مأزق سياسي حرج وأزمة مالية واضطراب أمام حكومة دياب

على الحكومة الجديدة المكلفة استعادة ثقة المجتمع الدولي ايجاد التوازن الصعب بين شروط المانحين والمخاطرة بتوسيع الاحتجاجات وفقدان السيطرة.
وزير المال: استحقاقات الديون السيادية كرة نار
مدفوعات الديون تناهز 4.4 مليار دولار في 2020

بيروت - ستواجه حكومة لبنان الجديدة، المدعومة من جماعة حزب الله، موقفا سياسيا صعبا عندما تتحرك لضمان الحصول على تمويل خارجي ضروري لمنع حدوث انهيار مالي، وربما تتطلع إلى مساعدة من صندوق النقد الدولي.
وتواجه حكومة رئيس الوزراء حسان دياب أيضا احتجاجات تزداد عنفا ضد النخبة السياسية التي قادت لبنان إلى أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت من عام 1975 إلى عام 1990.
والحكومة التي شكلتها جماعة حزب الله، الموالية لإيران، مع حلفائها تواجه كذلك أزمة مالية في وقت لم تعد فيه دول الخليج مستعدة على ما يبدو لإنقاذ لبنان. وتصف دول الخليج مع واشنطن حزب الله بأنه جماعة إرهابية.
وفي بيان له بشأن الحكومة اللبنانية الجديدة لم يشر وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى جماعة حزب الله لكنه شدد على الحاجة إلى الإصلاح ومكافحة الفساد.
وقال بومبيو إن "وجود حكومة قادرة وملتزمة بإجراء إصلاحات حقيقية وملموسة هو فقط الذي من شأنه أن يستعيد ثقة المستثمر ويضمن المساعدات الدولية".

صندوق النقد أحد الخيارات إذا كان يمكن للبلد تحمل شروط الصندوق 

وفي أول اجتماع للحكومة الجديدة الأربعاء، قال الرئيس ميشال عون إن مهمتها الرئيسية هي استعادة ثقة المجتمع الدولي، وهو ما قد يفسح المجال أمام التمويل وتخفيف أزمة في السيولة أضرت بالليرة اللبنانية وزادت من التضخم وتسببت في فرض قيود على المعاملات المصرفية.
وقال السياسي اللبناني الكبير آلان عون لوكالة رويترز للانباء الأربعاء إن تنفيذ برنامج من صندوق النقد الدولي أحد الخيارات أمام لبنان إذا كان يمكن للبلد تحمل شروط الصندوق ولا تثير اضطرابات اجتماعيا.
واخترق محتجون غير راضين عن الحكومة الجديدة طوقا أمنيا في وسط بيروت الأربعاء وأشعلوا النار في خيمة لقوات الأمن التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.
وامتدت المناوشات إلى حي تجاري راق قريب. وقال عامل بالدفاع المدني لوسائل إعلام محلية إن البعض أصيب بجروح بسيطة. وكان مئات قد أصيبوا في اشتباكات شبيهة في مطلع الأسبوع.
وظل لبنان دون حكومة فاعلة منذ استقالة الزعيم السني سعد الحريري من رئاسة الوزراء في أكتوبر/تشرين الأول.
وشكّل حزب الله وحلفاؤه، بمن فيهم التيار الوطني الحر الذي أسسه عون، حكومة دياب دون مشاركة أحزاب سياسية لبنانية رئيسية تتمتع بدعم غربي.
وارتفع سعر السندات السيادية اللبنانية المقومة بالدولار بما يصل إلى سنت واحد يوم الأربعاء مع تشكيل الحكومة الجديدة بعد جدال على مدى أسابيع حول المناصب الوزارية.

أول زيارة لدياب الى الخارج ستكون لدول الخليج
أول زيارة لدياب الى الخارج ستكون لدول الخليج

وحصل لبنان، المثقل بدّين عام تبلغ نسبته نحو 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، على تعهدات بمساعدات تتجاوز قيمتها 11 مليار دولار في مؤتمر دولي عقد في أبريل/نيسان عام 2018 بشرط إجراء إصلاحات لم تنفذ حتى الآن.
ونقل مكتب الرئيس عون عنه قوله لمجلس الوزراء "مهمتكم دقيقة". وأشار إلى "ضرورة العمل لمعالجة الأوضاع الاقتصادية واستعادة ثقة المجتمع الدولي بالمؤسسات اللبنانية، والعمل على طمأنة اللبنانيين إلى مستقبلهم".
وقال دياب إن أول زيارة له للخارج ستكون لدول الخليج وسيكون عليه طمأنة حكام المنطقة المتحالفين مع الولايات المتحدة والذين يشعرون بقلق من تزايد نفوذ حزب الله في بيروت.
وقالت جمعية المصارف اللبنانية يوم الأربعاء إنها تتوقع أن تضع الحكومة المشكلة حديثا برنامجا اقتصاديا وماليا واضحا، وعرضت دعم المصارف.

احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية ربما تكون سلبية بالقيم الحقيقية

واصطدمت جهود لبنان لكبح جماح سوق موازية مزدهرة للدولار بعثرة يوم الأربعاء عندما رفض عدد كبير من تجار العملة بيع الدولار بسعر أقل وافقت عليه نقابة الصرافين مع البنك المركزي.
وفي تصريحات تبرز التحديات القادمة، قال وزير المال اللبناني غازي وزني لوسائل الإعلام إن من غير المرجح أن يعود سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار لما كان عليه في السوق الموازية، مشيرا إلى الربط الرسمي بالدولار.
وكان وزني قد وصف بعد قليل من تشكيل مجلس الوزراء استحقاقات الديون السيادية القادمة بالعملة الأجنبية بأنها "كرة نار".
ويتوقع المحللون أن يكون بمقدور البنك المركزي السداد، في الوقت الحالي على الأقل، غير أن البعض في بيروت يعتقد أن إعادة الجدولة أو إعادة الهيكلة ستكون محبذة.
لكن مع تمسك صناع السياسات بربط العملة وفي ظل نضوب تدفقات الدولار، يزداد إلحاح السؤال عن حجم الذخيرة الباقية في خزائن مصرف لبنان المركزي.
وتفيد حسابات بعض المحللين أن احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية ربما تكون سلبية بالقيم الحقيقية.
ويواجه لبنان مدفوعات فوائد وأصل دين بنحو 4.4 مليار دولار في 2020 بأكمله.
وقال وزير العمل اللبناني السابق كميل أبو سليمان إنه يتعين على لبنان إعادة هيكلة سنداته الدولية، بما في ذلك إصدار بقيمة 1.2 مليار دولار مستحق في مارس/آذار، وتأمين برنامج إنقاذ بمليارات الدولارات من صندوق النقد الدولي.
وأضاف "لا أرى منطق النظام الذي يسرب من 500 مليون دولار إلى 600 مليون دولار إلى خارج لبنان مدفوعات في مارس في الوقت الذي يكاد يكون من المحتوم فيه إعادة هيكلة فعلية للسندات الدولية. من الأحرى إنفاق تلك الأموال في أشياء أخرى مثل الغذاء والأدوية".