لبنان يمر للبحث عن مكمن الغاز في المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل

أعمال الحفر في البئر الاستكشافية الأولى تثبت وجود العناصر الأساسية لنظام جيولوجي–بترولي في البحر اللبناني، لكن لم يتم التحقق بعد من وجود المكمن الغازي.

بيروت - أعلن وزير الطاقة والمياه اللبناني ريمون غجر الإثنين أن النتائج الأولية لحفر أول بئر استكشافية للنفط في المياه الإقليمية اللبنانية أثبتت وجود غاز، من دون أن تجد شركة توتال الفرنسية المشغلة "مكمناً تجارياً" له.

وأطلق لبنان رسمياً في نهاية شباط/فبراير أعمال الحفر في البلوك الرقم أربعة قبالة الشاطئ اللبناني على عمق 1500 متر.

وقال غجر خلال مؤتمر صحافي "أثبتت النتائج الأولية للحفر وجود غاز على أعماق مختلفة داخل الطبقات الجيولوجية التي اخترقتها البئر في منطقة جيولوجية محاذية للساحل اللبناني".

لكنه أوضح أنه "لم يتم العثور على مكمن للغاز، أي مكمن تجاري".

ومن المفترض، وفق غجر، أن يصدر التقرير النهائي المفصل من قبل شركة "توتال" خلال شهرين.

ووقعت الحكومة اللبنانية العام 2018 للمرة الأولى عقوداً مع ثلاث شركات دولية هي "توتال" و"إيني" الايطالية و"نوفاتيك" الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في الرقعتين الرقم 4 و9.

وتضم الرقعة رقم 9 جزءاً متنازعاً عليه مع إسرائيل، لن تشمله أعمال التنقيب. ويُفترض وفق مسؤولين لبنانيين أن تبدأ العام الحالي أعمال الحفر في هذه الرقعة.

ويرجح خبراء أن تكون نسبة العثور على الغاز مرتفعة في المنطقة الجنوبية القريبة من الرقعة رقم 9 حيث سبق أن اكتشفت إسرائيل فيها كميات كبيرة من الغاز.

ويعود تاريخ الرقعة رقم 9 إلى عام 2009 حين اكتشفت شركة "نوبل للطاقة" الأميركية كمية من احتياطي النفط والغاز في الحوض الشرقي من البحر الأبيض المتوسط.

وقسمت المساحة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل والتي تبلغ مساحتها 860 كلم مربع من حدود لبنان البحرية الجنوبية، إلى 10 مناطق وتمثل الرقعة 9 إحدى تلك المناطق.

وتتنازع إسرائيل ولبنان على ترسيم الحدود البحرية منذ عقود، وتحاول واشنطن أن تحل هذا النزاع بوساطة مبعوثها للمفاوضات ديفيد شينكر الذي يتولى أيضا منصب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط.
لكن هذه المفاوضات تم تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل الحكومة في تل أبيب، في وقت لا يبدو فيه حزب الله اللبناني الذي يتحكم في الحكومة الحالية مستعد للتنازل في ظل العقوبات الأميركية المفروضة عليه والوضع الإقليمي المرتبط بالتوتر مع ممولته إيران.

ويقدر إجمالي حجم الاحتياطيات البحرية اللبنانية من النفط، عند 865 مليون برميل، ومن الغاز عند 96 تريليون قدم مكعبة.

وأوضح غجر أن "المعطيات والبيانات الجيولوجية والبرتوفيزيائية التي تم الاستحصال عليها من هذه البئر (رقم أربعة) هي ثروة من المعلومات التي ستساهم في تعزيز فرص وحصول استكشاف تجاري" في المواقع الأخرى وتحديداً البقعة الرقم 9.

وأضاف أن بيانات البلوك الرقم أربعة "ستساهم في تحسين عمليات التحليل وأعمال الاستكشاف في البقعة رقم 9 وتحديد أفضل هدف جيولوجي محتمل ليتم استهدافه في أعمال الحفر".

وتابع "رغم الظروف العالمية الصعبة المرافقة لفيروس كورونا وعلى رغم التدهور الكبير بأسعار البترول، يستمر العمل على قدم وساق للعمل في الرقعة رقم 9 في أقرب وقت ممكن".

وأطلق لبنان العام 2019 دورة التراخيص الثانية في خمسة بلوكات أخرى على أن يكون الموعد النهائي لتقديم الطلبات في حزيران/يونيو المقبل.

ويأمل المسؤولون أن يكون التنقيب مقدمة لإنقاذ البلاد التي تواجه أزمة اقتصادية تعد الأسوأ في تاريخها الحديث.

لكن تصرسحلت المسؤولين لا يبدو أنها تثير اهتمامت الشارع اللبناني الذي عاد إلى التظاهر منذ أيام فحتى في حال تم العثور على الغاز فإن إنتاجه سيبدأ بعد سنوات ولن ينقذ الاقتصاد الذي يواجه انهيارا وشيكا ويهدد بإفلاس الدولة.

ويشكك اللبنانيون فيما يقوله السياسيون في البلاد حيث تسعى بعض الأحزاب إلى تضخيم ملف الغاز والثروات التي سيجنيها لبنان منه لاستثماره سياسيا وكسب ود الشارع المنتفض بأساليب شعبوية لم تعد تلقى رواجا منذ أن خرج المتظاهرون إلى الشارع دون انتماء سياسي أو طائفي مطالبين بمحاسبة المسؤولين الفاسدين في الدولة.

وسخر اللبنانيون خلال الحراك الشعبي الذي بدأ في أكتوبر الماضي احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية في البلاد، من تصريحات الرئيس ميشال عون وصهره الساعي لخلافته في الرئاسة النائب جبران باسيل، حيث وعدا اللبنانيين بوفرة وانتعاش اقتصادي مبني على هذه الاكتشافات النفطية.