لا عقود للشركات الأجنبية مع الرياض بلا مقرات محلية

السعودية تخطط لوقف التعاقدات مع مؤسسات تقع مقارها الإقليمية خارج المملكة لكن دون المساس بحرية عملها مع القطاع الخاص، في خطوة تهدف إلى تشجيعها على أن يكون لها تواجد دائم في البلاد يساعد في توفير فرص عمل.
سيتم استثناء بعض القطاعات من القرار وستصدر لوائح تفصيلية قبل نهاية عام 2021
نصيب أكبر اقتصاد في المنطقة من المقار الإقليمية أقل من 5 في المئة حاليا
الرياض ستكمل الإصلاحات وتحسن نوعية الحياة حتى تشعر الشركات والأفراد بالراحة

لندن - قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان الاثنين إن الشركات العالمية التي ترغب في المشاركة في الفرص الاستثمارية التي تمنحها الحكومة السعودية "سيتحتم عليها أن تتخذ قرارا" فيما يتعلق بإنشاء مقار إقليمية في المملكة اعتبارا من 2024 وإلا فلن تفوز بتعاقدات حكومية.

وتخطط المملكة، أكبر اقتصاد في المنطقة وأكبر مصدر للنفط في العالم، لوقف التعاقدات مع الشركات والمؤسسات التجارية التي تقع مقارها الإقليمية خارج السعودية في خطوة تهدف إلى تشجيع الشركات الأجنبية على أن يكون لها تواجد دائم في البلاد من شأنه أن يساعد في توفير فرص عمل للسعوديين.

لكن هذه الشركات سيكون لها حرية العمل مع القطاع الخاص في السعودية.

وقال الجدعان عبر الهاتف إذا رفضت شركة نقل مقرها إلى السعودية فبالتأكيد ذلك حقها وسيظل لديها الحرية للعمل مع القطاع الخاص في السعودية، لكن فيما يتعلق بالعقود الحكومية فإنها سيتعين عليها أن يكون مقرها الإقليمي في المملكة.

وقال إنه سيتم استثناء بعض القطاعات من القرار وستصدر لوائح تفصيلية قبل نهاية عام 2021.

وأضاف أن السعودية لديها أكبر اقتصاد في المنطقة في حين أن نصيبها من المقار الإقليمية ضئيل، أقل من 5 في المئة حاليا. مشيرا إلى أن القرار يهدف لمساعدة مسعى الحكومة لتوفير فرص عمل للشباب السعودي وإجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر لتنويع اقتصاد المملكة المعتمد على النفط.

وتواجه المملكة تحديات في اجتذاب الاستثمارات الأجنبية التي تعدّ حجر أساس في "رؤية 2030" التي وضعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بهدف تنويع موارد الاقتصاد السعودي المرتهن للنفط.

وتستخدم الشركات الأجنبية منذ سنوات دولة الإمارات العربية المتحدة كنقطة انطلاق لعملياتها الإقليمية بما في ذلك السعودية.

وكانت السعودية أطلقت مبادرة تحفيزية للشركات الأجنبية تقضي بإعفائها من ضريبة الدخل ومنحها حوافز لنقل مكاتبها الإقليمية إلى المملكة.

وأبدت شركات عدّة مستقرة منذ سنوات في الإمارات وغيرها من دول الخليج الأكثر ليبرالية والتي تسمح باستهلاك الكحول، بشكل غير علني تحفّظات على نقل مكاتبها الإقليمية إلى المملكة المحافظة.

وقال الجدعان إن بيئة العمل الحالية بها متسع للتحسين وإن الحكومة ستكمل الإصلاحات القضائية والتنظيمية وتحسن نوعية الحياة حتى تشعر الشركات والأفراد بالراحة في الانتقال إلى الرياض.

ليس تحدياً تجارياً مقصوداً للإمارات

في الوقت نفسه شدد على أن دبي كمركز أعمال إقليمي رئيسي لها ميزتها التنافسة الخاصة. وقال إن السعودية ستواصل العمل من أجل أن يكمل كل جانب الآخر والوصول إلى منافسة صحية.

ومؤخرا اعلنت 24 شركة عالمية خلال منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار الذي عُقد مؤخراً عزمها على "نقل مقرّاتها الإقليمية إلى الرياض".

وبحسب آخر تقرير للهيئة العامة للإحصاء بخصوص سوق العمل في الربع الثالث من العام 2020، تراجع معدّل البطالة إلى 14.9 بالمئة، من 15.4 بالمئة في الربع الثاني من العام 2020.

"تحدّ تجاري للإمارات"

وقال الباحث في "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" روبرت موغيلنيكي إنّ "الضغط على الشركات المتعدّدة الجنسيات لإنشاء مقارّ لها في المملكة العربية السعودية ينبع من الاعتقاد بأنّ الشركات الأجنبية المستفيدة من السوق السعودي يجب أن تعزز حضورها في البلاد".

وأضاف أنّ القرار "يمثّل في نهاية المطاف إعادة تقييم لاستدامة نموذج التنمية الاقتصادية للمملكة وليس تحدياً تجارياً مقصوداً للإمارات".

لكنّه اعتبر أنّه "إذا تم تنفيذه بنجاح، فمن المحتمل أن يكون له تأثير تجاري على دولة الإمارات العربية المتحدة".

وجاء في أحدث تقرير للهيئة العامة للإحصاء أصدرته الشهر الماضي أنّه "لا تزال آثار جائحة كورونا (كوفيد-19) مستمرة في التأثير على سوق العمل والاقتصاد السعودي".

والشهر الماضي أعلن ولي العهد السعودي أنّ صندوق الاستثمارات العام الذي يرأسه سيضخّ 40 مليار دولار سنوياً في الاقتصاد المحلّي خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

وتحاول المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، تحفيز اقتصادها المتضرّر جرّاء انخفاض أسعار الخام الذي يؤمّن أكثر من ثلثي إيراداتها، والإغلاقات والمخاوف المرتبطة بفيروس كورونا المستجد.

ولجأت السعودية في 2020 إلى رفع الضريبة على القيمة المضافة وعلّقت العمل بنظام الإعانات الشهرية للموظفين.

وجاءت تلك التدابير في وقت تسعى فيه المملكة إلى جذب استثمارات بـ500 مليار دولار لبناء مدينة "نيوم" المستقبلية النموذجية التي تشكّل إحدى الركائز الأساسية في "رؤية 2030".