لا خيار أمام الحوثيين إلا تسليم الحديدة طوعا أو بالقوّة

بعد أسبوع من المعارك العنيفة في محيط المدينة المطلة على البحر الأحمر، القوات الموالية للحكومة اليمنية تدخل الحديدة من جهتي الجنوب والشرق ووصلت إلى أول الأحياء السكنية اثر مواجهات مع المتمردين المدعومين من إيران.

القوات الموالية للحكومة اليمنية تتقدّم داخل مدينة الحديدة
الحوثيون ينشرون قناصة على أسطح المباني ويقتحمون المستشفى الرئيسي
ميليشيا الحوثي تعرض حياة المدنيين والمرض والطواقم الطبية للخطر
معارك على أشدها في محيط جامعة الحديدة وعلى بعد كيلومترات من الميناء

الحديدة (اليمن) - لم يعد أمام ميليشيا الحوثي الشيعية المدعومة من إيران إلا الاستسلام طوعا أو بالقوة بعد أن تمكّنت القوات الموالية للحكومة اليمنية من دخول مدينة الحديدة من جهتي الجنوب والشرق، ما ينذر بحرب شوارع وشيكة في المدينة التي تعتبر شريان حياة لملايين السكان في البلد الغارق في نزاع مسلح، بينما قالت مصادر إن المقاتلين الحوثيين خاضوا معارك مع القوات التي تقودها السعودية في المدينة الساحلية ونشروا مسلحين على أسطح المباني واقتحموا المستشفى الرئيسي مما يعرض حياة الأطباء والمرضى للخطر.

وبعد أسبوع من المعارك العنيفة في محيط المدينة المطلة على البحر الأحمر، وصلت القوات الموالية للحكومة إلى أول الأحياء السكنية من جهة الشرق اثر معارك مع المتمردين، حسبما أفاد الخميس ثلاثة عسكريين من مسؤولي القوات الموالية للحكومة.

وأوضح المسؤولون أن هذه القوات تقدّمت داخل المدينة من جهة الشرق لمسافة كيلومترين على الطريق الرئيسي الذي يربط وسط الحديدة بالعاصمة صنعاء، وباتت تقاتل المتمردين عند أطراف حي سكني.

كما أنّها تقدّمت ثلاثة كيلومترات على الطريق البحري في جنوب غرب المدينة وأصبحت تخوض معارك مع الحوثيين عند أطراف جامعة الحديدة على مقربة من مستشفى الثورة الواقع في محيط سوق للسمك، بحسب المصادر ذاتها.

وقام المقاتلون الموالون للحكومة بإزالة الحواجز الإسمنتية خلال تقدمهم هذا في المدينة الخاضعة لسيطرة المتمردين منذ 2014، مدجّجين بالأسلحة الرشاشة وقاذفات الصواريخ فوق السيارات رباعية الدفع.

وقال القائد الميداني في القوات الموالية للحكومة محمد السعيدي وهو يقف بين عناصره الذين كانوا يرفعون شارة النصر "الآن جاري التقدم إلى عمق الحديدة. إمّا يسلّموا المدينة بشكل سلمي أو نأخذها بالقوة".

وبحسب مصادر طبية في محافظة الحديدة، قتل 47 متمردا على الأقل من الحوثيين و11 مقاتلا من الموالين للحكومة في الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد الإجمالي للقتلى منذ بداية المعارك الخميس الماضي إلى 197 متمردا و53 مقاتلا من القوات الحكومية.

وقالت جماعات حقوقية ومصادر عسكرية إن المقاتلين الحوثيين خاضوا معارك مع القوات التي تقودها السعودية في مدينة الحديدة الساحلية باليمن اليوم الخميس ونشروا مسلحين على سطح مستشفى مما جعل الأطباء والمرضى في مرمى النيران.

وأضافت المصادر أن الحوثيين اقتحموا مستشفى 22 مايو بالضواحي الشرقية للمدينة في وقت تتصاعد فيه الاشتباكات بالتزامن مع دعوات متزايدة من قوى عالمية، منها بعض حلفاء السعودية الغربيين، لوقف إطلاق النار.

وقالت سماح حديد مديرة الحملات ببرنامج الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية "إنه تطور يثير الغثيان قد تكون له تبعات مدمرة بالنسبة للطواقم الطبية في المستشفى وعشرات المرضى المدنيين وبينهم الكثير من الأطفال".

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن القتال يدنو من المستشفى وإن الخدمات توقفت فيه بالفعل.

ويخوض التحالف الذي تقوده السعودية معارك لطرد الحوثيين الموالين لإيران من المدينة التي يسيطرون عليها منذ 2014. وأدى تصاعد القتال خلال الأسبوع الأخير لمحاصرة آلاف المدنيين.

