ماذا لو فاز جو بايدن؟

خط توازن رفيع يفصل بين مواجهة إيران ومنع استفادة إسرائيل.

كان الاتفاق النووي بين ايران والدول الستة انفراجة كبيرة لإيران ووعدا بالازدهار الاقتصادي وشراكة رابحة مع أوروبا والولايات المتحدة وقد استعدت كبرى الشركات العالمية للقدوم الى ايران وتأسيس اعمال فيها مستفيدين من الظروف المحلية في ايران والعدد الهائل من الشباب والخبرات والموقع الاستراتيجي للدولة، بالإضافة إلى رفع العقوبات وعودة تصدير النفط والغاز بقوة وهذا يعني الاستقرار الداخلي وعدم نشوء اضطرابات محلية. وبالطبع فإن هذا يعني مزيدا من التنمر والعربدة الإيرانية ضد جيرانها العرب.

وعليه، فإن فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية القادمة يعني عودة السيناريو السابق بتفاصيله وهي ستجري هذا العام. فالحزب الديمقراطي لا يزال يتبنى نفس الموقف ازاء ايران وهو الذي ينادي باحتواء ايران والتعاون معها وقد انتقد قتل سليماني بشدة ومرر يوم الجمعة قرارا يحد من سلطة الرئيس في القيام بأعمال حربية. فما هو احتمال فوز بايدن؟

من الصعب التنبؤ بأمر كهذا، خصوصا وأن الكونغرس بشقه البرلماني حاول عزل ترامب بتهمة مخالفة الدستور وكانت الأدلة دامغة، وقد لطخ هذا الامر سجل ترامب وأساء له كثيرا. ولكن الناخب الأميركي لا يبحث عن امور لا تهمه، بل يركز على شؤونه المباشرة كالدخل والتامين الصحي واحواله المعيشية، كما أن الشعب الأميركي مسرور بإنجازات ترامب، والجمهوريون مسرورون وفخورون بإنجازات ترامب، وأشاروا بذكائه الفائق في تنفيذ عملية قتل سليماني، ولا بد من الاعتراف أن الأميركيين يميلون إلى انتخاب المرشحين الاكثر جرأة والذين يجلبون فوائد سريعة كالمال الذي جلبه ترامب من دول الخليج العربي، فهي أموال سريعة وسهلة، كما أن الناخب الأميركي لا يميل كثيرا الى أنظمة الحكم الاسلامي لكي يختار بايدن الذي سيعيد العمل بالاتفاق النووي وسيرفع العقوبات وهذا قد يعود بفوائد اقتصادية، ولكن على المدى البعيد، وهذا ليس بالأمر المغري له.

يمكن القول أن الكفة تميل إلى صالح ترامب خاصة في ضوء المزاج الأميركي العام المسرور من إنجازات ترامب وقوته وذكاءه وانسحابه من الاتفاقيات الدولية التي لا تصب في صالح الولايات المتحدة الأميركية كاتفاقية المناخ فالناخب الأميركي لا يهمه الصالح العام، بل كما يقال "اميركا اولا".

ماذا يعني هذا للعرب؟ انه يعني ضبط ايران والسيطرة على تهديداتها المتواصلة، ولكن عليهم ان يدفعوا ويدفعوا حتى يجف الضرع الذي يستحلبونه، ومن جانب اخر، انه يعني مزيدا من التوسع الاسرائيلي، وهذه مخاطر تستوجب التشاور بين خبراء الاستراتيجية العرب لوضع خطة لمواجهة المخاطر المحتملة.