كيف لفيسبوك مكافحة الكراهية ببوق للتطرف في محكمته!

قرار شركة فيسبوك ضم اليمنية توكل كرمان لفريق مجلس الإشراف العالمي (لجنة حكماء) يثير جدلا واسعا حول المقاييس التي اعتمدتها في تعيين شخصية معروفة بأنها بوق دعاية للإخوان.

واشنطن - أثار قرار إدارة فيسبوك حول تعيين الناشطة اليمنية توكل كرمان ضمن فريق مجلس الإشراف العالمي (رقابي) الذي سينظر في المحتوى السجالي على منصاتها، جدلا واسعا حول المقاييس التي اعتمدتها الشركة في هذا الاختيار في الوقت الذي تعرف فيه كرمان القيادية في حزب التجمع اليمني للإصلاح (الاخواني) بأنها صوت الدعاية للإخوان ولخطابات الكراهية والتطرف.

ومن الأسئلة الملحة في خضم الجدل القائم: كيف لشركة فايسبوك أن تكافح المحتوى الذي يتضمن دعاية للتطرف وبثا لخطابات الكراهية فيما تختار شخصية تعتبر بكل المقاييس بوقا للتطرف والدعاية لجماعة تتبنى أصلا خطاب الكراهية منهجا وتناوئ مبدأ الحرية والتعددية والديمقراطية، ضمن لجنة الحكماء أو ما يمكن وصفه بـ"محكمة عليا" لمراقبة المحتوى على منصاتها.

وتتساءل المراكز المعنية بمقاومة خطابات التطرف الديني والكراهية عن الجدوى من إسناد مهمة بهذا الحجم لشخصية اخوانية وكيف يسمح لها بتولي مهمة هي في الأصل أنشأت لمنع تدفق وتسلل خطابات الكراهية لمنصات فيسبوك.   

والقرار على ما ينطويه من تناقضات، مثير للريبة حيث يفترض أن يتعارض مع موقف الأحزاب الدينية المناوئة لمبدأ حرية التعبير والديمقراطية وتوظيفها لهذا المبدأ حسب مصالحها كوسيلة للوصول للسلطة.

ومواقف كرمان المقيمة في تركيا منذ سنوات تتناغم في مضامينها دعاية وتسويقا مع الحاضنة الاخوانية مسارا ومنهجا ضمن أجندة التمكين، وهو ما يفسر حالة الجدل القائم حول تعيينها ضمن فريق مراقبة المحتوى العالمي لمنصات فيسبوك.

وأعلنت شركة فيسبوك اختيار توكل كرمان الحائزة على جائز نوبل للسلام بين أعضاء مجلس الإشراف العالمي. وتتمثل مهمة المجلس التي تعتبر بمثابة محكمة عليا لفيسبوك، في اتخاذ قرارات ملزمة ما لم تنتهك القانون، تتعلق بإلغاء قرارات للشركة والبت في حجب أنواع من المحتوى على منصتي فيسبوك وإنستغرام.

وكشف المجلس في البيان عن هويات 20 عضوا مناصفة بين الرجال والنساء بينهم كرمان، فيما سيرفع العدد لاحقا إلى 40.

توكل كرمان شاركت بقوة حضورا ودعاية في الحملة التركية الاخوانية لتشويه السعودية في قضية مقتل خاشقجي
توكل كرمان شاركت بقوة حضورا ودعاية في الحملة التركية الاخوانية لتشويه السعودية في قضية مقتل خاشقجي

وإلى جانب كرمان يوجد ألان روسبريدجر رئيس التحرير السابق لصحيفة غارديان البريطانية وكذلك رئيسة الوزراء الدنماركية السابقة هيلي ثورنينغ شميت الرئيسة السابقة لمنظمة 'سايذ ذو شلدرن' (انقذوا الأطفال) غير الحكومية وأندراس ساجو القاضي المجري السابق ونائب رئيس المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

وقالت القيادية في حزب الإصلاح الاخواني في تغريدة على تويتر إن "احتكار الحكومات لوسائل الإعلام والمعلومات لم يعد ممكنا بفضل منصات التواصل الاجتماعي"، مضيفة أن أن "فيسبوك منصة تحمي حقوق الناس في حرية التعبير وتفي بحاجتهم للتواصل الاجتماعي، ترغب الحكومات الاستبدادية في إيقافها لمنع مواطنيها من الحصول على أصواتهم الخاصة".

وهذا الخطاب دأب الاخوان على تسويقه تحت عنوان المظلومية لكن بمجرد التمكن من الحكم تنقلب معه كل المعادلات من شعار الديمقراطية والحرية إلى الاستبداد والدكتاتورية في مثال واضح لعدة تجارب انتهت بالفشل مثل حكم الاخوان في مصر وكذلك مع حكومة الإنقاذ في السودان زمن الرئيس المعزول عمر البشير وأيضا تجربة حماس في قطاع غزة وهي تجربة ماثلة عنوانها الحرية والديمقراطية شعارا والاستبداد وقمع الحريات حكما وتنفيذا.  

وقالت  كرمان "أنضم إلى مجلس الإشراف للمساعدة في حماية وتمكين أصوات الناس والدفاع عن حرية التعبير"، مبدية فخرها بأسماء الأعضاء المشاركين معها في المجلس الجديد.

الإخوان دأبوا على تسويق خطاباتهم تحت عنوان المظلومية لكن بمجرد التمكن من الحكم تنقلب كل المعادلات من شعار الديمقراطية والحرية إلى الاستبداد والدكتاتورية

وتابعت  "فخورة جدا بأن زملائي لديهم تجارب متنوعة ومعتقدات مختلفة، أتوا من خلفيات ووجهات نظر مهنية وثقافية وسياسية ودينية متنوعة وتم اختيارهم من مناطق متفرقة من العالم ويتحدثون أكثر من 27 لغة".

وقالت أيضا "يجمعهم أنهم من القيادات العالمية المشهورة والمعروفة بانحيازها للقيم الديمقراطية ودفاعها عن الحقوق والحريات وفي مقدمتها حرية التعبير" وهي عبارات تتناقض مع منهج الإخوان لكنها تخدم أجندتهم في النهاية.

والمعروف عن الأحزاب الدينية في أوروبا على سبيل المثال أنها يسارية في المهجر يمينية متطرفة في دول المنشأ، في توظيف مكشوف لمبدأ الحريات وفي استغلال مفضوح للقوانين الأوروبية المتعلقة بالحرية والديمقراطية.

ولاقت منصة فيسبوك انتقادات في الإشراف على المحتوى المنشور على منصاتها كفشلها في مكافحة خطاب الكراهية إضافة لنشر صور ومحتويات مضللة، إلا أن معالجة هذا الخلل كان يحتاج إلى جهد خاص للتصدي لمثل هذه السلوكيات التي تعتبر انتهاكات بكل المقاييس وليس إلى تعيين شخصية تحوم حولها شبهات حتى لو كانت حائزة على جائزة نوبل للسلام وهي قضية أخرى لها ظروفها وحساباتها السياسية.

وكانت تركيا قد وظفت توكل كرمان في حملته ضد السعودية لتدويل قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018 والتشكيك في الإجراءات القانونية والقضائية التي اتخذتها المملكة لمحاسبة المتورطين في الجريمة.

وكان لافتا الحضور الإعلامي القوي لتوكل كرمان في الحملة الموجهة لتشويه سمعة المملكة والإساءة للقيادة السعودية ولدورها الاقليمي في مكافحة التطرف والارهاب، لكن الجهود والإجراءات التي اتخذتها الرياض أفشلت الحملة التركية بمحاميلها السياسية والإيديولوجية