وتركز أحدث قتال في منطقة 7 يوليو بشرق الحديدة وفي محيط جامعة تبعد أربعة كيلومترات فقط عن الميناء ولا تفصلها سوى بضعة مبان عن مستشفى الثورة وهو المنشأة الطبية الرئيسية على ساحل اليمن الغربي.

ومع تصاعد القتال خلال الليل، ذكرت وكالة سبأ اليمنية الرسمية للأنباء أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عين وزيرا جديدا للدفاع هو محمد المقدشي وعين عبدالله النخعي رئيسا جديدا لهيئة الأركان العامة.

وقال مسؤول كبير في الحكومة اليمنية إن المقدشي كان رئيسا لهيئة الأركان العامة ووزير الدفاع الفعلي منذ أكثر من عام وسيمنحه المنصب الرسمي سلطة أكبر في الإشراف على القتال.

وانتقلت الحكومة جنوبا إلى عدن، لكن هادي وأعضاء آخرين بحكومته موجودون بالرياض.

أمّا في شمال المدينة بعيدا عن المعارك، فبدت الشوارع مزدحمة بالمارة والسيارات وعلّقت على بعض أعمدة الكهرباء صور لقادة في صفوف المتمردين الحوثيين وسار مسلحون يحملون رشّاشاتهم في أيديهم بين زبائن سوق رئيسي للخضار يراقبون الحركة التي بدت طبيعية.

القوات اليمنية تبسط سيطرتها على مناطق داخل الحديدة مع استمرار المواجهات مع الانقلابيين الحوثيين
القوات اليمنية تبسط سيطرتها على مناطق داخل الحديدة مع استمرار المواجهات مع الانقلابيين الحوثيين

ويشهد اليمن منذ 2014 حربا بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، تصاعدت مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس/آذار 2015 دعما للحكومة المعترف بها دوليا بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء ومدينة الحديدة.

وكانت القوات الحكومية أطلقت في يونيو/حزيران الماضي بدعم من التحالف حملة عسكرية ضخمة على ساحل البحر الأحمر بهدف السيطرة على الميناء، قبل أن تعلّق العملية إفساحا في المجال أمام المحادثات، لتعلن في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي استئنافها بعد فشل المساعي السياسية.

واشتدّت المواجهات الخميس الماضي بالتزامن مع إعلان الحكومة اليمنية استعدادها لاستئناف مفاوضات السلام مع المتمردين الحوثيين وذلك غداة إعلان مبعوث الأمم المتّحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أنّه سيعمل على عقد مفاوضات في غضون شهر، بعيد مطالبة واشنطن بوقف لإطلاق النار وإعادة إطلاق المسار السياسي.

لكن غريفيث ألمح في مقابلة مع قناة "الحرة" الفضائية الأربعاء إلى أن عقد محادثات جديدة قد يتطلّب مدة زمنية أطول، موضحا أنه يعمل "من أجل عقد جولة مشاورات جديدة قبل نهاية العام".

وباءت آخر محاولة قام بها غريفيث لتنظيم محادثات سلام في سبتمبر/أيلول الماضي في جنيف، بالفشل بسبب غياب الحوثيين.

منظّمة العفو الدولية تتهم المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران بنشر قناصة على سطح المستشفى الرئيسي

وقال المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط باللجنة الدولية للصليب الأحمر فابريزيو كاربوني في بيان الخميس "هذا الهجوم الجديد على الحُديدة يئد ومضةَ الأمل التي أشعلها الإعلان مؤخرا عن محادثات السلام".

وتابع "نفد ما في جعبتنا من كلام لوصف مدى بؤس الأوضاع في اليمن. وقد آن الأوان كي نرى بصيص أمل في هذا البلد".

وقالت من جهتها منظمة الصحة العالمية في بيان إن معارك الحديدة "تضع حياة آلاف في خطر وتمنع المنظمة من الوصول إليهم لتقديم مساعدات عاجلة هم بحاجة ماسة إليها".

وتضم الحديدة ميناء تدخل عبره غالبية السلع التجارية والمساعدات الموجّهة إلى ملايين السكان. وتثير المعارك مخاوف على حياة السكان البالغ عددهم نحو 600 ألف شخص، وعلى الإمدادات الغذائية إلى باقي المناطق التي قد تتأُثر بحرب شوارع محتملة.

واتّهمت منظّمة العفو الدولية المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران بنشر قناصة على سطح مستشفى رئيسي في حي 22 مايو في شرق مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر.

وقال مسؤولون في القوات الموالية للحكومة إن المتمردين المدعومين من إيران حفروا خنادق وزرعوا ألغاما على الطرق في محيط مدينة الحديدة لمنع تقدم القوات الموالية للحكومة.

وذكر المسؤولون أن المتمردين نشروا كذلك قناصة على أسطح المباني وخلف لوحات إعلانية ضخمة للتصدي للقوات الموالية للحكومة.