كورونا تحرم الجزائريين من 'ملكة' حلويات رمضان

الجزائريون يفتقدون الى 'الزلابية' في شهر الصيام، وناشطون يعبرون عن غضبهم من فتح محلات صناعة الحلويات التقليدية قبل صدور قرار غلقها من جديد.

الجزائر - اعتاد الجزائريون في رمضان من كل عام الإقبال على "الزلابية" أشهر الحلويات التقليدية في شهر الصيام، لكن جائحة كورونا حرمتهم هذه السنة من مذاقها المعتاد.
وتتربع "الزلابية" على عرش الحلويات الرمضانية في العديد من محافظات البلاد، ولا يكاد يخلو تجمع سكاني من محلات تصنيع ملكة الحلويات خلال رمضان، لكن المدينة الأشهر في صناعة هذه الحلوى التقليدية تظل بوفاريك بمحافظة البليدة (جنوب العاصمة) والتي تعد قبلة الصائمين.
تزامنا مع تفشي كورونا بالجزائر منذ 25 فبراير/شباط، وفرض الحجر الصحي جزئيا بأغلب المحافظات وكليا في محافظة البليدة (بؤرة كورونا)، تكاد تختفي "الزلابية" من المحلات وخاصة في بوفاريك.
وفي 25 أبريل/نيسان، أصدرت الحكومة الجزائرية قرارا بتخفيف تدابير الحجر بأغلب المحافظات، ورفع الحجر الشامل عن محافظة البليدة، واستئناف بعض الأنشطة التجارية، منها صناعة الحلويات التقليدية، شرط احترام الإجراءات الصحية.
ولم يدم القرار طويلا، فالأحد الماضي قرر ولاة المحافظات وسط البلاد (الجزائر، البليدة، تيبازة، بومرداس، عين الدفلى) غلق العديد من المحلات التجارية إلى إشعار آخر، وذلك عقب أيام قليلة من الترخيص لها بالنشاط بعد تسجيل خرق للتدابير الوقائية لمواجهة كورونا، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية.

 الزلابية
بوفاريك تتكتم عن الوصفة السرّية للزلابية

ويتعلق الغلق بعدّة نشاطات تجارية مثل صالونات الحلاقة ومحلات الألبسة والأحذية ومحلات الحلويات التقليدية والمرطبات.
وأعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في مقابلة مع إعلام محلي إعادة غلق المحلات التجارية التي سمح لها باستئناف النشاط بداية رمضان، إذا تسبب نشاطها في زيادة تفشي الفيروس.
وقال رشيد ولد بوسيافة، إعلامي جزائري مقيم في بوفاريك، "عندما كان الحجر كليا على محافظة البليدة، كانت الحركة شبه منعدمة والتنقل ممنوع بين البلديات إلا برخصة".
وأضاف ولد بوسيافة: "أغلقت جميع مداخل بوفاريك، لكن مع رفع الحجر الكلي والترخيص بفتح المحلات أصبحت الحركة شبه عادية".
وأردف: "ولأن الحجر الجزئي يبدأ الساعة الثانية زوالا، زاد الضغط على محلات الزلابية الشهيرة في بوفاريك بتسجيل طوابير وأحيانا تدافعا".
ووفق ولد بوسيافة، "لوحظ عدم احترام لقواعد السلامة وإجراءات التباعد"، مشيرا أنه "إذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن العواقب ستكون كارثية خاصة في البليدة التي تعد بؤرة الوباء".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعرب نشطاء عن غضبهم تارة وسخريتهم تارة أخرى من فتح محلات صناعة الحلويات التقليدية وبالأخص محلات "الزلابية" في أول أيام رمضان قبل صدور قرار غلقها من جديد.
وقالت صفحة "منتدى جامعة البليدة"، في تدوينة عبر فيسبوك: "طوابير طويلة لاقتناء الزلابية في بوفاريك.. يقتلون أنفسهم من أجل كيلوغرام من الزلابية".
وكتب الناشط أحمد شرماطي على صفحته بالموقع نفسه، قائلا: "قلة الوعي بخطورة كورونا، ستؤدي بنا إلى كارثة".
وعلق الكاتب بشير مفتي بسخرية على حسابه بموقع التواصل، قائلا حول تمضية رمضان بلا أشهَر أكلة تقليدية: "زلابية بوفاريك غائبة".
وقال الممثل سي جلولي محمد ساخرا: "والآن، هل سنبقى بلا زلابية بوفاريك في رمضان".
تتضارب الروايات حول أصل تسمية الزلابية، فيرجعها البعض إلى اسم زرياب الأندلسي الذي ابتكرهَا عندما سافرَ إلى الأندلس ثم المغرب العربي حيث حُرف اسمه من زرياب إلى زلياب.
ومنهم من يقول إن أحدَ التُجّارِ أمرَ طبّاخَهُ بطهِي الحَلوى فلم يكن في المطبخِ إلا الزيت والسكر والدقيق، فعجنها ووضعها في المقلاة، وعندما رأى الزلابية غريبةَ الشكلِ قال باستهجان: إنها "زلَةٌ بيَ!" أي أني أخطأت في إعدادِها طالباً بذلك عفو سيده، فأصبحت من هنا: "زلةُ بي" .. أو زلابية ..! وتبقى هذه الرواياتُ الأكثرُ شيوعاً.
ويصف بعض الذين شاركوا في ثورة التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي (1954-1962) "زلابية" بوفاريك بـ"الأكلة المجاهدة"، لأنها كانت تعتبر من الإكراميات التي تغدق بها أُسر المدينة على الثوار في الجبال والسجون.
وقال الباحث في تاريخ الحضارة الأندلسية فوزي سعدالله: "يشيع الاعتقاد بأن الزلابية شهدت النور في الربوع الأندلسية، وأنّ اسمها مشتق من اسم مبتدعِها المفترَض الفنان مُتعدِّد المواهب زِرْيَاب، وهو أبو الحسن علي ابن نافع، مُغني بلاط قرطبة الأموية خلال العقود الأولى من القرن التاسع الميلادي".
وأضاف سعدالله: "يُقال إنّ اسمها الزلابية، ليس سوى تحريف لـ(الزِّرْيَابِيَة) نسبة إلى العندليب القرطبي الذي أبدع في المأكولات والمشروبات والحلويات ومختلف الطيبات، وحتى في الأزياء، مثلما فعل في الموسيقى والعزف والغناء".
فشلت كل أنواع الحلويات والمقبّلات الشّرقيّة الموجودة في الجزائر في زحزحة "زلابية بوفاريك" من عرشها، خاصة في شهر رمضان، حيث يذهب الجزائريون إلى مدينة بوفاريك (40 كلم غرب الجزائر العاصمة)، مسقط رأس هذه الزلابية، حيث تحتفظ ثلاث عائلات بالوصفة السرّية لهذه الأكلة ولم تبح بها منذ العام 1889.