قمة الرياض تنتهي بلا رد واضح على خطة ترامب لتهجير سكان غزة

القاهرة لم تعلن بعد رسميا تفاصيل خطتها لإعمار غزة، لكن دبلوماسيا مصريا سابقا تحدّث عن برنامج من ثلاث مراحل ينفّذ على فترة من 3 إلى 5 سنوات.

الرياض - اختتم زعماء السعودية والإمارات والكويت وقطر ومصر والأردن اليوم الجمعة قمة مصغرة غابت عنها سلطنة عمان، وخصصت لدراسة رد موحد على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير سكان غزة دون الإعلان عن قرارات واضحة أو بيان ختامي يحدد طبيعة الرد.

وأكّد مصدر مقرب من الحكومة السعودية لوكالة فرانس برس أنّ القمة "انعقدت واختتمت بعد ظهر اليوم الجمعة"، مشيرا إلى غياب سلطنة عمان عنها، فيما لم يصدر بيان رسمي بشأن الاجتماع.

ونشرت قناة الإخبارية السعودية الحكومية صورة للمشاركين في القمة التي عقدت في الرياض، من دون أن تحدد مكانها أو جدول أعمالها.

وأظهرت الصورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومستشار الأمن الوطني الشيخ طحنون بن زايد، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وولي عهده الأمير حسين بن عبدالله، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بالإضافة إلى رئيس وزراء البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.

وانعقدت القمة في ظل مؤشرات على أنها لن تأتي بجديد ولن تكون مختلفة عن سابقاتها وأنها ستكون أقرب للضجيج منها للفعل.

وكانت السعودية سعت إلى خفض سقف التوقعات بتأكيدها الخميس أن الاجتماع هو "لقاء أخوي غير رسمي"، وقراراته ستكون ضمن جدول أعمال القمة العربية الطارئة التي ستقعد في مصر في الرابع من الشهر المقبل.

ورغم أن القمة المخففة خصصت لمناقشة خطة لإعمار غزة تشكل بديلا لمقترح ترامب بالسيطرة على القطاع وتهجير سكانه وهو الاقتراح الذي قوبل برفض عربي واسع، لكن متابعين استبعدوا في وقت سابق أن تتوج بإصدار قرارات حاسمة لمواجهة خطر التهجير الذي بات يؤرق الدول المحيطة.

وقبيل الاجتماع، جرى الحديث عن خلافات قد تشوب القمة حول من سيحكم غزة ومسألة تمويل إعادة الإعمار في القطاع المدمّر جراء الحرب بين إسرائيل وحماس، إلا أنها اكتست أهمية لكونها تعكس إجماعا عربيا نادرا على رفض تهجير الفلسطينيين في لحظة يقدم ترامب طروحات كفيلة بخلط الأوراق في الشرق الأوسط.

وقال أندرياس كريغ الخبير في قسم الدراسات الأمنية في كلية كينغز لندن في وقت سابق "أعتقد أن هذه القمة ستكون الأكثر أهمية منذ فترة طويلة جدا، وبالتأكيد منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين".

وأوضح "لأننا الآن عند منعطف تاريخي مهم للغاية في الصراع العربي الإسرائيلي أو الإسرائيلي الفلسطيني... حيث يمكن للولايات المتحدة تحت حكم ترامب أن تخلق حقائق جديدة على الأرض لا رجعة فيها، ومن شأنها أن تعيد العالم العربي ومصالحه وقيمه إلى الوراء لعقود عدة مقبلة".

وتحدثت تقارير في وقت سابق عن إمكانية لعب أوراق معينة للضغط على الجانب الأميركي مثل ملف النفط او اتفاقيات السلام لكن هذه التوقعات ليست في محلها خاصة مع حرص القادة العرب على علاقات متينة مع ادارة ترامب اضافة لاهمية اتفاقيات السلام لبعض الدول. وكانت بعض الاصوات دعت القادة العرب لتكرار خطوة حظر النفط خلال حرب 1967 او التهديد بالتراجع عن اتفاقيات السلام مع تدهور العلاقات الاسرائيلية المصرية لكن هذه التوقعات ليست في محلها بسبب اختلاف الظروف.

وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قال الأسبوع الماضي لصحافيين في واشنطن إنّ مصر ستقدّم ردّا على خطة ترامب، مشيرا إلى أنّ الدول العربية ستناقشه بعد ذلك في محادثات في الرياض.

ولم تعلن القاهرة بعد رسميا تفاصيل خطتها، لكن دبلوماسيا مصريا سابقا تحدّث عن خطة من "ثلاث مراحل تنفّذ على فترة من ثلاث الى خمس سنوات".

وأوضح السفير محمد حجازي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، وهو مركز بحثي مقره في القاهرة وعلى صلات قوية بدوائر صنع القرار المصرية، أنّ "المرحلة الأولى هي مرحلة الإنعاش المبكر وتستمر ستة أشهر" وتتضمن إزالة الركام وتوفير منازل متنقلة للسكان مع استمرار تدفّق المساعدات الإنسانية.

وأضاف "المرحلة الثانية تتطلّب عقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار التي ستحصل مع بقاء السكان على الأرض".

وتتضمن المرحلة الثالثة، وفق حجازي، "إطلاق مسار سياسي لتنفيذ حل الدولتين وحتى يكون هناك ضوء في نهاية النفق وحافز للتهدئة المستدامة".

وأفاد تقرير للأمم المتحدة الثلاثاء بأن إعادة إعمار غزة تتطلب أكثر من 53 مليار دولار، بينها أكثر من 20 مليارا خلال الأعوام الثلاثة الأولى.

وتبقى مسألة تمويل خطة بهذا الحجم والمدة المتوقعة لتنفيذها معضلة كبيرة، بالإضافة إلى مسألة شائكة جدا ألا وهي الإشراف بعد الحرب على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ 2007.

وقال دبلوماسي عربي مطلع لفرانس برس إن "أكبر تحدّ يواجه الخطة المصرية هو كيفية تمويلها"، متابعا "أعتقد من غير الجائز أن يجتمعوا ولا يخرجوا برؤية موحدة لكن الأهم محتوى الرؤية ومدى القدرة على الالتزام بها".

وتوقع المصدر المقرب من الحكومة السعودية الخميس أن "يكون هناك اتفاق" بين القادة العرب ويوفر هذا التحدي "فرصة فريدة" للسعوديين، بحسب كريغ.

وقال "أعتقد أن هذه فرصة فريدة للغاية للسعوديين لحشد كل دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى مصر والأردن... لإيجاد موقف مشترك للرد على هذا النوع من التصريحات القسرية لترامب".

وأضاف "هذه ليست استراتيجية قابلة للتطبيق، وليست سياسة قابلة للتطبيق من جانب الولايات المتحدة ولن تحدث إلا إذا وافقت عليها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على الأقل".