لا مانع من اتلافها بعد تصويرها

وزارة التعليم السعودية مثال على عبثية استخدام المنظومات الالكترونية المتطورة لإعادة انتاج البيروقراطية الورقية.

تطور الأداء الرسمي الحكومي لا يكون باعتماد الكومبيوتر او رسائل الجوال، بل باعتماد وسائل أكثر تسهيلا على المواطن وتقليص دوائر اتخاذ القرار الى الحد الأدنى والإقلال من التعاميم الرسمية التي ترد الى الموظف بشكل شبه يومي.

وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية نجحت نجاحا كبيرا في جميع خدماتها الإلكترونية في نظام "ابشر"، سواء في الجوازات او الإقامات او الأحوال المدنية او رخص القيادة. سهلت كثيرا لأنها اعتمدت على الكومبيوتر حقيقة وليس شكلا.

بينما نرى وزارة مثل التعليم مازالت في معزل عن هذا التطور التكنولوجي، اذ تشكو المدارس من سيل التعميمات التي تردها تباعا سواء كتابيا أو الكترونيا.

هذا السيل من التعليمات كان يجب وقفه واعتماد نظام آلي يحقق مصلحة التلميذ ويسهل العمل على المدرس وإدارة المدرسة. فالمتغيرات في العملية التعليمية اقل بكثير من المتغيرات في معاملات الجوازات والإقامات والأحوال المدنية وإصدار الرخص.

ولكن إصرار بعض الإدارات الحكومية على التعامل مع الكومبيوتر بشكل ثانوي يذكرني بنكتة قيلت قديما.

يقال ان أرشيف إدارة حكومية امتلأ بالورق الناتج عن المعاملات التي تردها، وكان الموظفون يشكون لرئيس الإدارة فيفتح لهم غرفة او يخلي لهم غرفة ليستعملوها كمخزن للأرشيف. ولكن بعد مرور سنين لم يعد هنالك مكان شاغر، فاشتكى الموظفون للمدير. فحاول المدير إيجاد مكان ولكن استعصى عليه ذلك. فكون لجنة لمراجعة كل الأرشيف وكتابة مرئياتها حول الأوراق الموجودة. اجتمعت اللجنة أشهرا كثيرة وراجعت الأرشيف وأصدرت توصيتها بأن 80% من الأوراق المحفوظة لا أهمية لها ويمكن اتلافها. قرأ المدير محضر التوصية فذيله بقوله "لا مانع من اتلافها بعد تصويرها".

اظن هذه العقلية او قريب منها مازال يسيطر على بعض اداراتنا. والشواهد كثيرة. هم يتعاملون مع التقنية الحديثة بعقلية الكاتب المصري القاعد القرفصاء.

صالح بن عبدالله السليمان