لا موعد ثابتا لانتخابات الرئاسة في ليبيا

حالة من الغموض والضبابية تخيم على المشهد السياسي في ليبيا، بينما يفصل الليبيين أقل من ثلاثة أسابيع عن الاستحقاق الانتخابي وفق الموعد الجديد المقترح، في حين أن الأمر الأكثر وضوحا حتى الآن هو أن العملية السياسية المتعثرة دخلت متاهة أكبر مما كان متوقعا.
عقبات أمنية وقضائية وسياسية تعقد تحديد موعد للانتخابات في ليبيا
مفوضية الانتخابات تثير شكوكا حول الموعد الجديد للاستحقاق الانتخابي
مفوضية الانتخابات تحتاج وقتا أطول لتفادي أخطاء سابقة تسببت في تأجيل الانتخابات

بنغازي (ليبيا) - تتجه الأنظار في ليبيا إلى الموعد الجديد المقترح لإجراء الانتخابات الرئاسية وتاليا الانتخابات التشريعية لاستكمال مسار انتقال ديمقراطي يبدو عصيبا، لكن حتى الموعد الجديد الذي يفترض أن يكون في الرابع والعشرين من يناير/كانون الثاني الحالي قد لا يكون واقعيا وقد يصطدم بعراقيل كثيرة منها اللوجستية والأمنية والقانونية.

والواضح حتى الآن أن العملية السياسية المتعثرة دخلت متاهة أكبر مما كان متوقعا ولا توجد مؤشرات موضوعية تشير إلى إمكانية إتمام المسار الانتقالي في ظل واقع شديد التعقيد والتداخل.

والأرجح أن يسار ربما خلال الأيام القليلة القادمة إلى البحث في موعد جديد أكثر واقعية ويتيح للمفوضية العليا للانتخابات وكذلك وزارتي الداخلية والدفاع وقتا أطول لترتيب أفضل يتفادى تكرار الأخطاء السابقة التي تسببت في تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة نهاية العام الماضي.  

وتخيم حالة من الغموض والضبابية على المشهد السياسي في ليبيا بينما يفصل الليبيين أقل من ثلاثة أسابيع عن الاستحقاق الانتخابي وفق الموعد الجديد المقترح وليس ثمة ما يشير إلى أن الموعد ثابت في الوقت الذي لم يقرهّ مجلس النواب ولم تتمسك به المفوضية العليا للانتخابات.

ويحتاج إجراء الاستحقاق الانتخابي إلى أن تكون أقدام الجميع على الأرض بعيدا عن المكابرة والمغالاة وعن التطمينات التي لم تعد تقنع الليبيين وسط حالة من الإحباط الشعبي وترسانة من المشاكل الفنية واللوجستية ونزاعات لم تهدأ وقد لا تهدأ جرت الانتخابات في موعدها أم لم تجر.

وقد كشف رئيس مجلس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الاثنين أن عقبات أمنية وقضائية وسياسية تُشكل "قوة قاهرة" حالت دون إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الشهر الماضي، مشيرا إلى أن إجراءها في 24 يناير/كانون الثاني كما اقترح سابقا يفترض زوال هذه الأسباب.

وقال عماد السايح في إحاطة أمام مجلس النواب عن أسباب تعذر إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول، إن أسبابا قضائية وأمنية وسياسية جعلت إجراء الاقتراع في موعده متعذرا، وانتهت "بإعلان القوة القاهرة وعدم القدرة على نشر القوائم النهائية لمرشحي الانتخابات الرئاسية".

وأوضح أن "عدد الطعون بلغ 26 طعنا في 24 ساعة من فتح باب الطعن في قرارات استبعاد مرشحين وعدد المرشحين الكبير ناهز المئة وكلها عوامل تستدعي عملية تدقيق في ملفاتهم ووقتا أطول من المخصص"، مشيرا إلى أن القضاء لم ينظر في موضوع استبعاد مرشحين.

وتحدث عن عمليات تزوير واسعة النطاق في ملفات المرشحين، تتطلب وقتا أطول لفحصها ومراجعتها، مؤكدا في هذا الصدد "هناك عمليات مكشوفة لتزوير توقيعات تزكية المرشحين وهناك تزوير مستتر يحتاج وقتا طويلا للتحقق منه والتدقيق فيه"، مضيفا "لو منحنا بعض الوقت لقلصنا عدد المرشحين إلى 20 فقط. لتأكدنا من وجود تزوير، لكن لم يسعفنا الوقت لإثباته".

وعن الصعوبات الأمنية، قال "وزارة الداخلية والأجهزة الرسمية لديها خطة طموحة لتأمين سير العملية الانتخابية، لكنها اصطدمت في النهاية بواقع أمني وسياسي لم يمكنّها من تطبيق الخطة بالشكل المطلوب".

وذكر أن إجراء الاقتراع الرئاسي في 24 يناير/كانون الثاني/ الحالي وهو موعد كانت اقترحته المفوضية لكن يحتاج إلى أن يقر في البرلمان، يشترط فيه "زوال الظرف أو القوة القاهرة".

ونصحت لجنة متابعة الانتخابات بالبرلمان الليبي الأسبوع الماضي بعدم تحديد تاريخ للانتخابات لتجنب تكرار الأخطاء السابقة.

وخلال التحضير للانتخابات الرئاسية في الأشهر الماضية، سجلت حوادث أمنية في عدة مراكز انتخابية في غرب ليبيا. كما حاصر مسلحون مقر محكمة سبها (جنوب) لأيام قبل السماح لها بالعمل مجددا، للضغط من أجل أن تقبل طعن سيف الإسلام القذافي المرشح للانتخابات والمطلوب دوليا والمحكوم محليا، بقرار استبعاده من جانب مفوضية الانتخابات.

وأسقط الليبيون في فبراير/شباط 2011 بدعم من حلف شمال الأطلسي نظام معمر القذافي بعد انتفاضة استغرقت بضعة أشهر وغرقت ليبيا بعد ذلك في الفوضى وصراعات على السلطة.

وكان يفترض أن تكون الانتخابات الرئاسية التي لم تحصل تتمة لعملية سياسية انتقالية رعتها الأمم المتحدة على أمل أن تليها انتخابات تشريعية ترسي الديمقراطية في البلاد، لكن الصراع على السلطة الذي تغذيه تدخلات خارجية وانتشار السلاح والمرتزقة وغيرها من العوامل تحول حتى الآن دون استكمال العملية الانتقالية.

وفي خضم التطورات الحالية يطرح وضع حكومة الوحدة الوطنية التي سحب منها البرلمان الثقة، لتتحول آليا إلى حكومة تصريف أعمال إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، أكثر من علامة استفهام: هل ستستمر بالصفة الحالية (تصريف أعمال) أم سيسار إلى إنهاء مهامها؟

وقد يتحول التركيز في الأيام القادمة إلى هذه المسألة بينما يتزاحم أمراء الحرب وشخصيات سياسية معروفة وغير معروفة على كرسي الرئاسة، بينما تبقى احتمالات تسويات سياسية بينهم أمر وارد، ما يفتح الباب أمام تحالفات لضرب هذا المرشح أو ذاك.