كواليس صناعة الأدوية الأميركية في '57 ثانية' من الخيال العلمي

فيلم المخرج والممثل الأميركي روستي كونديف يضم أفكارا سامية وطموحات أسمى، إنها دراما خيال علمي مليئة بالتفاصيل الغريبة تعتمد في جانب منها على الذكاء الاصطناعي ومع ذلك فإن العمل يخلو من العمق وسطحي إلى حد بعيد.

تتضمن أفلام السفر عبر الزمن ـ وما أكثرها في السينما العالمية والعربية ـ عادة شخصيات تتحرك للخلف أو للأمام سنوات حتى تتمكن من تجربة أو استكشاف الماضي أو المستقبل من باب الفضول أو البحث عن ماض أو مستقبلأو إضاءة ما يغمض من أحداث لها تأثير مباشر على الحاضر. وغالبا ما تعتمد هذه الأفلام على قصص وروايات الخيال العلمي. وآخر تلك الأفلام فيلم E.C.Tubbs"57 ثانية" للمخرج والممثل الأميركي روستي كونديف، والمأخوذ عن رواية "Dumarest Saga" للبريطاني إدوين تشارلز توب، وهي قصة خيال علمي تدور أحداثها في المستقبل البعيد.

استنادًا إلى رواية توب تدور أحداث الفيلم حول فرانكلين فوكس (جون هاتشرسون)، وهو صحفي ومدون تقني لديه اهتمام شخصي بموضوع الإمكانات التي تتمتع بها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة في علاج المشكلات الصحية اليومية أو التخفيف منها. إن هوسه بالدمج بين صناعتي التكنولوجيا والصحة هو ما دفعه إلى التسلل وراء الكواليس في مؤتمر استضافه مورجان فريمان "أنطون بوريل"، عبقري التكنولوجيا وهو في الثمانينيات من عمره ويعمل في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والرئيس التنفيذي القوي المسؤول عن إنشاء سوارات يمكنها تتبع العادات الصحية لمستخدميها ومساعدتهم في ذلك، والعيش بأسلوب حياة أكثر صحة.

يريد فرانكلين إجراء مقابلة مع بوريل الذي كان على وشك الكشف عن وسيلة للحصول على صحة مثالية والتي لا تتطلب أدوية تقليدية لعلاج أمراض السكر أو ضغط الدم أو الإدمان وغيرها، وتتمثل في سوار يوضع في المعصم ويعمل على تقنية مراقبة وظائف الأعضاء وفك شفرة الحمض النووي لوضع خطة صحية، وذلك بما يسمح بمعرقة الرياضات المطلوبة للجسم ومواعيدها والنظام الغذائي الصحي المطلوب.

يتسلل فرانكلين إلى المؤتمرالجماهيري لبوريل الذي يقيمه بإستاد رياضي، يقف في خلفية المسرح، وفور انتهاء بوريل يتعرض لمحاولة اغتيال يصرخ صاحبها مشيرا إلى السوار "آلات قاتلة"، وهنا يتدخل فرانكلين وينقذ بوريل، الأمر الذي يقربه من منهأكثر مما توقع.عقب المحاولة الفاشلة للاغتيال وأثناء خروجه يعثر فرانكلين على خاتم بوريلالذي أسقطه عن طريق الخطأ، وهوخاتم غامض لديه القدرة على إعادة الواقع المحيط بمرتديه 57 ثانية إلى الوراء في الوقت المناسب.

لم يمض وقت طويل حتى يستخدم فرانكلين الخاتم ليس فقط لتحريك علاقته مع جالا (لوفي سيمون)، ولكن أيضًا لتغيير حياته المالية بأكملها. عندما عُرض عليه في النهاية وظيفة من قبل الملياردير سيج ثورنسون (جريج جيرمان)، أحد منافسي بوريل،والمدير التنفيذي المسؤول لشركة رينسون التي تصنععقاقيرزوناستين المسبب للإدمان وفقدان أعضاء الجسم لوظائها مما قد يؤدي بمتعاطيها للوفاة.

قام فرانكلين بإعداد خطة لاستخدام قدراته في السفر عبر الزمن لكشف العديد من أسرارالمليارديرثورنسون والجرائم التي أدت إليها عقاقير شركته إلى وفاة أخته، مدفوعًا بالانتقام لأخته يتقرب من ثورنسون، وينقذه من محاولة اطلاق النار عليه من زوج موظفة سابقة في الشركة تدعى سوزانميلر، يبدو أنها كانت على علم بخطورة عقاقير زوناستين ومن ثم شكلت تهديدا فتم التخلص منها.

يقوم فرانكلين باستخدام تنقية العودة بالزمن بالإطلاق على ملفات الشركة ويبدأ بتفكيك عالم ثورنسون وشركته، ليغوص بشكل أعمق في عالم غير مألوف له من الثروة والتكنولوجيا، حتى لينتهي متورطًا في سلسلة من الأحداث تضع مصيره على المحك.

ما يلي ذلك قصة أخلاقية غير متوقعة حول مدى السرعة التي يمكن بها للمال والسلطة إخراج شخص ما عن المسار الذي اختاره. على مدار فترة تشغيله للخاتم يتبع فرانكلين "ثورنسون"الذي يذهب الفيلم إلى حد تصويره على أنه الشيطان الذي يقف على كتف هوتشرسونوبوريل الشخصية الأكثر قدسية والأكثر ملائكية التي تراقب من بعيد.

إن أفكار فيلم "57 ثانية" تدور حول محورين الأول السفر عبر الزمن قصير المدى المثيرة للاهتمام، والثاني العقاقير التي تسبب الإدمان وتؤدي بالنهاية إلى وفاة متعاطيها، وكلا المحورين يرتبط بالبيئة الفاسدة التي تدور في فلكها الأعمال خاصة ما يجري في كواليس امبراطوريات صناعة الأدوية الأميركية.

يحتوي الفيلم على أفكار سامية وطموحات أسمى، إنها دراما خيال علمي مليئة بالتفاصيل الغريبة، تعتمد في جانب منها على الذكاء الاصطناعي.ومع ذلك، فإن الفيلم يخلو من العمق وسطحي إلى حد بعيد كونه لم يأخذ أفكاره بعيدًا بما فيه الكفاية. فمحاولتا الاغتيال لكل من بوريل وثورنسون واللتان سمحتا لفرانكلين بالتقرب منهما وكسب ثقتهما، كانتا محاولتين تقليديتن ساذجتين، وأيضا لم يكن أي من القرارات التي اتخذها بوريل بشكل خاص مفاجئة، كما أن الكثير منها ليس بطوليًا بما يكفي لإضافة أي وزن درامي إلى الذروة الضخمة التي أنطلق بها الفيلم وختم.

يشار إلى أن المخرج روستي كونديف شارك في كتابة السيناريو مع ماكون بلير. ويشارك في بطولة الفيلم إلى جانب مورجان فريمان وهاتشرسون الممثلون لوفي سيمون، جريج جيرمان, بيفين برو، سامي روتيبي، مارك جاكوبسون، أوباهور، ديفيد كالواي، كينيث كينت بريان، ماثيو جايسون كويرن.