المجلس المصري لكتب الأطفال يبوح بقائمة افضل اصدرات العام

الأعمال تم اختيارها بعناية من لجنة تحكيم تضم نخبة من المتخصصات في مجالات أدب الطفل والدراسات النفسية والأدبية.

أعلن المجلس المصري لكتب الأطفال واليافعين (EBBY) قائمته لأفضل إصدارات عام 2023–2024، والتي ضمت خمسة كتب متميزة عكست تنوع التجربة الأدبية والبصرية في عالم الطفل العربي. وقد جاءت هذه الأعمال مختارة بعناية من لجنة تحكيم ضمت نخبة من المتخصصات في مجالات أدب الطفل والدراسات النفسية والأدبية، وهن الدكتورة نادية الخولي، والدكتورة منى النموري، والدكتورة منى لملوم.

المجلس المصري لكتب الأطفال واليافعين (EBBY) هو الفرع الوطني للمجلس الدولي لكتب اليافعين (IBBY)، ويقوم بترشيح الأعمال المصرية للقوائم العالمية التي تصدر عن IBBY، ومنها قائمة الشرف لأفضل كتاب وأفضل رسوم وأفضل ترجمة. كما يتولى المجلس ترشيح الكاتب المصري لجائزة هانس كريستيان أندرسن، أرفع الجوائز العالمية في مجال أدب الطفل.

الكتب الخمسة التي تم اختيارها هذا العام تمثل تنوعًا في الموضوعات والأساليب، من قصص الحرب واللجوء إلى مغامرات الحيوان، ومن حكايات المخيمات إلى سرديات الخيال المرتبطة بمرحلة ما قبل الولادة، وجاءت جميعها حاملة لرسائل إنسانية عميقة، ومُعززة بعناصر فنية عالية الجودة في الرسوم والتصميم.

"بربربر تم تمتم"، تأليف محمد الحموي ورسوم هيام صفوت، صدر عن دار نهضة مصر، هو عمل استثنائي في تناوله لمفهوم الاغتراب واللغة والانكسار الذي تخلّفه الحروب. القصة تتابع لقاءً عفويًا بين طفلين لا تجمع بينهما لغة مشتركة، لكنهما يجدان طريقًا للتواصل من خلال اللعب والرسم. ترى الدكتورة نادية الخولي أن القصة تطرح تساؤلًا فلسفيًا حول الصداقة والتعاطف، فيما اعتبرتها الدكتورة منى النموري انعكاسًا صادقًا لانكسارات الحرب وتجربة سردية بصرية غير تقليدية، حيث يتغير نظام الطباعة داخل القصة ليضع القارئ نفسه في قلب المعاناة. أما الدكتورة منى لملوم فوصفتها بالتجربة الإبداعية التي تُربك القارئ عمدًا وتدعوه لإعادة التفكير في مفهوم السرد والاتصال.

من جهة أخرى، جاء كتاب "لا لن يهاجر" تأليف رانية حسين أمين ورسوم سحر عبدالله، الصادر عن دار البلسم، ليقدم حكاية تمزج بين الخيال والواقع، وتدور في زمنين مختلفين، مستعرضةً مشاعر الوحدة، والاندماج، والشجاعة، من خلال قصة طفل يرتبط بطائر مهاجر في لحظة فارقة من حياته. أشادت الخولي بالقصة التي تمنح الطفل فرصة لاكتشاف قوته الداخلية، فيما ركّزت النموري على البنية المزدوجة للزمن والأسلوب المفعم بالمعلومات والدراما، ورأت لملوم أن القصة تسير على خط دقيق بين الطفولة والمراهقة، وتقدم درسًا غير مباشر في النضج والمواجهة.

في "أم منصور وبستان النور" تأليف سماح أبوبكر عزت ورسوم سندس الشايبي، من إصدار الدار المصرية اللبنانية، نجد معالجة أدبية دقيقة لواقع المخيمات، ولكن عبر منظور مليء بالأمل والاحتفال بالحياة. اعتبرت نادية الخولي القصة نموذجًا يعزز قيم الخير والتعاطف والاحتفاء بالحياة رغم الفقد، فيما رأت النموري أن العمل رغم تناوله الحياة في المخيم، إلا أنه يبث الأمل ويمنح الأطفال فرصة للتشبث بالنور. أما منى لملوم فأشادت بقدرة الكاتبة على تقديم قضية صعبة بلغة رقيقة، خالية من القسوة، تليق بعالم الطفل.

