كفّ يد حزب الله يعطي دفعة قوية للتحقيقات في انفجار مرفأ بيروت

القاضي طارق بيطار يحقق مع المديرين العامين السابقين للأمن العام وأمن الدولة اللذين ادعى عليهما في وقت سابق بجرائم الإيذاء والإحراق والتخريب والقصد الاحتمالي الذي أدى إلى القتل.

بيروت - استجوب المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار اليوم الجمعة مسؤولين أمنيين سابقين مدعى عليهما، وفق مصدر قضائي، للمرة الأولى منذ توليه مهامه قبل أكثر من أربع سنوات، فيما يأتي هذا التطور بعد فقدان حزب الله الذي مارس ضغوطا لعرقلة القضية، الكثير من نفوذه إثر الضربات الموجعة التي تلقاها خلال المواجهة الأخيرة مع إسرائيل .

واستأنف البيطار مطلع العام الحالي تحقيقاته في الانفجار الذي وقع في الرابع من أغسطس/آب 2020، وأسفر عن مقتل أكثر من 220 شخصا وإصابة ما يزيد على 6500 بجروح. وجاء استئناف التحقيق بعيد انتخاب جوزيف عون رئيسا للجمهورية ثم تكليف نواف سلام تشكيل حكومة، على وقع تغيّر موازين القوى السياسية مع تراجع نفوذ حزب الله إثر حربه الأخيرة مع اسرائيل.

وأفاد المصدر القضائي الذي طلب عدم كشف هويته بأن البيطار "استجوب في مكتبه في قصر العدل في بيروت المدير العام السابق للأمن العام عباس ابراهيم، في جلسة استغرقت ساعتين ونصف الساعة"، والمدير العام السابق لأمن الدولة طوني صليبا لنحو ساعتين. ولن يتخذ القاضي أيّ قرار بحقّ المدّعى عليهما إلى حين انتهاء كافة التحقيقات، وفق المصدر.

وكان صليبا وابراهيم، الذي تربطه علاقة متينة بحزب الله، قد امتنعا سابقا عن المثول أمام البيطار، بذريعة "الحصانة الوظيفية" وعدم منح المسؤولين المباشرين عنهما الإذن لملاحقتهما.

والرجلان كانا في عداد مسؤولين سياسيين وأمنيين ادعى عليهم البيطار بجرائم الإيذاء والإحراق والتخريب والقصد الاحتمالي الذي أدى إلى القتل.

ومنذ 2023، غرق التحقيق القضائي بشأن الانفجار في متاهات السياسة، إذ قاد حزب الله حينها حملة للمطالبة بتنحّي البيطار، ثم في فوضى قضائية بعدما حاصرت المحقق العدلي عشرات الدعاوى لكفّ يده، تقدّم بغالبيتها مسؤولون مُدّعى عليهم.

ومنذ البداية، عزت السلطات اللبنانية الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل العنبر رقم 12 في المرفأ من دون إجراءات وقاية، واندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقا أنّ مسؤولين على مستويات عدّة كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة ولم يحرّكوا ساكنا.

وتعهّد رئيسا الجمهورية والحكومة الجديدان بالعمل على تكريس "استقلالية القضاء" ومنع التدخّل في عمله، في بلد تسوده ثقافة الإفلات من العقاب.

ومن المقرر أن يحضر الى بيروت قاضيان فرنسيان من دائرة التحقيق في باريس في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، لإطلاع البيطار على معطيات توصّل إليها تحقيق فرنسي انطلق بعد أيام قليلة من وقوع انفجار المرفأ، لوجود ثلاثة رعايا فرنسيين في عداد الضحايا.

وتلقى لبنان في الشهر الحالي، وفق المصدر ذاته، طلبات استفسار من ألمانيا وهولندا وأستراليا وهي دول سقط لها ضحايا في الانفجار لمعرفة آخر مستجدات التحقيق والمدة التي سيستغرقها وموعد صدور القرار الاتهامي الذي تعهد البيطار مرارا بإصداره.