لا تراجع عن المطالبة بحكومة مدنية في السودان

المحتجون يواصلون اعتصامهم للمطالبة بحل المجلس العسكري وتشكيل مجلس مدني متهمين بعض القيادات العسكرية بأنها استمرار لنظام البشير.
المحتجون يعتبرون انفسهم في منتصف الطريق قبل التخلص من بقايا النظام
المتظاهرون يصفون قيادات المجلس العسكري بنخبة البشير
الكويت يدعو السودانيين الى نبذ العنف والاستمرار في الحوار

الخرطوم - بعد أسبوع على إطاحة الجيش السوداني الرئيس عمر البشير، يواصل المتظاهرون الضغط للتخلص من النظام بأكمله في شهرهم الرابع من احتجاجات شعبية غير مسبوقة في هذا البلد الفقير.

وانتهت ثلاثة عقود من حكم البشير (75 عاما) في 11 نيسان/ابريل مع إقالته بقرار من الجيش تحت ضغط حركة شعبية بدأت في كانون الأول/ديسمبر مع زيادة أسعار الخبز ثلاث مرات، قبل أن تتحول إلى احتجاج على النظام.

وقال طارق أحمد المهندس البالغ من العمر 38 عاما ويشارك منذ 13 يوما في الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في وسط العاصمة الخرطوم "إنها المرة الأولى في حياتي التي أعيش فيها بلا البشير".

وأضاف "أشعر بالفخر بما فعله جيلي بالديكتاتور".

أشعر بالفخر بما فعله جيلي بالديكتاتور

ومنذ السادس من نيسان/ابريل يتجمع آلاف السودانيين أمام مقر قيادة الجيش. وكانوا يطالبون أساسا برحيل البشير. أما اليوم، فهم يطالبون بحل المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى الحكم خلفا له وتشكيل سلطة مدنية.

وكان البشير الذي وصل إلى السلطة بانقلاب دعمه الإسلاميون في 1989، قاد بيد من حديد بلدا يشهد حركات تمرد في عدد من المناطق بينها دارفور (غرب)، واعتقالات لقادة المعارضة وناشطين وصحافيين باستمرار.

وصدرت بحق الرئيس المخلوع مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، خصوصا بتهمة ارتكاب "إبادة" في دارفور. لكن السلطات الحالية ترفض تسليمه حتى الآن.

وبعد توقيفه واحتجازه في مكان مجهول، نقل البشير الأربعاء إلى سجن في شمال الخرطوم، كما قال أحد المقربين منه.

وأعلن المجلس العسكري الانتقالي في اليوم نفسه توقيف اثنين من اخوة الرئيس الخمسة، هما عبد الله وعباس وهما رجلا أعمال لا يشغلان أي منصب رسمي.

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير
ايداع عمر البشير وشقيقيه ومجموعة من قيادات نظامه السجن

ثورة غير مكتملة

وبعد سبعة أيام على إقالته، يواصل المتظاهرون اعتصامهم ويزداد عددهم أمام مقر قيادة الجيش للمطالبة برحيل العسكريين من السلطة.

وكان الفريق عوض بن عوف، وزير الدفاع في عهد البشير، تولى قيادة المجلس العسكري أولا. لكنه استقال بعد 24 ساعة وحل محله الفريق الركن عبد الفتاح البرهان.

وقال محمد ناجي أحد مسؤولي جمعية المهنيين السودانيين التي تقف "نريد أن يتم حل المجلس العسكري ويحل محله مجلس مدني يضم ممثلين للجيش أيضا".

وصرح آلان بوسويل المحلل في المجموعة الفكرية "مركز الأزمات الدولية" "أصبح من الواضح أكثر فأكثر أن الثورة تبقى غير مكتملة". وأضاف أن "المجموعة الأمنية التي ما زالت في السلطة تقاوم بوضوح المطالب التي يمكن أن تجبرها على التخلي عن السلطة".

المجموعة الأمنية التي ما زالت في السلطة تقاوم بوضوح المطالب التي يمكن أن تجبرها على التخلي عن السلطة

وتابع أن المتظاهرين محقون في قولهم إن أعضاء المجلس العسكري ينتمون إلى النخبة التي كانت حاكمة تحت حكم البشير.

وأشار إلى أنه "إذا أخذنا في الاعتبار صلاح قوش، نرى أن ثلاثة من القادة انسحبوا خلال أسبوع"، معتبرا أن ذلك "تغيير". وكان قوش رئيس جهاز المخابرات والأمن استقال بعد إقالة البشير.

وجهاز المخابرات متهم بقمع المتظاهرين بعنف ما أسفر عن سقوط ستين قتيلا ومئات الجرحى. وسجن مئات الأشخاص أيضا.

منتصف الطريق

يمكن أن يكون رد فعل المجلس العسكري على القمع المتزايد في الشارع وعلى الأسرة الدولية حاسما. وقال بوسويل "لسنا في نهاية الطريق". وأضاف "نسبح حاليا في مياه عكرة".

وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دعوا السلطات الجديدة إلى إشراك مدنيين في السلطة. وهدد الاتحاد الإفريقي الإثنين بتعليق عضوية السودان في المنظمة إذا لم يتخل الجيش عن السلطة لصالح "سلطة سياسية مدنية" خلال 15 يوما.

وقال المتظاهر اريج صلاح (23 عاما) إن "البشير هو رمز النظام لكننا ما زلنا في منتصف الطريق". وأضاف "علينا أن نكافح إلى أن نتخلص من هذا النظام".

أكد مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي أن الكويت تتابع باهتمام وعن كثب التطورات في السودان ، داعيا كافة الأطراف إلى الهدوء وممارسة أقصى درجات ضبط النفس ونبذ العنف والاستمرار في الحوار من أجل ضمان نجاح العملية السلمية الانتقالية.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" الخميس عن العتيبي قوله في كلمته أمام مجلس الأمن في جلسته حول دارفور أمس الاربعاء ، إن "ما يجري في السودان شأن داخلي لا يجب التدخل فيه عملا بالميثاق مجددا الدعوة إلى الالتزام بقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالسودان ، وأن ينحصر نقاش كل بند في موضوعه وألا تستخدم الظروف الحالية لتغيير مسارات اتفق عليها المجلس في قراراته".

وأضاف العتيبي أن "تقرير الأمين العام الأخير يؤكد تواصل انخفاض حالات الانتهاكات في دارفور بشتى أنواعها خلال السنوات الأربع الأخيرة ، إضافة إلى ما يشهده الإقليم من استقرار أمني نسبي علاوة على استمرار عودة النازحين".

وأكد ضرورة ضمان عودة آمنة وكريمة وطوعية للنازحين وتضافر جهود المجتمع الدولي لاستمرار تقديم العون لمحتاجيه خاصة خلال هذه الظروف الصعبة ، مرحبا بتخصيص مبلغ وقدره 5ر26 مليون دولار من أحد الصناديق لتقديم المساعدات الطارئة للمحتاجين.

وقال :"لقد أقر مجلسنا في بيانه الرئاسي المذكور بأن التقدم المحرز لتحقيق النقاط المرجعية والمؤشرات لخروج البعثة المشتركة (يوناميد) سيسهم في عملية الانتقال من مرحلة حفظ السلام إلى مرحلة بناء السلام".