قمع لا يهدأ يبدد آخر أمل لتركيا بالانضمام للاتحاد الأوروبي

سجل الرئيس التركي في قمع معارضيه وانتهاك الحريات وحقوق الإنسان تلقي بظلال ثقيلة على اجتماع الاتحاد الأوروبي وتجعل مساعي انضمام أنقرة للتكتل أبعد ما يكون.

مفوض العضوية بالاتحاد الأوروبي يطالب بوقف المحادثات مع تركيا
تركيا تتمسك بالعضوية في الاتحاد الأوروبي
عامان مرا على الانقلاب الفاشل بتركيا لكن حملات القمع لم تتوقف
المفوض ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد يزوران تركيا

أنقرة - أثارت حملة الاعتقال التي شنتها الشرطة التركية يوم الجمعة وجاءت قبل أيام من إجراء تركيا محادثات مع الاتحاد الأوروبي، القلق في الغرب وعززت الاعتقاد بأن حملة أنقرة الطويلة لم تسحق مناوئي الرئيس التركي فحسب وإنما بددت أيضا آخر أمل لتركيا في الانضمام للتكتل الأوروبي.

ومن المتوقع أن تثير مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ومفوض شؤون التوسعة يوهانس هان قضية النشطاء خلال محادثات في أنقرة غدا الخميس مع وزير الخارجية التركي.

المعارضة داخل الاتحاد الأوروبي لعضوية تركيا تزداد يوما بعد آخر بسبب الحملة على منتقدي اردوغان منذ الانقلاب الفاشل في 2016

ولا تزال أنقرة تقول إن عضوية الاتحاد الأوروبي أحد أهدافها الإستراتيجية العليا، لكن هان قال عدة مرات إن الأمانة تقتضي إنهاء محادثات الانضمام ومحاولة إبرام شراكة بديلة بين تركيا والاتحاد.

وزادت المعارضة داخل الاتحاد الأوروبي لعضوية تركيا جراء حملة أنقرة على منتقدي اردوغان منذ الانقلاب الفاشل في 2016 ومخاوف من تحول تركيا على نحو أكبر صوب حكم الرجل الواحد.

وقبل أيام وصلت الشرطة التركية إلى منزل يجيت أكساك أوغلو قبل الفجر فأيقظت أسرته الصغيرة واعتقلته مع 12 آخرين من الأكاديميين والنشطاء المتهمين بالتحريض على احتجاجات حاشدة للإطاحة بحكومة الرئيس رجب طيب اردوغان.

وقال محامي أكساك أوغلو إنه أحد 13 شخصا اعتقلتهم السلطات يوم الجمعة بتهمة دعم محاولات رجل الأعمال المسجون والمحامي الحقوقي عثمان كافالا لإحياء الاحتجاجات الحاشدة التي شهدتها حديقة غازي باسطنبول في 2013 والتي تحولت إلى غضب شعبي ضد حكم اردوغان.

وطرقت الشرطة باب منزله في الساعة السادسة صباحا. وقال محاميه أسلي كازان "دخل ضابطان يرتديان زي العمليات الخاصة وستة آخرون بملابس مدنية المنزل واقتادوا يجيت إلى مقر الشرطة".

وأدلى بشهادته لعشر ساعات قبل اعتقاله رسميا وحبسه. وأطلقت السلطات سراح الاثني عشر شخصا الآخرين، لكن محامي أكساك أوغلو قال إنه حاليا في حبس انفرادي بسجن سيليفري قرب اسطنبول.

سياسات اردوغان تدفع تركيا ابعد ما يكون عن الانضمام للاتحاد الأوروبي
سياسات اردوغان تدفع تركيا ابعد ما يكون عن الانضمام للاتحاد الأوروبي

وفي نفس اليوم الذي اعتقل فيه أكساك أوغلو، ذكرت وسائل إعلام تركية أن ممثلي الادعاء أمروا باعتقال 188 شخصا، بينهم 100 من أفراد سلاح الجو السابقين بسبب صلات برجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب في 2016.

ومنذ الانقلاب الفاشل جرى سجن أكثر من 77 ألف شخص على ذمة المحاكمة ولا تزال حملات الاعتقال الواسعة تحدث بصورة دورية، فيما أوقفت السلطات عن العمل أو عزلت 150 ألفا من موظفي الحكومة والعسكريين.

