'كانو' ينكأ جرح عمالة الأطفال في الهند
الرباط - يواصل المخرج الهندي سانجاي سانوال تحقيق النجاح في عالم صناعة الافلام القصيرة بخبرة تزيد عن 20 عامًا في الإنتاج والكتابة وصناعة الأفلام، بينما يحصد الجوائز الدولية بأفلامه التي تتناول قضايا اجتماعية وإنسانية، إذ حقق أكثر من 50 جائزة عالمية. ومثل فيلمه الأخير "كانو"، على قضايا حساسة كتشغيل الأطفال، الذي حصد أكثر من عشرين جائزة دولية وعُرض في مهرجانات مرموقة، وفي هذا السياق كان "لميدل ايست اونلاين" حوار مع المخرج الهندي سانجاي سانوال حول هذا الانجاز وفيما يلي نص الحوار:
بدأت مسيرتك المهنية كفنان لوحات تصويريو، كيف أثرت هذه التجربة على نهجك في الإخراج وصناعة الأفلام؟
نعم، فخلال سنوات دراستي فزت بالعديد من مسابقات الرسم المحلية، وبعد ذلك انتقلت إلى مومباي، وكان الرسم هو الفن الوحيد الذي كنت أملكه كمصدر للرزق هناك، وبناءً على نصيحة بعض المخلصين بدأت العمل مع بعض صانعي الإعلانات التجارية، إذ تمكنت من إظهار موهبتي في الرسم، وهذا ساعدني على التحول بسرعة نحو ابتكار الأفكار وإخراج الأفلام، وكانت هذه موهبة إضافية مخفية لدي منحتني فرصة للظهور، ولاحقًا قمت بإخراج بعض الأفلام الإعلانية التي لاقت تقديرًا كبيرًا في سوق الإعلانات في الهند.
يتناول فيلم "كانو" قضية تشغيل الأطفال، فما الذي ألهمك لإنشاء فيلم يركز على هذه القضية الاجتماعية؟
هناك سببان، الأول هو أن جزءًا من القصة يعكس تجربتي الشخصية أثناء قيامي برحلة مشي مع أطفالي في مسقط رأسي نينيتال، في ولاية أوتاراخاند الهندية، إذ يتضمن الفيلم جزءًا من تلك التجربة، أما الباقي فهو من خيالي عن تشغيل الأطفال، أما السبب الثاني للإلهام فهو أن تشغيل الأطفال يمثل مشكلة خطيرة في الدول النامية والمتخلفة، ومع أن الحكومة الهندية سنت قوانين صارمة ضد تشغيل الأطفال، وهو ما جعل هذا العمل جريمة خطيرة وساهم بشكل كبير في تحسين الأوضاع مقارنة بالماضي، إلا أن المشكلة ما زالت قائمة على المستوى العالمي.
كيف تشعر باعتراف العالم بفيلم "كانو" بعد حصوله على أكثر من عشرين جائزة عالمياً؟ وما الأثر الذي تأمل أن يتركه على الجماهير في جميع أنحاء العالم؟
نعم، إنه نجاح كبير بالنسبة لي كمخرج وكاتب للفيلم، وللفريق بأكمله الذي حصل على هذا العدد الكبير من الجوائز عالمياً، فجميع أعضاء الفريق من فنانين ومبدعين وتقنيين، يشعرون بالسعادة بسبب هذا النجاح، أما لآن تتوجه أنظارنا إلى جائزة "دادا فيلكه" في الهند، فالفيلم يحمل قصة مؤثرة للغاية وسيناريو متصل بالمشاعر، خصوصاً في المشهد الذي يظهر فيه "كانو" الطفل العامل وهو طفل بريء يزور جدته المريضة ويخبرها أنها لن تموت لأنه يعمل بجد لضمان نجاح المطعم الذي يديرانه معاً، حيث يحرص على تقديم كل زبون بأفضل طريقة، وأعتقد أن الرسالة المناهضة لعمالة الأطفال وصلت بشكل جيد إلى الجماهير حول العالم، وبالمناسبة "كانو" ليس الفيلم الوحيد الذي قمت بإخراجه، فقد قدمت أفلاماً أخرى تتناول قضايا اجتماعية، منها فيلم "بونام"، الذي يتناول رعاية كبار السن، والذي شارك فيه نجوم كبار من مومباي مثل راجيت كابور، ميتا فاشيشث وغيرهم، ويمكن مشاهدة الفيلم كاملا على يوتيوب تحت اسمي.
تم عرض الفيلم في عدة دول كأستراليا واليابان والولايات المتحدة، فكيف استجابت الجماهير المختلفة ثقافياً لرسالته؟
تشغيل الأطفال لا تزال قضية عالمية، ورغم أنها منتشرة بشكل أكبر في الدول النامية، إلا أنها تمس الإنسانية في كل مكان، ونحن اليوم بمثابة عائلة عالمية واحدة، فالرسالة التي يحملها الفيلم قوية للغاية، ويمكن ان يكون هذا هوجعل الجماهير في البلدان المتقدمة أيضاً تشعر بمدى أهمية هذه القضية.
بالنظر إلى تقديم "كانو" في مهرجانات مرموقة مثل كان وتورونتو وفينيسيا، ما هي استراتيجيتك في استهداف هذه المنصات؟ وكيف تعتقد أنها يمكن أن تضخم رسالة الفيلم؟
بدعم من شبكة عالمية من صانعي الأفلام والموزعين وخبراء التسويق، اتبعت نهجاً عملياً يستند إلى التحديثات والبحث عبر الإنترنت قبل تقديم فيلم "كانو" إلى تلك المهرجانات المرموقة المذكورة، نعم إذا حظي الفيلم باعتراف أي من هذه المهرجانات، كان من الممكن أن يسهم ذلك في رفع مستوى الوعي حول قضية تشغيل الأطفال على نطاق أوسع، وبالتأكيد كان الجمهور سيزداد عالمياً وكان ذلك سيعزز أيضاً من مكانتي كمخرج.
