"لعلها مزحة" تروي التحولات الاجتماعية في الإمارات

الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد تستقصي أحوال المكان والإنسان في فترة زمنية تمتد منذ ثلاثينيات القرن العشرين وصولاً إلى الألفية الثالثة.
تجربة روائية جديدة تنزع إلى الجدة والابتكار

ميلانو (إيطاليا) - أصدرت الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد روايتها الأولى "لعلها مزحة" عن منشورات المتوسط بإيطاليا، تروي فيها جزءا من التحول الاجتماعي في الإمارات في أكثر من ثمانين عاما.
تتقاطع في الرواية شخصيتان رئيستان، مسلّم العجوز المصاب بخدش غامض، وميرة جارته في حي تكاد فيه كل البيوت أن تكون بيتاً واحداً، والتي تحاول أن تفك غموض خدشه. 
وتذهب تلك الشخوص من هنا في رحلة زمانية ومكانية، تستقصي أحوال المكان والإنسان الإماراتيين وتحولاتهما في فترة زمنية تمتد منذ ثلاثينيات القرن العشرين وصولاً إلى الألفية الثالثة.
تعبر كلُّ شخصية من الشخوص الرئيسة، في مضمونها، عن شكل جيل من جيلين متقابلين، عاشا في تلك الفترة وتماسّا معاً على الرغم من التغير الشمولي في مستوى الآمال والأفكار لكل منهما.
ومن أجواء الرواية التي جاءت في 224 صفحة من القطع الوسط:

الرواية الاماراتية
تقاطع الأجيال في رواية واحدة

باب التهشيم
الشارقة 1982
يتقابلان الآن.. ويشعر بأن الفارق بينهما في الروح أضحى ضئيلاً، يشعر أيضاً بأنه يشبهه، ويودّ لو أنه يستطيع أن يمدّ له يده بالمغفرة، لكن تلك الحواجز نفسها بقيت بينهما، ملامح والده إبراهيم الضبابية، ضحكة أمّه "خديّة"، غمّازة نجلاء وأصوات الصغار.. يتحشرج صوت هلال في طلبه لرشفة ماء.. ويقابله هو بالجمود.. يكرّر هلال طلبه.. ثمّ يصمت في إنهاك.. يصمتان معاً.. يعود هلال ليهذي بعيداً عن الماء.. يسأل عن بادما أو بدور.. وأحمد.. يحاول أن ينتصب بجسده، لكي يواصل بحثه البائس عنهما، لكنه يتهاوى.. يراقب التهاوي في وجوم.. يعود هلال مرّة أخرى إلى استجداء الماء.. يرفع هو الكوب المعدني المليء بالماء ببطء، يحاول أن يقرّبه من الشَّفَتَيْن اليابسَتَيْن دون يلمسهما.. يرتفع "هلال" من تهاويه في محاولة بائسة، ليرشف ما اقترب، يرتجف مستجدياً بنظرته، لكنه يتجاهل النظرة، يُبعد الماء بغتة، يعيده إلى جانبه، يحاول هلال أن يرفع يده، لكنها تخذله كبقية جسده، شعر بأنه يستطيع الآن أن يعاقبه كما اشتهى طويلاً، ماذا لو أنه يتركه يجفّ؟! معاكساً الطريقة التي قَتَلَ هلال بها والده .. الجفاف عكس الغرق، ستكون نهاية عادلة.. دخلت جواهر للغرفة مقاطعة.. انتبهت للحشرجة ومعناها. 
- ألا تسمع بأنه يريد ماءً، يا "مسلّم"؟ 
- لقد كنتُ شارداً.
كتب الناقد السعودي زكي الصدير في صحيفة العرب اللندنية عن الكاتبة صالحة عبيد "هناك جيل ثقافي جديد في الإمارات يشتغل على مشروعه الأدبي بهدوء، مستعينا بوعيه وبقراءاته وبتأملاته الشخصية. الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد واحدة من هذه التجارب التي تمتلك صوتها الخاص".
وكتب الناقد السوري إبراهيم اليوسف في صحيفة الخليج الإماراتية "تعد الكاتبة صالحة عبيد حسن من الأسماء الجديدة، وتتميز قصتها بنزوعها إلى الابتكار، والجدة، من خلال لغة خاصة، تشكل علامتها الفارقة، وتعد أحد معالم قصص الكاتبة عموماً، وهو ما بدا في مجموعتها القصصية الأولى زهايمر". 
صالحة عبيد كاتبة من الإمارات مواليد 1988، صدرت لها ثلاث مجموعات قصصية، آخرها "خصلة بيضاء بشكل ضمني"، حاصلة على جائزة الإمارات للشباب عن فئة الإبداع الأدبي وجائزة العويس للإبداع.
تكتب صالحة مقالاً أسبوعياً في صحيفة الرؤية الإماراتية.