كتيبة فرنسية إيطالية لوقف تدفق المهاجرين وبريطانيا تطالب بالتشدد

الحكومة البريطانية تدعو فرنسا إلى تشديد إجراءاتها لمكافحة عبور المهاجرين غير القانوني باتجاهها على متن قوارب صغيرة، معتبرة أنّ العدد "غير مقبول".
رقم قياسي للمهاجرين في فترة حساسة جراء تفشي فيروس كورونا
لامبيدوسا رمز لغضب اليمين المتطرف الإيطالي تجاه المهاجرين
وزيرة الداخلية الإيطالية تزور تونس وتعلن تولي الجيش حراسة مراكز الإيواء

باريس ـ أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان من روما أن فرنسا وإيطاليا ستشكلان كتيبة مختلطة على حدودهما لمكافحة قنوات المهربين الذين ينقلون المهاجرين عبرها في وقت تزايدت فيه وتيرة الهجرة عبر المتوسط في الأشهر الأخيرة وسط مخاوف من الموجة الثانية لفيروس كورونا المستجد.

وأكد دارمانان بعد محادثات مع نظيرته الإيطالية لوتشيانا لامورغيزي الجمعة في إيطاليا أن "هذا الأمر يشكل نقطة مهمة جدا في محاربة العبور الحدودي من مهاجرين غير شرعيين" من منطقة فينتيميليا على الجانب الإيطالي إلى منطقة منتون على الجانب الفرنسي.

وهناك دوريات مشتركة بين شرطة الحدود في البلدين، لكن هذه الكتيبة المتكاملة ستجمع للمرة الأولى وضمن هيكلية محددة قوات إيطاليين وفرنسيين تحت قيادة واحدة، كما أوضح محيط الوزير.

وما زال الإطار القانوني وموقع تمركز الكتيبة التي ستبدأ العمل في غضون شهرين أو ثلاثة، قيد المناقشة.

وكانت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا اتفقت في أيلول/سبتمبر على آلية موقتة تقوم على الخدمة التطوعية لتوزيع المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر، لكن عددا قليلا فقط من الدول مثل البرتغال ولوكسمبورغ وإيرلندا انضمت إلى هذه المبادرة.

وتم تعليق الآلية بسبب فيروس كورونا المستجد الذي زاد من وتيرة مراكب المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط وسط انشغال الحكومات في التصدي للأزمة الصحية.

وقال دارمانان "تم تعليق اتفاق مالطا لكن هناك العديد من القوارب التي وصلت إلى الأراضي الإيطالية واليوم يجب على جميع الدول الأوروبية أن تفعل ما فعلته فرنسا وألمانيا".

وأضاف "في الوقت نفسه يجب أن نكون قادرين على توزيع طالبي اللجوء عند وصولهم إلى إيطاليا".

وبحسب أرقام الحكومة الإيطالية، فإن قرابة نصف المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا هذا العام حتى 24 تموز/يوليو والبالغ عددهم 11191، انطلقوا من تونس وبينهم قرابة أربعة آلاف مواطن تونسي.

ووفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن أكثر من ألفي مهاجر وصلوا الأسبوع الماضي فقط، أي أكثر من ضعف العدد الذي وصل الأسبوع الذي سبق.

وأكدت وزارة الداخلية الإيطالية أن الأزمة الاقتصادية في شمال إفريقيا الناجمة عن وباء كوفيد-19 "أجّجت تدفقاً استثنائياً للمهاجرين الاقتصاديين"، فيما جعل الفيروس مسألة إدارة عمليات وصول المهاجرين اليومية الكثيرة أكثر تعقيداً.

وقالت وزيرة الداخلية لوتشيانا لامورغيسي التي زارت الآسبوع الماضي تونس إن الجيش سيتلوى حراسة مراكز إيواء المهاجرين وإن سفينتين تتسع كل واحدةٍ لـ600 راكب ستصبحان متوفرتين للمهاجرين الذين يخضعون للحجر.

والتزم رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي الصمت بشأن مسألة المهاجرين الذين وصلوا مؤخراً، ما يعكس التوتر داخل ائتلافه الحكومي، بين حركة خمس نجوم التي غالباً ما تكون مواقفها أقرب لمواقف الرابطة، والحزب الديموقراطي الذي يعارض هذه المواقف بحزم.

ال
مخاوف من انتشار الوباء بشكل أكبر في مراكز الإيواء

وأكد صيّاد السمك على جزيرة لامبيدوسا إزيو بيليسي أن الصيادين الإيطاليين الذين يلتقون قوارب مهاجرين على مسافة تفوق الـ12 ميلاً بحرياً من السواحل الإيطالية، "ينبغي عليهم النظر إلى مكان آخر" وترك المهاجرين هنا، حتى لو كان ينقصهم الوقود والمياه.

وتحت أشعة الشمس الحارقة، يلتقي بيليسي وسط البحر قارباً يقلّ مهاجرين ويطلب المساعدة، لكن على مدى ساعات، الإجابة الوحيدة التي حصل عليها من جانب السلطات المحلية هي "انتظروا التعليمات".

وقال الصياد الإيطالي "لكن لا يمكنني فعل ذلك، لا يمكنني. يجب إنقاذ الأرواح في البحر. نقطة على السطر".

