
لا هدوء للاحتجاجات في إيران إلا في التصريحات الرسمية
طهران - بعد أن قطعت خدمات الانترنت بشكل شبه كلي، تحدثت طهران اليوم الاثنين عن هدوء لا يبدو إلا في الإعلانات الرسمية، بينما تستمر حالة الغليان الشعبي في العديد من المحافظات الإيرانية وسط توقعات باتساع رقعة مسيرات الغضب.
وليس ثمة ما يشير إلى أن مظاهرات الغضب في إيران في طريقها للهدوء، فالإيرانيون كسروا حاجز الخوف منذ احتجاجات العام 2018 ولم يهدأ حراكهم إلا حين استخدم الحرس الثوري وميليشياته العصا الغليظة.
ويقول متابعون للاحتجاجات التي تفجرت على وقع زيادة في أسعار الوقود سرعان ما تحولت إلى صرخة تنادي برحيل النظام، بأنه حتى لو ساد الهدوء في شوارع المدن الايرانية فإنه "هدوء يسبق العاصفة".
ومن المتوقع أيضا أن تعمد السلطات في إيران إلى قمع الاحتجاجات الأخيرة بطريقة أقوى وأكثر قسوة من تلك التي استخدمتها في العام الماضي، فالحراك الأخير يأتي في ظرف بالغ الحساسية بالنسبة للنظام الإيراني الذي هزّته قبل فترة احتجاجات شعبية عارمة عابرة للطائفية في كل من لبنان والعراق حيث تحتفظ طهران بنفوذ قوي وبأذرع باتت تواجه ضغوطا غير مسبوقة.

وذكرت وكالة فارس للأنباء المقربة من الحرس الثوري الإيراني أنه لم يتضح بعد متى سيتم رفع القيود على الانترنت وذلك نقلا عن مصدر حكومي مطلع.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن بيان للحرس الثوري أنه إذا لزم الأمر فإنه "سيواجه بحزم استمرار أي انعدام للأمن والإجراءات التي تعيق سلام الناس والهدوء".
واعتقل الحرس الثوري الإيراني 150 من قادة الاحتجاجات في محافظة البرز، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء تسنيم، مضيفة أنهم اعترفوا بأنهم "تلقوا أموالا" لحرق المباني، في تبرير لقرار الاعتقال.
وأقرت السلطات في إيران اليوم الاثنين أنها لا تزال تواجه "أعمال شغب" رغم أن الوضع أصبح "أكثر هدوءا" بعد أيام من تظاهرات تخللتها أعمال عنف على خلفية رفع أسعار البنزين.
وأغلقت طرق رئيسية وأحرقت مصارف و"نُهبت" متاجر في الاضطرابات التي تشهدها البلاد والتي أدت إلى مقتل شخصين على الأقل، هما مدني وشرطي.
لا يمكن في خضم التطورات المتسارعة في إيران نفي وجود أعمال نهب وتخريب، إلا أنها جزء من المشهد وليست كل المشهد وهي استثناء وليست حالة عامة
وبث التلفزيون الرسمي مشاهد لأعمال العنف تظهر شبانا ملثمين في شوارع تناثر فيها الركام وهم يقومون بإضرام النار في مبان. ونادرا ما يقوم التلفزيون الرسمي ببث أي مظاهر للمعارضة في البلاد.
وتحدثت ميليشات الباسيج شبه العسكرية عن أعمال نهب، بحسب وكالة اسنا شبه الرسمية، في توصيف دأب النظام على استخدامه كلما تعرض لهزات داخلية في محاولة لتشويه الاحتجاجات الشعبية.
ولا يمكن في خضم التطورات المتسارعة في إيران نفي وجود أعمال نهب وتخريب، إلا أنها جزء من المشهد وليست كل المشهد وهي استثناء وليست حالة عامة.
وكان قائد الباسيج الجنرال غلام رضا سليماني صرح سابقا بأن "المخطط الأميركي فشل".
وبدأت التظاهرات الجمعة بعد الإعلان عن رفع سعر البنزين بنسبة 50 بالمئة لأول 60 لترا و200 بالمئة لكل لتر إضافي يتم شراؤه بعد ذلك كل شهر.
وقالت السلطات في الجمهورية الإسلامية إنها اعتقلت أكثر من 200 شخص وفرضت قيودا على استخدام الانترنت.

وذكر موقع "نيتبلكس" الذي يراقب حركة تويتر "بعد 40 ساعة من حجب إيران الانترنت بشكل شبه تام، لا يزال الاتصال مع العالم الخارجي عند نسبة 5 بالمئة من المستويات العادية".
وقال علي ربيعي المتحدث باسم الحكومة إن الوضع أكثر هدوءا" الاثنين، إلا أنه أضاف في مؤتمر صحافي في طهران أنه لا يزال هناك "بعض المسائل الصغيرة ولن يكون لدينا غدا أو بعد غد أي مشكلات بشأن أعمال الشغب".
وأضاف "هناك تجمعات في بعض المدن والمحافظات". وعند الطلب منه الكشف عن أرقام الإصابات في الاضطرابات قال "ما استطيع أن أقوله اليوم هو أن التجمعات هي أقل بنسبة نحو 80 بالمئة عن اليوم السابق".
ولم يتضح بعد الوضع في الشوارع صباح الاثنين بسبب انقطاع الانترنت الذي أدى إلى توقف تدفق فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي لتظاهرات أو أعمال عنف متصلة.
ويأتي قطع الانترنت لقطع الطريق على التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولتقويض حملة تهدف للحشد لموجة جديدة من الاحتجاجات.
ويرزح الاقتصاد الإيراني تحت أزمة منذ مايو/أيار من العام الماضي عندما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل أحادي من اتفاق نووي موقع عام 2015 وأعاد فرض عقوبات مشددة على طهران.
وأشعلت الزيادة في سعر الوقود فتيل الاحتجاجات، إلا أنها تأتي بعد أيام قليلة من احتجاجات عارمة شهدتها الأحواز الإيرانية على اثر وفاة شاعر أحوازي معارض للنظام تقول عائلته إنه تم تصفيته بتسميمه في إحدى المستشفيات.