باعتبارك مخرجاً مكرساً لمعالجة القضايا الاجتماعية، ما هي التحديات التي تواجهها في إنتاج أفلام إنسانية؟
في صناعة الأفلام هناك دائماً قضيتان أساسيتان تشكلان تحديا، كجمع التمويل وبيع الأفلام، وعند إنتاج فيلم طويل يكون لديك منصة لإطلاقه ولكن في حالة الأفلام القصيرة، لا توجد جهات شراء أو منصات تحقق عوائد مالية، وهذا يسبب إحباطاً دائماً، فأنا حالياً أواجه هذا التحدي وأبحث عن عملاء يمكنهم شراء حقوق الفيلم على الأقل لتغطية تكاليف الاستثمار، أما بالنسبة للترويج فإن المهرجانات السينمائية والجوائز تمثل منصات رائعة للترويج بلا شك.
أنت تبحث حاليًا عن مستثمرين لمشاريعك القادمة. هل يمكنك مشاركة المزيد عن هذه الأفلام المستقبلية والمواضيع التي تخطط لطرحها؟
نعم، أنا أبحث عن مستثمرين لأحد أفلامي المخصصة لمهرجان كان، وموضوع الفيلم هو التبرع بالاعضاء، وأحتاج إلى 15,000 دولار أميركي لإنتاجه، كما أنني أعمل على مشروع فيلم طويل منذ عدة سنوات، وهو فيلم رومانسي مثير حول قاتل متسلسل، وأبحث عن حوالي 3 ملايين دولار أميركي لهذا المشروع، ولدي صيغة تجارية مبتكرة خاصة بي لإدارة الأعمال السينمائية، حيث أستلم التمويل من المستثمر، وأنتج الأفلام مع فريق إنتاج سينمائي كامل في مومباي، وبعد الانتهاء من الفيلم نقوم ببيعه ويسترد المستثمر كامل المبلغ المستثمر، وبعد ذلك نتقاسم الأرباح بنسبة 50% لكل طرف.
فيلم التبرع المخصص لمهرجان كان يمكن أن يحقق تأثيرًا كبيرًا، حيث إن الفكرة جذابة جدًا والرسالة قوية للغاية، كما أن تكلفة الإنتاج صغيرة جدًا، إذ من المعروف أن تكلفة الإنتاج السينمائي في الهند منخفضة مع جودة عالمية.
برأيك، ما الدور الذي تلعبه الأفلام القصيرة في زيادة الوعي وتحفيز العمل على القضايا الاجتماعية مقارنة بالأفلام الطويلة؟
لا أعتقد أن الأفلام الطويلة تستهدف إنتاجها لنقل الرسائل، فهي تركز على الترفيه فقط، أليس كذلك؟ أما الأفلام القصيرة، فهي دائمًا ما تركز على إيصال رسالة،ـ ولكن للأسف لا توجد منصات عرض مخصصة للجمهور لمشاهدة الأفلام القصيرة التي تتميز بجودة إنتاجية عالية ورسائل توعوية. حتى أغلب منصات البث ترفض عرض الأفلام القصيرة! فيوتيوب يعد منصة يمكن من خلالها عرض هذه الأفلام، ولكن تحقيق أرباح منها أمر معقد وغير مشجع.
وأطلب من الحكومات العالمية والمنظمات غير الحكومية شراء حقوق هذه الأفلام وعرضها عبر الإنترنت (وسائل التواصل الاجتماعي) وفي دور السينما، وهناك العديد من الأفلام القصيرة الحائزة على جوائز مثل فيلمي "كانو" الذي يتناول قضية عمالة الأطفال، فتكاليف إنتاج هذه الأفلام دائمًا ما تكون صغيرة جدًا.
كيف توازن بين الجوانب الفنية لصناعة الأفلام والضرورات التجارية، خاصة عند تناول مواضيع حساسة مثل عمالة الأطفال؟
بالنسبة لي، دائمًا ما أركز على الفن والتقنيات عند صناعة الأفلام.، وعندما يقوم صانع الأفلام بإنتاج فيلم يستهدف الجوائز والمهرجانات السينمائية، فإنه يجب أن يركز على الجوانب الفنية لصناعة الفيلم بدلاً من الجانب التجاري، لأن تقييم الفيلم يعتمد على هذه الجوانب.
ما النصيحة التي تقدمها لصانعي الأفلام الناشئين الذين يطمحون إلى إنتاج أفلام مؤثرة تتناول القضايا الاجتماعية؟
أولاً وقبل كل شيء، يجب على صانعي الأفلام الناشئين التفكير في بناء ملف شخصي غني لأنفسهم، ويمكنهم التركيز على المهرجانات السينمائية والجوائز، وبمجرد أن يصبحوا معروفين كصانعي أفلام، يمكنهم التوجه نحو قطاع الأفلام التجارية، كما أنصحهم إذا أتيحت لهم فرصة صناعة فيلم تجاري بأن يركزوا على تحقيق النجاح التجاري بدلاً من التركيز على الجوانب الفنية، قد تبدو النصيحة صريحة للغاية، لكنها برأيي الخطوة الصحيحة.