لماذا ندافع عن السعودية

لو أصاب السعودية دمار كالذي أصاب العراق وسوريا وليبيا واليمن، فقد انتهى العرب.

من البديهي أن واجب كل عربي أن يدافع عن بلاد العرب، على الرغم من الأذى الذي ألحقه العرب ببعضهم البعض، ففي السياسة لا يعتمد الأمر على جيل واحد، وكل جيل يأتي بقيم جديدة، وليس من صالح أحد أن يأتي جيل جديد أنذل من الذي جاء قبله، وكبار السن يعرفون كيف كانت الروح المعنوية عالية في السبعينات، ثم توالى الانحدار حتى وصلنا إلى مستوى الهالوين والجنس الثالث، ولا نلومهم فهم ضحايا فساد الكبار، ولا بد من إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح، وغرس قيم جديدة تقوم على الاعتزاز بالنفس ونصرة العرب في كل بلدان العرب، خاصة وأن العقد إذا انفرط، لا يقف عند حد معين. والمؤسف أن جميع الذين عاشوا في الخارج عرفوا ما هي النظرة العامة للعربي، وهي أنه غني وغبي وجبان وخائن. إلى متى؟ هل هذه الصفات في جيناتنا؟ وحتى الجينات أصبح اليوم بالإمكان تعديلها.

إنهم يكرهون بعضهم البعض ويتآمرون على بعضهم البعض، والابن يقلد أباه، ويردد ما يقوله، ولا يتغير إلا بحقنة التأسلم والتجنيد في صفوف الاسلاميين الذين يريدون إعادة الخلافة تحت إمرة الأتراك والفرس لأنه "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى" وهذا أمر خطير، وسوف تدافع الأجيال عن الرسالة حتى لو ضاعت بلادهم وتكرر تاريخ الضعف والهزائم وضياع البلاد.

المطلوب هو عودة الروح العربية والاتحاد، وإذا كان هناك فاسدون يبحثون عن مصالحهم الضيقة، فواجب الجميع أن يكثفوا جهودهم لترسيخ القيم الأصيلة التي تمد الشعوب بالقوة وليس الضعف والانفلات والاستقواء بالأجنبي. ماذا جنى العرب من رفع شعار "بلدي أولا"؟ لم يجنوا سوى سلسلة من الهزائم وسقوط العرب دولة بعد أخرى وانتشار الجماعات الإسلامية التي تذبح الإنسان كما تذبح الشياه. نعم، هذا حلم كل عربي، وهو أن يصبح للعرب كلمتهم، وأن لا يضحوا ببعضهم البعض وألا ينصروا الأعداء على إخوتهم.

ليس في الأمر حماسة غبية، وهل أصبح الحلم بالوحدة غباء؟ ليس المطلوب أن يصبح العرب دولة واحدة، وليجلس كل حاكم على كرسيه إلى يوم القيامة، فهذا ليس هو المقصود بالوحدة، بل المقصود هو التآزر والتكامل السياسي والاقتصادي والعسكري، وإعادة تربية الأجيال على قيم الاعتزاز بالأوطان ومؤازرة العرب أينما كانوا. وهذه ليست أحلام رومانسية، بل واقعية لأن عواقب الخيانة والاتفاق على الدمار وخيمة جدا وسوف تطال الجميع دون استثناء.

لا تكاد تظهر خطة غربية إلا ويتبين أن لبعض العرب يدا فيها، من الشرق الأوسط الجديد إلى صفقة القرن إلى نصرة ايران وغيرها الكثير من الخطط، وفي النهاية، يرجع الجميع يبكون ويندبون قدرهم. ما الذي أجبرهم على فعل أشياء في الخفاء؟ وما الذي أجبرهم على التآمر على مصالح إخوتهم؟ ألا يمكن أن تكون دولة إسلامية وأخرى ماركسية وأخرى رأسمالية دون نشوء عداوة وتآمر وخيانة؟

نعم على الجميع دعم السعودية لأنه لو أصاب السعودية دمار كالذي أصاب العراق وسوريا وليبيا واليمن، فقد انتهى العرب وسوف تفرض عليهم رغبات الدول الكبرى فرضا، ومن يخالف يموت فورا هو وأسرته بالرصاص أو تحت الركام أو جوعا وعطشا. لقد دمرت الدول العربية القوية ولم يبق غير السعودية ومصر، فحافظوا عليهما.