقط المزيد من الوقت.

ويريد نبيه بري حسب الصحيفة اللبنانية ضمان العمل على منع تعطيل الجلسات والاستمرار في الحوار مع الكتل المترددة لحشد الأصوات لصالح سليمان فرنجية، في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى مشاورات من المقرر أن يجريها بطريرك الموارنة بشارة الراعي "لإقناع القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والمستقلين بالتوافق على اسم لا يستفزّ الطرف الآخر".

ويبدو واضحا أن المشاورات تأتي فيما يتمسك زعيم القوات اللبنانية سميع جعجع بترشيح شخصية قادرة على مواجهة حزب الله من جهة وتوجيه إشارات ايجابية لقائد الجيش العماد جوزيف عون (مرشح التسوية المحتمل في حال انهارت كل الخيارات الأخرى).

ومشاورات البطريرك الماروني لا تصطدم فقط بموقف القوات اللبنانية، فزعيم التيار الوطني الحر يعارض قطعا ترشيح قائد الجيش ويعترض في الوقت ذاته على أي مرشح لا يقبل به حزب الله على الرغم من وجود خلافات وتوترات بينهما أثر على تحالفهما  

لكن جهود الراعي تصطدم حتى الآن بموقف القوات التي تصرّ على ترشيح شخصية «قادرة على مواجهة حزب الله» وعلى الإيحاء بإشارات إلى قائد الجيش العماد جوزيف عون»، بينما يرفض التيار الوطني ترشيح قائد الجيش من الأساس، كما يرفض ترشيح أيّ شخصية لا يقبل بها حزب الله.