وتلخّص هذه الحادثة المعادلة قبالة السواحل الإيطالية: في وقت تندد المنظمات غير الحكومية بالعقبات المفتعلة بحسب قولها أمام وصول المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط، ينتقد اليمين المتطرففي إيطاليا ردّ الحكومة "المتساهل" في فترة تُعتبر أكثر حساسية جراء تفشي فيروس كورونا المستجدّ.

ومعظم المهاجرين الذين يصلون هم من تونس التي تعاني من معدّل بطالة مرتفع وعدم استقرار سياسي.

لكن إيطاليا وختى فرنسا لديهما مشاكلهما الخاصة إذ إن الأرقام التي نُشرت الجمعة تُظهر أن بلدان الاتحاد الأوروبي بصفة عامة في ركود اقتصادي، الأمر الذي يثير استياءً تجاه المهاجرين الذين يُعتبرون مهاجرين اقتصاديين.

تتهم الشخصية الصاعدة في اليمين المتطرف الإيطالي جورجيا ميلوني، زعيمة حزب "فراتيلي ديطاليا" (أشقاء إيطاليا)، الائتلاف الحكومي المؤلف من حركة خمس نجوم والحزب الديموقراطي - وسط يسار) بأنه عزل الإيطاليين في الربيع ويترك الآن المهاجرين يتنقلون كما يحلو لهم.

وقالت أمام البرلمان "تلاحقون الناس بوقاحة على الشواطئ عبر طائرات مسيّرة، والآن تسمحون لآلاف المهاجرين غير القانونيين بالدخول إلى إيطاليا (...) وانتهاك الحجر الصحي".

وأثارت عدة حلقات فرار من مراكز إيواء مكتظة في الأيام الأخيرة الخشية لدى السكان المحليين من احتمال أن ينشر مهاجرون لم يحترموا الحجر، الفيروس في أنحاء إيطاليا.

وتعتبر رئيسة بلدية لامبيدوسا السابقة جيوسي نيكوليني التي فازت بجائزة الأونيسكو للسلام مطلع العام 2017 لجهودها تجاه المهاجرين، أنه "لا توجد أزمة".

وقالت في مقابلة مع صحيفة "لا ستامبا" هذا الأسبوع "يقولون إن (المهاجرين) يغزوننا لأغراض سياسية".

وأجّجت صورة انتشرت بشكل واسع تُظهر عائلة تونسية يعتمر أفرادها قبعات من قشّ ويحملون حقائب ذات عجلات ويصلون على متن قارب مع كلبهم، حملة اليمين المتطرف ضد المهاجرين.

وقال ماتيو سالفيني زعيم حزب الرابطة (يمين متطرف) الذي كان يُفترض أن يُحاكم بسبب منعه استقبال سفن أنقذت مهاجرين العام الماضي عندما كان وزيراً للداخلية، إن "المهاجرين غير القانونيين يصلون بأعداد كبيرة، حتى مع كلاب ومن الواضح أنهم فرّوا من مخيمات ليبية".

ال
الصراع في ليبيا سهل عملية تسلل المهاجرين​

وأدى الصراع الذي يدور في ليبيا منذ تدخل تركيا عسكريا فيها لدعم حكومة الوفقاق في طرابلس، إلى تزايد أعدادا المهاجرين في المتوسط حيث غالبا ما تكون وجهتهم الأولى إيطاليا ثم يتوجه أغلبهم إلى بلدان الاتحاد الأوروبي عبر الحدود البرية مرورا بفرنسا.

من جهتها دعت بريطانيا اليوم السبت فرنسا إلى تشديد إجراءاتها لمكافحة عبور المهاجرين غير القانوني باتجاهها على متن قوارب صغيرة، معتبرة أنّ العدد "غير مقبول".

وأوقفت الشرطة 76 مهاجراً عند الحدود الجمعة، بحسب السلطات البريطانية. وعشية ذلك، نجح 202 مهاجر في الوصول إلى الشواطئ البريطانية على متن 20 قاربا، في رقم يومي غير مسبوق.

وبحسب تعداد أجرته وكالة الأنباء البريطانية "برس اسوسيايشن"، نجح أكثر من ألف مهاجر في عبور مضيق المانش في شهر تموز/يوليو فقط.

وأوقفت السلطات الفرنسية 682 مهاجرا على الأقل حاولوا عبور المانش على متن قوارب أو سباحةً منذ الأول من كانون الثاني/يناير.

وقال وزير الدولة البريطاني لشؤون الهجرة كريس فيلب السبت إنّ "عدد عمليات العبور على متن قوارب صغيرة من فرنسا غير مقبول"، مشيرا إلى أن ثمة "مهاجرين لا يزالون يتوافدون إلى كاليه (في فرنسا) من أجل العبور".

وأضاف "على الفرنسيين اتخاذ تدابير أشد"، معتبرا أنّه يجب تنفيذ "عمليات الاعتراض في البحر وإعادة قوارب في شكل مباشر".

وكانت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل قدّمت هذا الاقتراح إلى الفرنسيين إبان لقائها أخيراً نظيرها جيرالد درمانين من أجل إقامة "وحدة استخبارات فرنسية-بريطانية" لمكافحة المهربين.

ومن الجانب الفرنسي، تم الجمعة إنقاذ 58 مهاجرا، بينهم ثمانية أطفال وثلاثة أشخاص يعانون إعاقة بينما كانوا يسعون إلى العبور، بحسب السلطات البحرية الفرنسية المحلية.