كيمياء السينما والأزياء الراقية تجتمع في الموضة الافتراضية بباريس

أسبوع الموضة في باريس ينطلق للمرة الأولى في تاريخه من بوابة العالم الافتراضي ومن دون عروض لكن مع طموحات فنية كبيرة لمواجهة أجواء الركود الناجم عن كوفيد-19.
'المجموعة المتخيلة' بتوقيع المصمم الأميركي دانييل روزبيري
ديور تكشف عن مجموعتها للأزياء الراقية بفيلم من إخراج ماتيو غارونه
40 بالمئة من شركات الملابس تتوقع تأثيرات سلبية على إيراداتها
انتعاش تجارة الملابس عبر الانترنت

باريس – انطلق أسبوع الموضة في باريس الاثنين للمرة الأولى في تاريخه افتراضيا ومن دون عروض لكن مع طموحات فنية كبيرة لمواجهة أجواء الركود الناجم عن كوفيد-19، بالابتكار.
وافتتحت ماركة "سكياباريلي"، بفيلم يقل طوله عن أربع دقائق، أسبوع الموضة للأزياء الراقية وهو حدث انتقائي بامتياز وباريسي حصرا يروج للملابس المنجزة يدويا والمهن الحرفية مع قطع تشكل تحفا فنية.
ويستمر الحدث ثلاثة أيام يليه أسبوع الموضة الرجالية حتى الثالث عشر من تموز/يوليو.
في هذه "المجموعة المتخيلة" لسكياباريلي يظهر المصمم الأميركي دانييل روزبيري وهو يعد رسوم هذه الأزياء في متنزه خلال فترة الحجر في نيويورك.
وتبدو في هذه الرسوم ملابس بأكمام كبيرة ومجوهرات سوريالية ولون "روز شوكينغ "الذي أطلقته مؤسسة الدار إيلزا سكياباريلي العام 1937. ولا يظهر في الفيلم أي فستان لكن يمكن تخيل أشكالها من خلال الرسوم.
وقال دانييل روزبيري في بيان "قلبت الجائحة كل شيء والآن بدلا من فريق ينفذ هذه المجموعة، استخدمت خيالي فقط. وبدلا من ساحة فاندوم في باريس صممت ورسمت على مقعد في متنزه".
وأوضح "أن عالم إيلزا سكياباريلي السوريالي وشغفها بقلب واقعنا اليومي" يتردد صداهما أكثر من أي وقت مضى في هذا الزمن الحاضر.

وترتقي دار "ديور" التي يعرض فيلمها بعد الظهر بهذا الحدث إلى مستوى أعلى. فستكشف عن مجموعتها للأزياء الراقية مع إخراج حالم لماتيو غارونه مخرج فيلمي "دوغمان" و"غومورا" اللذين نالا مكافآت في مهرجان كان للسينما.
وأوضحت مصممة الأزياء النسائية في الدار ماريا غراتزيا كيوري "عملية ابتكار هذه المجموعة كانت معقدة. عندما باشرنابها كان واضحا أن العرض الحقيقي لن يحصل. أحتجنا إلى مشروع مكثف أكثر وابتكاري جدا".
ويعرض الفيلم على أنه "تفاعل كيمائي بين مؤثرات الفن السابع وتميز مهارات الدار الفرنسية العريقة."
وستكشف كل دار أزياء مدرجة في الروزنامة الرسمية لاتحاد الأزياء الراقية والموضة، مجموعتها من خلال أفلام تبث في الوقت المحدد لها على منصات مكرسة لهذا الغرض.
وهذه الطريقة الرقمية قد تكون غير مسبوقة في مجال الموضة إلا أنها تسمح بالوصول إلى جمهور أوسع فيما وتيرة أسبوع الموضة ستكون مكثفة أكثر من أي وقت مضى مع 14 عرضا أحيانا في اليوم.
وهذا أسلوب جديد على مصممي الأزياء الذين تأثروا بوضوح بالتغييرات الناجمة عن وباء كوفيد-19 وحرموا من منصات العرض.
وقد بادرت دار "إيرميس" الأحد إلى ذلك من خلال تقديم مجموعة الرجال في أداء فني صور بالوقت الحقيقي ونفذه المخرج المسرحي سيريل تيسته في مشاغل الدار في بانتان قرب باريس.
وقال الإيطالي ماوريتزيو غالانتي إن تقديم العروض عبر الانترنت كألانتقال من المسرح إلى السينما.
ورأت مصممة الأزياء الفيتنامية شونا تو نغوين أن الابتكار ممكن حتى مع انتفاء كل شيء، ومن دون كهرباء حتى مشددة على أن فيلمها الفني سيكون إعلانا تشويقيا لحمل المشاهدين إلى عالمها.
وقال جوليان فورنييه من جهته أنه اختار ابراز الجانب الحرفي والمتطلب لهذا العمل، من الرسوم التحضيرية إلى تفصيل الملابس بقماش أبيض على عارضة لتشذيبها وصولا إلى تنفيذها مع أقمشة فاخرة.
وسجلت غالبية مجموعات الموضة في العالم ارتفاعا في المبيعات الالكترونية بنسبة 50% لدى "إنديتيكس" و13% لدى "غاب" و17% لدى "إتش اند ام" على الفترة نفسها مع ارتفاع بعدد أكبر في نيسان/أبريل وأيار/مايو.
وتعيد متاجر مثل "زارا" و"إتش أند أم" و"غاب" فتح أبوابها تدريجا في العالم إلا أن العواقب المالية لجائحة كوفيد-19 مدمرة لأوساط الموضة السريعة التي عليها إعادة النظر بعملها بعمق، على ما يفيد خبراء.
وتتوقع حوالي 40% من شركات قطاع الازياء والملابس تأثيرات على إيراداتها "أسوأ بكثير" من تلك التي تكبدتها خلال أزمة المالية في 2008 على ما جاء في استطلاع للرأي أعدته "يورومونيتور انترناشونال".
وتتوقع شركة دراسات السوق هذه تراجعا بنسبة لا تقل عن 12% في مبيعات الألبسة والأحذية العالمية في 2020.
وسجلت مجموعة "إنديتيكس" الإسبانية الأولى عالميا في هذا المجال مع ماركة "زارا"، في الربع الأول من السنة أول خسارة صافية لها منذ دخولها البورصة في 2001 مع خسائر قدرها 409 ملايين يورو.
قد أثرت الأزمة على كل شبكة التزود العالمية ما دفع بعض المجموعات إلى إلغاء طلبيات لدى المزودين الآسيويين ما خلف صعوبات كبيرة للعمال المحليين.
ويضاف إلى ذلك أن شهية المستهلكين على الموضة ستتراجع بوضوح بسبب التراجع الكبير في مستوى المداخيل الناجم عن الأزمة على ما اوضحت مارغريت لو رولان المحللة لدى "يورمونيتور".