لبنان يؤجل اجتماعا حكوميا بشان ملف انفجار مرفأ بيروت

تصاعد التوتر بشأن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت بدفع لبنان إلى أزمة سياسية في اختبار كبير لحكومة ميقاتي الجديدة في الوقت الذي تسعى فيه لإخراج البلاد من أزمة اقتصادية عميقة.
الاجتماع كان سيتناول الخلافات بشان القاضي طارق بيطار
مخاوف من ان يخضع ميقاتي لضغوط حزب الله فيما يتعلق بالتحقيق في انفجار مرفا بيروت
ميقاتي يواجه استفحال الازمة المالية

بيروت - قال مصدر مسؤول إن لبنان أرجأ اليوم الأربعاء جلسة لمجلس الوزراء كان من المقرر أن تبحث خلافا بشأن القاضي الذي يقود التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الكارثي العام الماضي.
وأضاف المصدر أنه لم يُعلن بعد موعد جديد لعقد الجلسة.
ويهدد تصاعد التوتر بشأن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت بدفع لبنان إلى أزمة سياسية في اختبار كبير لحكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الجديدة في الوقت الذي تسعى فيه لإخراج البلاد من أزمة اقتصادية عميقة.
وبعد مرور أكثر من عام على الانفجار الذي هز بيروت وأسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص، تواجه جهود القاضي طارق بيطار لاستجواب كبار المسؤولين للاشتباه بأنهم كانوا على علم بالمواد الكيميائية المخزنة ولكنهم لم يفعلوا شيئا لتجنب ذلك عقبات سياسية.
وسعى الوزراء الشيعة المنتمون لحزب الله وحركة أمل بالإضافة إلى تيار المردة المتحالف معهما إلى الضغط خلال جلسة يوم الثلاثاء الحكومية للمطالبة بإقالة بيطار ولكن هذا الموضوع تسبب برفع الجلسة.
ويقول محللون إن موضوع التحقيق يساهم بزعزعة الحكومة ويخاطر بتقويض جهود نجيب ميقاتي الذي شكل حكومته الشهر الماضي بعد أكثر من عام من الخلاف على مقاعد مجلس الوزراء مما أدى إلى إغراق البلاد في واحدة من أسوأ موجات الكساد الاقتصادي على الإطلاق.
كما سلط الخلاف الضوء على النفوذ الكبير لجماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران والتي دعت إلى استبدال بيطار واتهمته بإجراء تحقيق مسيّس يستهدف أشخاصا بعينهم.
وسعى بيطار إلى استجواب أحد كبار السياسيين في البلاد وهو وزير المالية السابق علي حسن خليل الذي قال إن جميع الخيارات مفتوحة للتصعيد السياسي عندما سُئل خلال مقابلة يوم الثلاثاء عما إذا كان من الممكن استقالة بعض الوزراء.
خليل هو الذراع اليمنى لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو أكبر شيعي في الدولة، وحليف وثيق لحزب الله. وقال خليل لقناة الميادين إن مسار التحقيق يهدد بدفع لبنان "نحو حرب أهلية".
وكان حزب الله وحركة أمل قد سحبوا الوزراء التابعين لهم من الحكومة في أوقات سابقة من الصراع السياسي ما أدى إلى نسف الحكومة التي يقدودها السنة من خلال سحب التمثيل الشيعي منها.
وكان ميقاتي قال في وقت سابق إن لبنان لا يمكنه تحمل إقالة قاض ثان بعد إقالة المحقق الأول في فبراير شباط عندما قبلت المحكمة شكوى تشكك في حياده.
وتعد أولوية ميقاتي هي إحياء محادثات صندوق النقد الدولي لإنقاذ لبنان. لكن ليس لديه الوقت الطويل لتحقيق هذا الهدف مع اقتراب موعد الانتخابات في الربيع المقبل.
وقال هايكو ويمين وهو محلل في مركز أبحاب مجموعة الأزمات إن الخلاف سوف "يستنزف الطاقة ويجعل (ميقاتي) يبدو ضعيفا". "إنها تضع علامة استفهام كبيرة، أو تضيف واحدة، إلى الشكوك التي تساور الجميع بالفعل بشأن جدوى هذه الحكومة".
وأضاف مهند حاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط أن حزب الله "كان يُظهر نفوذه وقوته وهذا ينعكس بشكل سيء على حكومة ميقاتي".
قال نزار صاغية رئيس المفكرة القانونية، وهي منظمة أبحاث، إن الحكومة لا تملك سلطة عزل بيطار، لكنها قد تلغي قرارا سابقا يقضي بإحالة التحقيق إلى المجلس العدلي وهذا سيكون اعتداء كبيرا على "فصل السلطات".
ودعت الدول الأجنبية التي يأمل لبنان في الحصول على مساعدات منها إلى تحقيق شفاف في الانفجار الناجم عن كمية ضخمة من نترات الأمونيوم المخزنة بشكل غير آمن.
واتهمت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله الذي تعتبره منظمة إرهابية بتهديد وترهيب القضاء.
وبينما سعى بيطار إلى استجواب العديد من الساسة المتحالفين مع حزب الله، فإنه لم يسع إلى استجواب أي من أعضاء الجماعة نفسها.
وقد نفى جميع المسؤولين الذين طلب بيطار استجوابهم بشأن الإهمال ارتكاب أي مخالفة. ومن بينهم حسان دياب ، رئيس الوزراء وقت الانفجار.
وتصاعدت الازمة اتلمالية في لبنان حيث خسرت الليرة اللبنانية الأربعاء المزيد من قيمتها أمام الدولار بعد تحسن محدود الشهر الماضي إثر الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة بعد 13 شهراً من الفراغ السياسي.

