قناعة أميركية راسخة بحزم السعودية في محاسبة قتلة خاشقجي

وزير الخارجية الأميركي يؤكد أن الرياض لم تتخل منذ البداية عن هدف التعاطي الشفاف مع قضية خاشقجي ومحاسبة كل المتورطين في الجريمة.

لا تهاون سعوديا مع قتلة خاشقجي ولا تراخيا في محاسبة المقصرين
لاءات سعودية ثابتة تقطع الطريق على تسييس أو تدويل قضية خاشقجي
تعاطي واضح مع قضية خاشقجي يفشل حملة مغرضة ضد المملكة

الرياض - جدّد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي يقوم بجولة في المنطقة شملت عددا من الدول العربية والخليجية وكانت الرياض أحدث محطاتها، التزام المملكة بمحاسبة المتورطين في مقتل الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

وأضاف الوزير الأميركي الذي أنهى لتوه زيارة للرياض "توقعاتنا واضحة للغاية. التزام مستمر بمواصلة ملاحقة كل هؤلاء المرتبطين" بمقتل الصحافي السعودي، مؤكدا أن السعوديين لم يتخلوا عن هذا الهدف "منذ المرة الأولى التي أجرينا فيها محادثات" بهذا الشأن.

واتخذت السعودية بالفعل إجراءات قانونية بحق 18من المشتبه بتورطهم في الجريمة وأقالت ستة مسؤولين، فيما بدأت في نهاية العام الماضي أول جلسة محاكمة طالب فيها المدعي العام بالإعدام لخمسة من المتهمين.

ووضعت الرياض القضية ضمن مسارها القانوني والجنائي قاطعة بذلك الطريق على محاولات تركية وقطرية لتسييسها أو تدويلها، لكن ما أن يخفت ضجيجها حتى تعيد أنقرة إثارتها في محاولة لإبقاء الضوء مسلطا على الرياض لأهداف سياسية واقتصادية.

ورفضت المملكة محاولات الابتزاز في هذه القضية ودفع تركي لإخراجها عن مسارها كما رفضت طلبا تركيا بتسليم متهمين لأنقرة.

وقال بومبيو الاثنين للصحافيين بعد زيارته إلى الرياض إن "ولي العهد والملك سلمان الذي تحدثت معه بهذا الشأن، يُقرّان بضرورة المحاسبة وقد أشارا إلى العملية الجارية وكررا التزامهما" في هذه المسألة.

ويزور بومبيو السعودية في إطار جولة في الشرق الأوسط كان يفترض أن تشمل دول الخليج الست، لكنه اضطر لاختصارها وعدم التوجه إلى الكويت كما كان مقررا لاضطراره لحضور جنازة عائلية في بلده، كما أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ناقشا عدة قضايا بما فيها قضية خاشقجي
مباحثات مثمرة بين الرياض وواشنطن في زيارة بومبيو للسعودية

وهذه هي الزيارة الثانية للمسؤول الأميركي إلى السعوديّة منذ مقتل خاشقجي داخل القنصليّة السعوديّة في اسطنبول أوائل أكتوبر/تشرين الأوّل 2018. وقد سلطت تلك القضية ضغوطا دوليا على المملكة، لكن الإجراءات التي اتخذتها السلطات السعودية نجحت إلى حدّ الآن في تجاوز تداعياتها.

والتقى الوزير الأميركي صباح الاثنين بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ثم التقى بولي العهد. واستمر اللقاء مع الأمير محمد لمدة 45 دقيقة.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية على صفحتها بتويتر إن الوزير بومبيو ناقش خلال اجتماعه بالأمير محمد العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية اضافة إلى قضية خاشقجي والملف اليمني. وأكد بومبيو على أن الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في اليمن.

وفي زيارته السابقة، بعد اختفاء خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018، بدا بومبيو والأمير محمّد مبتسمَين خلال لقائهما.

وبدأت محاكمة 11 موقوفا في القضيّة في السعودية في 3 يناير/كانون الثاني. وطالب النائب العام بالإعدام لخمسة منهم لم يكشف هوّياتهم، فيما فرضت واشنطن عقوبات على 17 مسؤولا سعوديا على خلفيّة القضية.

وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على مقتله، لم يُعثر بعد على جثة خاشقجي ولا تزال تساؤلات تحيط بهوّية من أمر بالعمليّة التي نفّذها فريق من 15 سعوديا.

واعترفت السلطات السعوديّة بأنّ الصحافي فارق الحياة نتيجة جرعة زائدة من المخدّر قبل أن يتم تقطيع جثّته في القنصلية، لكنها نفت في المقابل أيّ علاقة لولي العهد الأمير محمد بمقتل خاشقجي.

وسعت أطراف خارجية لاستغلال هذه القضية لزيادة الضغوط على المملكة لجهة التشويش على جهودها الإقليمية والدولية في مكافحة الإرهاب والتصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

ودافع الرئيس الأميركي بشدّة عن العلاقات مع السعودية التي وصفها بأنها علاقات إستراتيجية وثيقة، فيما جدّد بومبيو في مقابلة مع قناة العربية يوم السبت تأكيده على أن العلاقات مع الرياض أكبر من أن تهزّها قضية خاشقجي، لكنه شدد في المقابل على ضرورة محاسبة المتورطين فيها.

وأوضح بومبيو الاثنين أنه أثار مع القيادة السعودية قضايا أخرى من ضمنها قضايا حقوق الإنسان، فيما تخطو المملكة المحافظة نحو انفتاح اجتماعي أوسع جسدته الخطة الطموحة التي يشرف عليها ولي العهد السعودي والتي تشمل افتتاح قاعات سينما ومدن ترفيهية وتعزيز قطاع السياحة إلى جانب مسار اقتصادي أوسع أيضا يشمل تنويع مصادر الدخل من خارج قطاع الطاقة.

في الدوحة حيث التقى بومبيو بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، سعى الوزير الأميركي إلى دفع المصالحة الخليجيّة، مشددا على أن حل الأزمة أمر حيوي بالنسبة للتحالف الشرق أوسطي في مواجهة خطر إيران.

وتُحاول الولايات المتحدة منذ عام ونصف العام من دون جدوى، إقناع السعودية وقطر بتجاوز الأزمة بينهما، بهدف التركيز على الهدف الأهم لواشنطن في المنطقة وهو التصدّي للنفوذ الإيراني.

وتبدي أطراف الأزمة استعدادها للحوار، لكن ثمة نقاط عالقة حالت دون المصالحة بعد أن رفضت الدوحة الاستجابة لقائمة من المطالب الخليجية والعربية من أبرزها توقف قطر عن سياسة دعم وتمويل الإرهاب والتقارب مع إيران وأيضا كبح المنصات الإعلامية القطرية التي تروج للتطرف.

وكشف بومبيو أن المصالحة بين قطر ودول المقاطعة: السعودية والإمارات والبحرين ومصر، تبدو بعيدة في الوقت الراهن.

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بحث مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد حل الأزمة والوحدة الخليجية
أزمة قطر على رأس مباحثات مايك بومبيو والشيخ تميم بن حمد آل ثاني

وقال الوزير الأميركي في مؤتمر صحافي مع نظيره القطري الشيخ محمد عبدالرحمن آل ثاني في الدوحة إنّه ركز "على أهمّية الوحدة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي. الرئيس ترامب وأنا نعتقد أنّ الخلاف دام وقتا طويلا جدا".

وأضاف "نحن جميعا أقوى عندما نعمل سويا، حين نواجه تحدّيات مشتركة في المنطقة وحول العالم"، بدءا بإيران.

وبالنسبة إلى واشنطن، فإنّ إنهاء هذه الأزمة أمر حيوي لنجاح خطتها بتشكيل تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط لمواجهة إيران، يضم إضافة إلى دول الخليج مصر والأردن.

وتتعرض الإدارة الأميركية لضغوط من قبل الكونغرس الذي يطالب بوقف الدعم اللوجستي الأميركي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.

واتهم بومبيو الإثنين المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران بعدم احترام بنود اتفاق السويد الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي برعاية الأمم المتحدة حول هدنة في ميناء الحديدة الاستراتيجي.