كفاح آل شبيب تغوص برواد معرضها في عوالم روحانية

الفنانة التشكيلية العراقية تبدو في 'إليك وحدك' مهتمة بفكرة إعادة إحياء الموروث، وإعادة صياغته فكريا وفنيا.

عمان - دعت الفنانة التشكيلية العراقية كفاح آل شبيب محبي الفن لاستكشاف عوالم الصوفية والتحول الروحي عبر لوحات زيتية نابضة بالحياة حتى يغمروا أنفسهم - وفق تعبيرها - في حركة الألوان والتأمل، وذلك من خلال معرضها الشخصي الثاني وهو بعنوان "إليك وحدك" الذي افتتح، السبت، بغاليري دار الأندى بعمان.

ففي "إليك وحدك" تكشف كفاح آل شبيب من خلال أعمالها الفنية عن عوالم روحانية تدور حول الرقصة الصوفية للدراويش أو ما يُدعى "المولوية"، حيث تعبّر الأعمال المنفّذة بتقنية الزيت على القماش، عن رسومات نابضة بالحركة والحياة، حيث الألوان المبهجة، والعناية بالتفاصيل التي تدفع للنظر والتأمل.

وتحمل لوحات التشكيلية العراقية التي تقدمها في معرضها صبغة إنسانية عميقة، تبثّ فيها، رغم واقعيتها الشديدة، مشاعر تتسم بالصدقية، وإحساسًا بالطمأنينة والهدوء، خاصة أنها تركز في أعمالها على اللون الأبيض الذي يميز لباس الراقصين المكون من "قنباز" أو "دشداشة" باللون الأبيض، تعلوها السترة التي تصل إلى زنار عريض يحيط الخصر، والطربوش الذي يوضَع على الرأس، بالإضافة إلى سروال طويل، وحين يتحرك الراقص يتصاعد الثوب (التنورة) في حركة تدريجية إلى الأعلى حتى يتحول إلى ما يشبه الدائرة أو الصحن مخروطي الشكل. وهنا يقدم الراقص عبر الخبرة والتجربة، تشكيلات وحركات تُبرز قدرته على التحكم في دوران الجسد وانعكس ذلك من خلال "التنورة".

وركزت الفنانة كذلك على ملامح وجه الراقص الذي يبدو أشبه بنجم يدور في فلك بالفضاء، وبخطوطها الرقيقة وانحناءاتها المدروسة، أبرزت انحناءات الرأس، وإغماضة العينين، وحركة الشفاه المبتهلة، وتشكيلات اليدين المرفوعتين بتضرع.

وبدت الفنانة مهتمة في لوحاتها بفكرة إعادة إحياء الموروث، وإعادة صياغته فكريا وفنيا، إذ ترى أن الموروث هو الأساس الذي تُبنى عليه الحضارة، لذا يمكن النظر إلى اختيارها لموضوع معرضها من هذه الزاوية، إذ تعيد التأكيد على الحضور العميق للممارسات الروحانية المتجذرة في التاريخ العربي والتراث الإنساني، وما حملته من رموز تدعو للسلام والمحبة والتآخي.

واللافت في أعمال آل شبيب قدرتها على التعامل مع الظل والضوء، عبر مزيج لوني محكم، راصدة وضعيات الحركة والسكون، فمن اللوحات ما يكون فيها المؤدّي واقفًا أو جالسًا، ومنها ما يأتي ضمن مجاميع من الراقصين، ومنها ما يصوّر المؤديَّ بمفرده.

وتعتمد التشكيلية العراقية في صياغة كل هذه الوضعيات على الواقعية البسيطة والخطوط والألوان المختزلة، مع لمسات لونية هادئة ومتدرجة تشكل مجتمعة مساحات واسعة ومريحة بصريًا، حيث الأصفر يمتزج بالأبيض، والأزرق يتقارب من الأحمر، والبني والأسود يتداخلان معًا.. مع المزاوجة بين الألوان الهادئة التي احتلت مساحة أكبر من اللوحة، والألوان الحارة والقوية التي استخدمتها الفنانة لإبراز تفصيلة صغيرة في لبس الراقص أو حركته، فقد يكون الإزار مثلًا بلون داكن، والطربوش بلون حار، أما محيط اللوحة عموما فهو من الأبيض الفاتح، أو الأزرق المشرق.. وهي في كل ذلك تترك للّون وحده أن يحدد عناصر اللوحة ومفرداتها.

وجاءت أعمال التشكيلية كفاح آل شبيب ضمن مساحات لونية تنطوي على الكثير من البساطة والهدوء، مع مراعاة أن تكون العناصر المبثوثة داخل اللوحة متصلة بموضوعها ومؤكدة عليه، وفق ما نشرته وكالة الأنباء العمانية.

وكفاح آل شبيب تخرجت في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1980، وقد عُرفت باشتغالها وفق مفهومها للحداثة القائم على أن الحداثة تجديدٌ للقديم بأشكاله المتنوعة، كما أنها عملت لفترة طويلة في مجال التصميم الغرافيكي، وهي حائزة على الجائزة الأولى لأفضل تصميم ملصق بعنوان "آثار الحروب وسلبياتها" عام 1982.