لبنان يفرج عن'جزّار الخيام' المتعاون مع إسرائيل

المحكمة العسكرية تعتبر الجرائم المسندة إلى عامر الفاخوري لجهة تعذيب سجناء في العام 1998، سقطت بمرور أكثر من عشر سنوات على وقوع الجرم المدعى به.

بيروت - أصدرت المحكمة العسكرية في لبنان الإثنين قراراً بإطلاق سراح قيادي سابق في ميليشيا مسلحة كانت تتعامل مع الجيش الإسرائيلي أثناء احتلاله لجنوب لبنان خلال الثمانينات والتسعينات.

وأثارت عودة عامر الفاخوري من الولايات المتحدة حيث أقام منذ سنوات طويلة، عبر مطار بيروت في أيلول/سبتمبر 2019 غضباً واسعاً في لبنان وسط اتهامات بممارسته التعذيب داخل معتقل سابق في بلدة الخيام أثناء احتلال إسرائيل لجنوب البلاد.

وقضى قرار المحكمة العسكرية بكفّ التعقبات عن فاخوري، الذي يحمل أيضاً الجنسية الأميركية، من جرم تعذيب سجناء في معتقل الخيام وتسبّبه بوفاة اثنين منهم.

واعتبرت المحكمة أن الجرائم المسندة إليه "لجهة تعذيب سجناء في العام 1998، سقطت بمرور الزمن العشري (أي مرور أكثر من عشر سنوات على وقوع الجرم المدعى به)، وقررت إطلاق سراحه فوراً ما لم يكن موقوفاً بقضية أخرى".

ويلاحق الفاخوري القيادي السابق في ميليشيا "جيش لبنان الجنوبي" في دعوى أخرى رفعها عدد من المعتقلين السابقين في سجن الخيام، بجرم اعتقالهم وحجز حريتهم وتعذيبهم، إلا أن قاضي التحقيق لم يستجوب الفاخوري بعد ولم يصدر مذكرة توقيف بحقه نظراً لوضعه الصحي بعد اكتشاف إصابته بداء السرطان خلال توقيفه.

وغادر الفاخوري الذي يلقبه اللبنانيون بـ"جزار الخيام" لبنان عام 1998، قبل عامين من الانسحاب الإسرائيلي. وفي العام ذاته، صدر حكم غيابي بحقه بالسجن لمدة 15 عاماً مع الأشغال الشاقة لاتهامه بالعمالة لإسرائيل. ورجحت وسائل إعلام محلية أن تكون عودته مرتبطة بسقوط إمكانية تنفيذ هذه الأحكام بفعل مرور الزمن.

وقال معتقلون سابقون عدة إن الفاخوري تولى مسؤولية قيادية في معتقل الخيام حيث تمّ سجن وتعذيب المئات من اللبنانيين والفلسطينيين خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لمنطقة الجنوب التي استمرت 22 عاماً حتى العام 2000.

وتم تأسيس "جيش لبنان الجنوبي" العام 1976 على أيدي عناصر من الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان (1975-1990).

وفي ظل تفتت الجيش بين المجموعات الطائفية والسياسية المقاتلة آنذاك، وضعت هذه المجموعة نصب أعينها مواجهة الفصائل الفلسطينية التي كانت تستخدم الجنوب لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل. ثم ما لبثت أن خاضت معركة ضد المسيحيين في لبنان، بدعم من مجموعات لبنانية يسارية وإسلامية.

واتهمت منظمة العفو الدولية "جيش لبنان الجنوبي" الذي كانت إسرائيل تموله وتسلّحه بارتكاب أعمال تعذيب "منهجية"، لا سيما في معتقل الخيام.

وضمّت المجموعة نحو 2500 عنصر فرّ كثيرون منهم مع أفراد عائلاتهم إلى إسرائيل في العام 2000.

وتتراوح التقديرات حول عدد الموجودين حالياً في إسرائيل بين 2400 و2700 شخص، بينهم أطفال ترعرعوا وتعلموا هناك، وفق لجنة ممثلة للعائلات. ومن بين هؤلاء 1200 مسيحي من بلدة القليعة الواقعة في جنوب لبنان رقرب الحدود الإسرائيلية، وهي منطقة يتمتع فيها حزب الله بنفوذ كبير.

في القليعة ذات الغالبية المسيحية يلتزم غالبية الأهالي الصمت لدى سؤالهم عن مصير أقربائهم في المقلب الآخر من الحدود، حيث يرفض كثيرون منهم الكلام خوفا من أن يتحولوا بدورهم إلى "متهمين بالعمالة".

ويعتبر لبنان في حالة حرب مع إسرائيل. ويواجه المتعاملون مع إسرائيل عقوبات قاسية قد تصل إلى السجن مدى الحياة.

واتهمت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله المحكمة العسكرية "بتنفيذ قرار سياسي من الدولة اللبنانية بناءً على أوامر أميركية"، مشيرة إلى أن "جلسة المحكمة التي عُقِدت اليوم، جرت بصورة هي أقرب إلى السرية، في وقت تعطيل البلاد بسبب فيروس كورونا".

وأشارت الصحيفة إلى "أن مهندس تنفيذ القرار الأميركي تعمّد أن يتم إطلاق الفاخوري قبل إقفال مطار رفيق الحريري الدولي بعد غد الأربعاء، ليتسنّى إخراجه من البلاد فوراً".

وانتقد نشاء لبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي قرار المحكمة وحزب الله أيضا على اعتباره "زعيم المقاومة" ما يضعه في حرج أمام مناصريه الذين يعتبرون هؤولاء اللبنانيين "عملاء" وليس "مبعدين".

يذكر ان حزب الله اللبناني يعيش أحلك فتراته بسبب ولائه لإيران وتوريط لبنان سواء عبر الحكومة الحالية التي يتحكم في خيوطها أو عبر مشاركته في الحرب السورية، حيث شن أنصاره في الأسابيع الماضية حملة ضد قيادات الحزب بسبب مقتل عدد كبير من عناصره فقط من أجل حمايةمصالح طهران في المنطقة وتقديم المقاتلين قربانا لتنفيذ أجندتها على حساب حياتهم.