"الفأرة لارا وجيرانها في العمارة" تأليف ريهام شندي ورسوم بسمة حسام، الصادر عن دار عصفورة، يمثّل نموذجًا لما يمكن أن تقدمه الحكاية الحيوانية من بناء للقيم. تتابع القصة مغامرات لارا الفأرة مع جيرانها، في إطار من الدعابة والإيقاع المسجوع والرسوم الملونة التي تجذب القارئ الصغير. اعتبرته الخولي درسًا مرحًا في الصداقة والتسامح، بينما رأت النموري أنه عمل غني بالقيم دون وعظ، ممتع في لغته ورسومه، وأثنت لملوم على حس الدعابة الذي يطبع القصة من أولها إلى آخرها، ما يجعلها تجربة مبهجة.

أما "إذاعة زُعبل" تأليف آلاء عرفة ورسوم جلال أحمد، الصادر عن دار عالية، فكان واحدًا من أكثر الكتب تميزًا في فكرته، حيث يُقدَّم صوت الرضيع الذي يبث برنامجه الإذاعي من رحم الأم، في مزج خيالي بين مراحل التكوين ومشاعر الترقب العائلي. ترى الخولي أن الكتاب يلامس القارئ بأسلوب دافئ وممتع، وتصفه النموري بأنه أداة ممتازة لتحضير الطفل لاستقبال المولود الجديد، فيما قالت لملوم إن الكتاب يقدم سردًا طريفًا وعذبًا، يجمع بين الفانتازيا والواقع، بأسلوب بصري جذاب.

جدير بالذكر، أن الدار المصرية اللبنانية أعربت عن فخرها بفوز كتابها "أم منصور وبستان النور" ضمن قائمة EBBY 2023 - 2024، معتبرة أن هذا التقدير دعم مهم لرسالة الكتاب التي تحمل الأمل والنور للأطفال وتعبّر عن واقعهم بصدق ورقة. أما دار عالية فقد عبرت عن سعادتها باختيار كتابها "إذاعة زعبل"، مشيدة بالتعاون مع المؤلفة آلاء عرفة والرسام جلال أحمد، ومؤكدين حرصهم على تقديم محتوى يحاكي خيال الطفل العربي ويعزز تجربته القرائية. في حين أعربت دار عصفورة عن سرورها بفوز كتابها "الفأرة لارا وجيرانها في العمارة"، معتبرة هذا الإنجاز دليلاً على نجاح جهودها في تقديم محتوى ممتع وقريب من عالم الطفل، يعزز شغف الطفل العربي بالقراءة.

تُظهر القائمة هذا العام توجهًا نحو قصص تحمل عمقًا نفسيًا وإنسانيًا، وتضع الطفل في موقع الفاعل والمراقب في آن واحد، كما تعكس تطورًا ملحوظًا في المعالجة الفنية للكتب المصورة في العالم العربي، خاصة من حيث الشكل السردي والتصميم الطباعي والرسوم. لا تكتفي هذه الكتب بتقديم حكايات للترفيه، بل تضع أسئلة جوهرية عن العالم، عن الغربة والانتماء، عن الشجاعة والصداقة، عن العائلة والمخيم، عن الحرب والأمل، وتطرحها بجرأة تليق بجيل يرى ويسمع أكثر مما يُقال له.

ولا شك أن هذا التنوع في الأصوات والموضوعات والأساليب يعكس إدراكًا متزايدًا لأهمية تقديم محتوى يعكس اهتمامات الطفل العربي، ويحترم وعيه وفضوله ونموه العاطفي والذهني. كما أن فوز هذه الكتب بدعم وتقدير من EBBY يؤهلها لأن تكون مرشحة للقوائم العالمية، ما يفتح أمامها أبواب الترجمة والانتشار.

بهذه القائمة، يواصل المجلس المصري لكتب الأطفال واليافعين أداء دوره الحيوي في تسليط الضوء على الإبداعات التي تستحق أن تصل إلى الأطفال، وتشكّل وعيهم، لتصنع منهم قرّاءً واعين، متعاطفين، وقادرين على تخيّل عالم أجمل.