قمة ثلاثية تعزز تقارب العراق مع محيطه العربي

الرئيس المصري والعاهل الأردني يبحثان مع الرئيس العراقي ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي التنسيق في الملفات الإقليمية الرئيسية كالملف السوري والليبي واليمني والإيراني وفلسطين وبلورة تصور مشترك تجاه مجمل القضايا الملحة.
قمة عراقية أردنية مصرية في بغداد لبحث تعزيز التعاون
أي تهدئة بين طهران والرياض ستعود بالفائدة على العراق
بغداد تسعى لتفادي أن تحول العراق ساحة صراع بين القوى الإقليمية
السيسي أول رئيس مصري يزور العراق منذ العام 1990

بغداد - انطلقت اليوم الأحد في بغداد قمّة ثلاثية تضمّ بالإضافة إلى المسؤولين العراقيين، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كأول رئيس مصري يزور العراق منذ غزو الكويت عام 1990، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، فيما ركّزت النقاشات على التعاون الاقتصادي والأمني والتجاري بين الدول الثلاث وفي ملفات إقليمية.

وتأتي هذه القمة الثلاثية بينما يسعى العراق مؤخرا إلى أداء دور الوسيط على مستوى الشرق الأوسط وقد سبق أن استضاف محادثات إيرانية سعودية مباشرة، فيما يسعى الخصمان إلى التهدئة بعد سنوات من التوتر والقطيعة الدبلوماسية.

ويحاول العراق أن يضبط علاقاته مع حليفيه الخصمين: إيران والولايات المتحدة ويكابد لتحقيق هذه المعادلة الصعبة، فيما يمكن أن تكون القمة الثلاثية محاولة لتحصين عمقه العربي من النفوذ الإيراني والضغوط الأميركية.

وبحكم موقعه، وجد العراق نفسه عالقا في خصومات وحروب بالوكالة على أراضيه ما فاقم متاعبه القائمة منذ عقود وجعله عرضة لهزات أمنية وجيوسياسية.

وفي كلمة افتتاحية للقمة التي جمعت بينه وبين السيسي والملك عبدالله الثاني، قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إن الدول الثلاث ستواصل "التنسيق في الملفات الإقليمية الرئيسية كالملف السوري والليبي واليمني وفلسطين وبلورة تصور مشترك تجاه هذه القضايا بالتعاون والتنسيق".

وقبل بدء أعمال القمة، أجرى كل من الرئيس المصري والعاهل الأردني لقاءات ثنائية مع رئيس الوزراء العراقي والرئيس العراقي برهم صالح.

وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي للكاظمي، تناولت المباحثات مع الملك عبدالله الثاني "سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك" لا سيما "في مجال مكافحة الإرهاب ونبذ التطرف وتبني كل ما من شأنه تعزيز الاستقرار في المنطقة".

وناقش الكاظمي مع السيسي "العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون المشترك في عدد من المجالات، فضلا عن مناقشة عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك".

من جهته، وإثر استقباله نظيره المصري وملك الأردن، كتب الرئيس العراقي برهم صالح في تغريدة على حسابه بتويتر "استقبلنا الإخوة، فخامة الرئيس السيسي وجلالة الملك عبدالله. علاقاتنا الراسخة في التاريخ مُنطلق لمستقبل واعد لشعوبنا وشبابنا، رسالة بليغة وسط تحديات إقليمية جسيمة. تعافي العراق يُمهد لمنظومة متكاملة لمنطقتنا أساسها مكافحة التطرف واحترام السيادة والشراكة الاقتصادية".

وتعقد هذه القمة أخيرا بعدما أرجئت مرتين، الأولى عندما وقع حادث تصادم القطارين الدامي في مصر في مارس/اذار والثانية اثر قضية "زعزعة الاستقرار" في الأردن في ابريل/نيسان.

وهي ثالث قمة بين هذه الدول الثلاث بعد القمة الأخيرة التي عقدت في عمان في أغسطس/اب 2020، فيما أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري أن مصر تتطلع لاستضافة القمة الرابعة بين بغداد والقاهرة وعمان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه الأردني والعراقي في بغداد.

وزار الملك عبدالله الثاني العراق مطلع العام 2019 للمرة الأولى منذ عشر سنوات، فيما بات السيسي أول رئيس مصري يزور العراق منذ غزو نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين السابق للكويت في العام 1990 وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن العلاقات تحسنت بشكل كبير خلال السنوات الماضية.

وتسعى بغداد إلى تحقيق تقارب بين حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أي السعودية والأردن ومصر، وتدعم أيضا عودة سوريا إلى الجامعة العربية. والتقى وفدان إيراني وسعودي في ابريل/نيسان في بغداد التي تسعى إلى أن تتحول إلى وسيط إقليمي قوي لتفادي أن يصبح العراق ساحة صراع بين القوى الإقليمية.

وقال المحلل السياسي إحسان الشمري، إن العراق يسعى من القمة الثلاثية إلى "تثبيت سياسته الخارجية في ما يرتبط بالمحيط والمنظومة العربية وتعويض ما يمكن أن يكون ورقة ابتزاز من قبل دول إقليمية وبالتحديد إيران".

واعتبر أن هذه القمة أيضا "رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن العراق لن يكون أحادي العلاقة مع إيران على حساب الدول الأخرى"، فيما يتوقّع أن يجري رئيس الوزراء العراقي زيارة للولايات المتحدة لم يحدد موعدها بعد، كما أعلن المتحدث باسمه قبل أيام.

وقطعت الرياض وطهران علاقاتهما الدبلوماسية قبل خمس سنوات ما زاد من حدة التوتر في المنطقة.

ومن شأن أي تهدئة بين طهران والرياض أن تعود بالفائدة على العراق الذي لا يزال يشهد هجمات بالصواريخ أو بعبوات ناسفة تنفذها بوتيرة أسبوعية فصائل تعد ورقة بيد إيران تستخدمها في كل مفاوضات مع بغداد، بحسب مسؤولين عراقيين.