لا تراجع سوريا عن التصدي للعدوان التركي

المعارك في ادلب بين القوات السورية والقوات التركية تشكل بروفة حرب لا تقوى تركيا على الاستمرار فيها فيما تغرق في المستنقع الليبي.
تركيا عالقة في حرب بإدلب لا تقوى على استكمالها
أردوغان يزور موسكو قريبا بحثا عن تسوية تحفظ ماء وجهه
هل التهديدات التركية بتصعيد أعنف في ادلب مجرد فرقعات صوتية

دمشق - أعلنت دمشق الاثنين أنها ستتصدى بحزم للعدوان التركي على أراضيها بعد أن تطورت الاحتكاكات بين قواتها والقوات التركية إلى مواجهة عسكرية هي الأعنف منذ التدخل التركي في الحرب السورية.

وجاء الموقف السوري الرسمي الأخير فيما سبق للرئيس السوري بشار الأسد أن أعلنت الأسبوع الماضي أن "الفرقعات الصوتية الصادرة من شمال غرب سوريا لا تخفينا"، مشيرا حينها إلى التهديدات التي أطلقها نظيره التركي رجب طيب أردوغان.

وشكلت المواجهات في ادلب بين الطرفين في بدايتها بروفة حرب منذرة بتصعيد غير مسبوق في المنطقة التي كانت مشمولة باتفاق خفض التصعيد.

وانتقلت تركيا بعد مقتل 33 من جنودها في غارات اتهمت النظام السوري بتنفيذها، من التهديد إلى تحرك عسكري أعنف قتل فيه نحو 35 جنديا سوريا مؤكدة في الوقت ذاته أنها ماضية في عملية عسكرية أطلقتها ضد القوات السورية النظامية.

وردّت السلطات السورية الاثنين بتأكيد عزمها التصدي بحزم للعداون التركي على غداة إعلان أنقرة عن عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة إدلب حيث تنشر قواتها وتقدم الدعم للفصائل المقاتلة.

روسيا تريد دفع القوات التركية والفصائل الموالية لها إلى مربع ضيق على الحدود بين تركيا وسوريا
روسيا تريد دفع القوات التركية والفصائل الموالية لها إلى مربع ضيق على الحدود بين تركيا وسوريا

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين قوله إن بلاده "تؤكد العزم والتصميم على التصدي للعدوان التركي السافر بكل الحزم ووضع حد لكافة التدخلات التركية حفاظا على سلامة ووحدة الأراضي السورية".

وطالب "المجتمع الدولي بإدانة العدوان التركي"، مشددا على أن مصيره سيكون "الفشل المحتّم خاصة لجهة إعادة إحياء وإنقاذ المجموعات الإرهابية المتهالكة".

وتتهم دمشق وموسكو القوات التركية بتقديم الدعم المباشر للفصائل المقاتلة في إدلب على رأسها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) وبقيادة الهجمات ضد قواتها.

ويشنّ الجيش السوري بدعم روسي هجوما واسعا منذ ديسمبر/كانون الأول 2019 على مناطق سيطرة الفصائل في إدلب، تمكّن بموجبه من التقدم والسيطرة على عشرات البلدات والقرى في جنوب إدلب وغرب حلب المجاورة.

وتدور المعارك في المحافظة التي تنشر فيها تركيا نقاط مراقبة منبثقة أساسا عن اتفاق سابق مع روسيا وعن جولات مفاوضات كانت قد استضافتها العاصمة الكازاخية أستانا وحملت اسمها لاحقا.

  وتخوض القوات السورية بدعم من مقاتلي ميليشيات شيعية لبنانية وإيرانية وبإسناد جوي روسي مواجهات عنيفة مع القوات التركية والفصال السورية الموالية لها على وقع تصعيد كبير بين تركيا وقوات النظام ازدادت حدّته الأسبوع الماضي بعد مقتل 33 جنديا تركيا الخميس الماضي في ضربات جوية نسبتها أنقرة إلى دمشق.

نكسات ميدانية للفصائل السورية الموالية لتركيا
نكسات ميدانية للفصائل السورية الموالية لتركيا

وردّت أنقرة باستهداف مواقع قوات النظام عبر طائرات من دون طيار أو القصف المدفعي، ما تسبّب منذ الجمعة بمقتل 93 عنصرا من قوات النظام، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، لكن دمشق لم تصدر أي حصيلة للقتلى.

وأسقطت القوات التركية طائرتين حربيتين سوريتين الأحد في إدلب، حيث أكدت بدء هجوم أطلقت عليه تسمية "درع الربيع".

وفي المقابل، أعلنت دمشق إغلاق مجالها الجوي في شمال غرب البلاد وهددت بإسقاط أي طائرة تخرق أجواء إدلب، بينما أفاد الإعلام الرسمي في وقت لاحق عن إسقاط الجيش السوري ثلاث طائرات مسيّرة تركية.

ويتوجّه أردوغان الخميس إلى روسيا لإجراء محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين تتناول التصعيد في إدلب. وقال خلال خطاب في أنقرة الاثنين "سأذهب إلى موسكو الخميس لمناقشة التطورات مع بوتين. وآمل هناك أن تُتّخذ التدابير الضرورية مثل وقف لإطلاق النار وأن نجد حلا لهذه المسألة".

ولا يبدو أن موسكو مستعدة لتقديم أي تنازل أو إنهاء معركة ادلب دون تحقيق تسوية على مقاس دمشق، فيما تبدو تركيا مضطرة للقبول بأي عرض روسي يخرجها من مأزقها.

وتريد روسيا دفع القوات التركية والفصائل الموالية لها بما فيها المتشددة إلى مربع قريب من الحدود بين تركيا وسوريا بما يقلص حجم الانتشار التركي في شمال سوريا.

ولا يبدو أيضا أن الروس مستعدون للتفريط في المكاسب الميدانية التي حققها الجيش السوري بإسناد جوي روسي في آخر أبرز معقل للمعارضة السورية.

وتجمع كل التحليلات للوضع في ادلب أن تركيا غير قادرة على الاستمرار في التصعيد ولا تحتمل الغرق في حرب طويلة الأمد وأن استعجال أردوغان اجراء مباحثات مع بوتين في موسكو تأتي في إطار البحث عن مخرج من المأزق بما يحفظ ماء الوجه.

ولا تخرج تهديدات أردوغان بالتصعيد في سوريا عن سياق الحرب النفسية وتسويق نفسه كمنتصر في حرب خارج تركيا بدأت تثير قلاقل في الداخل التركي ولدى حلفاء أو شركاء تركيا وان أبدو تضامنهم مع أنقرة بعد مقتل 33 من قواتها.

ولا يملك الرئيس التركي مفتاح الحل في ادلب ولا خيارات كثيرة لديه لمناورة روسيا التي وقعت مع أنقرة اتفاقيات اقتصادية وعسكرية ضخمة باتت سيفا مسلطا على رقاب الأتراك بعد أن خسروا حلفاءهم التقليديين مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.

ويلعب أردوغان آخر ما تبقى لديه من أوراق للضغط على الشركاء الأوروبيين بفتح الحدود أمام طوفان من المهاجرين على أمل ينتزع دعما لقواته العالقة في ادلب.