لبنان يبحث عن سبل شفاء أرضه في بينالي البندقية

مهندسون معماريون لبنانيون شباب يركزون في مشروعهم الفني البيئي على تخليص التربة من التلوث الناجم عن الحروب.

بيروت - انطلق مهندسون معماريون لبنانيون شباب من مخاوف تتعلق بتأثُّر تربة مناطق لبنانية بالقصف الإسرائيلي السنة الماضية، فجعلوا موضوع شفاء الأرض من التلوث الناجم عن الحروب وسواها مشروعا فنيا بيئيا يمثّلون به بلدهم في المعرض الدولي لفن العمارة الذي يقام في مدينة البندقية الإيطالية اعتبارا من مايو/أيار المقبل.

ويجيب التجهيز الذي يحمل عنوان "الأرض تتذكر" وصممته مجموعة كال للهندسة المعمارية، عن السؤال الذي تطرحه الدورة التاسعة عشرة للمعرض الدولي على كل الدول المشاركة في شأن "الذكاء الجماعي والذكاء الاصطناعي والذكاء الطبيعي"، بما فيها لبنان، في مشاركته الثالثة.

وقال الياس تامر (30 عاما)، أحد أعضاء المجموعة التي تضم أيضا كلّاً من شيرين دمر ولين شمعون وإدوار سعيد، في تصريح لوكالة فرانس برس على هامش مؤتمر صحافي عُقد الخميس في بيروت لإطلاق المشروع "نحن في لبنان بعيدون من الذكاء الاصطناعي، لذلك ركزنا على كل ما هو ذكاء جماعي وخصوصاً الذكاء الطبيعي، من خلال استخدام ذكاء الأرض الذي يتوافر في لبنان (…) وأردنا الرد بشكل عاجل على ما يحدث من تدمير للطبيعة والمجتمعات".

وأوضح القائمون على الجناح اللبناني في بيان أن الجناح الذي يمتد على مساحة 50 مترا مربعا، يدعو "إلى إعادة التفكير في علاقتنا بالأرض، بما يتجاوز الحلول التقنية مثل إزالة تلوث التربة أو إعادة بناء البنية التحتية".

ووُصف الجناح اللبناني بأنه "دعوة ملحة لإعادة تصور التعايش مع الطبيعة بعد إزالة التلوث، والتركيز على الحفاظ على وإحياء التقلبات الدورية التي تمكن الطبيعة والبشر من الازدهار".

وشرح أستاذ إدارة النظم الإيكولوجية في كلية الزراعة والعلوم الغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت رامي زريق أن "الموضوع الأساسي هو كيفية المساهمة في شفاء الأرض من كل الجروح والمصائب" التي لحقت بها.

وحرصت المجموعة على أن يرتبط عملها الفني المعماري بما أحدثته الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، وما خلفته "من دمار وآثار بفعل قنابل الفوسفور الأبيض، وبقايا المعادن الثقيلة والمواد السامة التي اندمجت بالتربة والدخان حيث شهدنا بشكل متزايد عودة مشكلة تلوث التربة"، بحسب تامر.

وذكّر تامر بأن "تربة لبنان ملوثة منذ أعوام بسبب التنظيم المدني غير المنضبط والتلوث ومياه الصرف الصحي غير المعالجة".

ويقوم التجهيز، بحسب تامر، على خلط قطع من الطوب متوازية الشكل مع بذور القمح، قائلا "نريد إيصال رسالة إيجابية جدا إلى البندقية، مفادها أننا نوثق تدمير الأرض والتربة، ولكن قبل كل شيء نؤكد على كيفية شفاء الأرض".

فالزائر يدوس على مكعبات الطوب التي تتفتت تحت خطواته، فتنبت بذور القمح بين أجزائها المبعثرة، إذ أن المعرض يستمر ستة أشهر، من 10 مايو/أيار إلى 23 نوفمبر/تشرين الثاني. وتتدلى من السقف بذور نباتات عدة استوطنت في لبنان.

وفي هذا الصدد، قال تامر "أرض لبنان غنية جدا وفريدة من نوعها. هناك الكثير من أنواع النباتات النادرة. لذلك أردنا ترجمة كل ذلك في هذا التجهيز"، مضيفا "انطلقنا من سؤال عن كيفية التطرق إلى الهندسة المعمارية، وهي موضوع البينالي، إذا كان أساس العمارة الذي هو الأرض والتربة في لبنان ملوثا ومضرّا".