لن يكفوا حتى يجعلوها خرابا

الولايات المتحدة حريصة على وجود أنظمة حكم دينية لأنها تدمر بشراسة كل أشكال التقدم والرفاه. هذا ما يجعلها رفيقة بإيران وتتفاوض معها لسنوات ولا تحزم الأمر معها، فهي كنز يحقق لها ما تشاء دون أن تبذل أي جهد.
سيظل الاسلاميون أدوات تدمير يشغّلها الغرب كما يشاء
الحاكم الحريص على بلاده يجعلها علمانية ويفرض حكم القانون ويعزز التنمية
دول وصلت قبة السماء في العلم ففهمت التاريخ وعرفت كيف تجعل الناس وحوشا قاتلة

التفجيرات في أفغانستان ماضية على قدم وساق، وأمس أودى انفجار في مسجد للشيعة بحياة عشرات المصلين، وكذا فعل العراقيون ببعضهم البعض وكذا فعل اليمنيون. وإذا كان هناك ملوم في كل هذا فهم الحكام الذين فشلوا في رفع المستوى الحضاري لشعوبهم وتركوهم فريسة للقوى الكبرى كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي تتلاعب بهم وتجيشهم ضد بعضهم البعض باسم الدين والطائفة، لأنها دول وصلت قبة السماء في العلم وتوظيف المعرفة لتحقيق مصالحها، ففهمت التاريخ وعرفت كيف تركّع الناس وتجوعهم وتجعلهم وحوشا يقتلون بعضهم البعض حتى يجعلوا البلاد خرابا وخاضعة لإرادتهم بإشارة من أصبعها.

أين كان الحكام ولماذا فشلوا في نشر الثقافة العلمانية وجعل الناس يرون نتائجها على أرض الواقع متجسدة في اقتصاد قوي وصناعة وزراعة ودخل قومي مرتفع؟ لماذا لم يعملوا بهذا الاتجاه؟ إن الإجابة واضحة لدى كل فرد وهي أن معظم حكام الدول الاسلامية لا يضعون مصلحة البلاد على رأس أولوياتهم، وليس لهم علاقة أصلا ببلادهم فهم حريصون على عروشهم أكثر من بلادهم. وحتى الشهيد صدام حسين له يد في تخريب العراق عندما قام بتأسيس الحركة الايمانية في عام 1993 كرد فعل لما تفعله ايران من تكوين للميليشيات الشيعية المسلحة، وعندما أطيح بحكم البعثيين، اشتبك العراقيون في اقتتال وتفجيرات طائفية جعلت البلاد خرابا تاما.

سوف يظل الاسلاميون أدوات تدمير يشغّلها الغرب كما يشاء، وكل حاكم يخاف على عرشه، يقوم بتكوين ميليشيات وميليشيات مضادة، لتخريب البلاد والحفاظ على العرش حتى لو يحكم بلدا بلا شعب. ولغاية الآن هناك أناس لا يفهمون لماذا لا تهاجم الولايات المتحدة وإسرائيل إيران وتتخلصان من برنامجها النووي، هل اتضحت الصورة بعد كل هذه التفجيرات؟

إن الحاكم الحريص على بلاده يجعلها علمانية ويفرض حكم القانون ويعمل ليلا نهارا لتعزيز التنمية والدخل القومي كما تفعل تركيا وماليزيا، المسلمتان ولكنهما علمانيتان، ولا يستطيع الحاكم التلاعب بشعبه لأن الدستور علماني ويفصل بين الدين والدنيا. كما أن الثقافة العامة متوجهة نحو الصناعة والزراعة والعلم والاستثمار ومحاربة الفساد، وفيهما برلمانات فاعلة تتصدى للفساد بكل قوة. ولدينا مثال على أرض الواقع وهما إيران ذات الحكم الديني وتركيا العلمانية فالدخل القومي التركي يبلغ أضعاف الدخل الايراني والدخل الفردي التركي كذلك ضعف الدخل الفردي في ايران الاسلامية أي أن المسلم التركي يعيش بينما المسلم الايراني يحاول أن يعيش بصعوبة بالغة.

إن الولايات المتحدة حريصة كل الحرص على وجود أنظمة حكم دينية لأنها تدمر بشراسة كل أشكال التقدم والرفاه، وهذا ما يجعلها رفيقة بإيران وتتفاوض معها لسنوات ولا تحزم الأمر معها، فهي كنز يحقق لها ما تشاء دون أن تبذل أي جهد، لأن ايران الشيعية تنشر ميليشياتها فيقوم المسلمون السنة بإنشاء ميليشياتهم ويشتبك الطرفان حتى يجهزوا على بعضهم البعض غير مأسوف عليهم.

حين يدعو البعض الى العلمانية إنما يدعون بسبب حسرتهم على الأمهات الثكلى والأطفال اليتامى والشعوب الجائعة، ومع ذلك فإنهم يُرشَقون بأقذع الصفات، مع أن الهدف الوحيد هو حقن الدماء وترك الأمور الغيبية والتوجه الى التنمية وتوفير الحياة الكريمة للناس ونزع القداسة عن جميع البشر وتطبيق القانون عليهم بالتساوي حتى لا يقعوا فريسة للقوى العبقرية التي تستغل وجود ثغرات في الثقافة العامة وتلعب بهم كيفما تشاء لتحقيق مصالحها بطريقة سهلة وسريعة، فما عليها سوى استدعاء "شخصيات قيادية" وإعطائهم المال والايعاز لهم بإنشاء ميليشيات متطرفة تقوم بالقتل والتفجير، وما هي إلا بضعة أشهر حتى تحدث التفجيرات ويتم إنجاز المهمة. إن الولايات المتحدة وبريطانيا تفهمان تاريخ المسلمين أكثر من المسلمين أنفسهم وتعرفان من أين تؤكل الكتف.

لا يزال هناك من يجادلون أن الحكم الاسلامي هو الحل لجميع المشكلات، ألا يرون الاحتراب الطائفي والتفجيرات الدموية؟ ألا يرون كيف يتلاعب الحكام بالإسلام لتحقيق مكاسب دنيوية وسرقة أموال الشعب؟ ألا يرون كيف يستغل الغرب الاسلاميين وجعلهم يخوضون حروبا مدمرة لتحقيق أهدافهم وحماية أمن إسرائيل؟ ألا يرون وداعة الغرب مع إيران التي أحدثت لهم خرابا في العالم العربي وحققت أهدافهم على أفضل وجه؟ إذا كان الشعب علمانيا وعلى درجة مرتفعة من الوعي، فإنه يسمع الخطاب الديني ثم ينساه ويتوجه الى العمل لتحقيق أهدافه وأهداف أسرته، وتوفير عيش كريم لهم، ويراقب الحاكم كي لا يسرق ماله بموجب طاعة ولي الأمر أو صلة القرابة بالرسول، كما أنه لا يستجيب لدعوات القتال بالنيابة عن الله والرسول ونشر الدمار في كل مكان.