وكان وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أبلغ البرلمان الأسبوع الماضي بأنه جرى عزل نحو ربع دبلوماسي تركيا.

وقال في الخطاب نفسه إن عضوية الاتحاد الأوروبي الكاملة لا تزال "جزءا لا يتجزأ من هدفنا المستقبلي لتركيا حديثة تدعم التغيير السياسي والاجتماعي".

وتقول تركيا إن نطاق الحملة تبرره جسامة الأحداث التي وقعت في 15 يوليو/تموز عندما قاد جنود مارقون دبابات وطائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر وقصفوا البرلمان ومقار حكومية في محاولتهم لانتزاع السلطة.

وفي يوليو/تموز من هذا العام رفعت الحكومة رسميا حالة الطوارئ التي فرضتها على مدى عامين بعد الانقلاب، لكن منتقدين يقولون إن اردوغان احتفظ بمعظم تلك السلطات في ظل الرئاسة التنفيذية التي دخلت حيز التنفيذ عندما فاز بالانتخابات في يونيو/حزيران.

وتوترت العلاقات مع ألمانيا، القوة الرئيسية بالاتحاد الأوروبي، بشدة في العامين الماضيين. ونددت برلين بالحملة بما في ذلك اعتقال عشرات المواطنين الألمان. وشبه اردوغان الحكومة الألمانية بنظام النازي.

حملة التطهير في تركيا ذهبت إلى ابعد من محاسبة الانقلابيين
اردوغان وظّف محاولة الانقلاب الفاشل في 2016 لقمع منتقديه وخصومه السياسيين

وفي ظل الأزمة التي شهدتها العلاقات التركية الأميركية هذا العام، مما هوى بالليرة التركية في أغسطس/آب، سعت حكومة اردوغان إلى إعادة بناء الجسور مع أوروبا.

وقام الرئيس التركي بزيارة دولة إلى ألمانيا في سبتمبر/أيلول، ووافقت هولندا على تطبيع العلاقات بعد أزمة دامت عاما، إلا أن زيارته لبرلين خففت من حدّة التوتر من دون أن تنهيه وأبقت على حالة القلق الغربي من سجل اردوغان في انتهاك الحريات وقمع معارضيه بذريعة الإرهاب أو المشاركة في الانقلاب الفاشل.

وقال دبلوماسي بالاتحاد الأوروبي، إن أي تحسن حقيقي سيستغرق وقتا، مضيفا "لا يمكنك أن تغير بضغطة زر فحسب. عليك إعادة الأمور إلى مسارها صوب علاقات أفضل".

واتخذت تركيا أيضا خطوات محدودة لرأب الصدع مع الولايات المتحدة الذي نجم في جانب منه عن احتجاز مواطنين أميركيين وموظفين قنصليين.

وأشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقرار محكمة تركية بإطلاق سراح قس أميركي الشهر الماضي مما دفع الجانبين أيضا إلى رفع عقوبات رمزية على وزراء بالحكومتين الأميركية والتركية.

لكن الخلافات الحادة بشأن سوريا والعقوبات الأميركية على إيران وخطط تركيا العضو بحلف شمال الأطلسي لشراء منظومة دفاع صاروخي روسية لا تزال عقبة أمام إعادة بناء الثقة مع واشنطن.

وقال مسؤول بالاتحاد الأوروبي إنه من المهم "إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة" مع تركيا، خافضا سقف التوقعات قبل محادثات الغد في أنقرة.

ويسير العمل ببطء نحو إعفاء المواطنين الأتراك من الحصول على تأشيرة دخول الاتحاد الأوروبي، بل إن الهدف المتواضع الخاص بتحديث اتفاق الجمارك لا يزال معطلا بعدما نادت دول أعضاء في الاتحاد بضرورة تعليق العمل.

وقال مسؤول الاتحاد الأوروبي إن قرار تلك الدول مرتبط بمخاوف بشأن سيادة القانون وحقوق الإنسان في تركيا، مضيفا "ندرك بالفعل مخاوف تركيا ولا نريد أن نمنعها من مكافحة الإرهاب".

لكنه أوضح أنه "إذا سجنت المدونين أو الصحفيين لأنهم يقولون شيئا ما، فساعتها سيصبح الأمر مشكلة".