الليرة اللبنانية تسجل سقوطاً جديداً أمام الدولار بعد تحسن محدود
الليرة اللبنانية تسجل سقوطاً جديداً أمام الدولار بعد تحسن محدود

ومنذ صيف العام 2019، في ظلّ انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، بدأت الليرة اللبنانية تتراجع تدريجياً أمام الدولار تزامناً مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار، فيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرة.
ففي تموز/يوليو، سجّلت الليرة اللبنانية تدهوراً قياسياً جديداً، إذ تخطى سعر الصرف مقابل الدولار عتبة 23 ألفاً في السوق السوداء.
وفي أيلول/سبتمبر، تحسن سعر الصرف بعض الشيء ليقترب من 15 ألفاً مقابل الدولار بعد الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي بعد أكثر من عام من شلل سياسي إثر استقالة الحكومة السابقة بعد أيام من انفجار مرفأ بيروت المروع في آب/أغسطس 2020.
إلا أن هذا التحسن لم يطل كثيراً، وعادت الليرة لتخسر المزيد من قيمتها تدريجياً مع استمرار تداعيات الانهيار الاقتصادي وغياب أي خطط إصلاحية واضحة.
وقال صرافون، رفضوا الكشف عن هوياتهم إن سعر الصرف الليرة بلغ الأربعاء 20,500 ليرة للدولار مقابل 17 ألفاً بداية الشهر الحالي. ويُعد ذلك التراجع الأسوأ في قيمة الليرة منذ آب/أغسطس حين تجاوز سعر الصرف أيضاً عتبة 20 ألفاً.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية خلال عامي الأزمة أكثر من 600 في المئة، وفق الأمم المتحدة. وجراء نضوب احتياطي المصرف المركزي بالدولار، شرعت السلطات منذ أشهر في رفع الدعم تدريجياً عن سلع رئيسية أبرزها الوقود والأدوية، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير.
ويقع على عاتق الحكومة الجديدة التوصل سريعاً إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي كخطوة أولى لإخراج لبنان من أزمته، فيما يشترط المجتمع الدولي تطبيق إصلاحات بنيوية في قطاعات رئيسة مقابل توفير الدعم المالي.