ماسك على اعتاب خسارة ريادته في سباق الشرائح الدماغية لفائدة شركة صينية
بكين – أعلنت شراكة بين معهد بكين لأبحاث الدماغ وشركة نيوسايبر الاثنين عن خططها لزرع شريحتها الدماغية في 13 شخصًا بحلول نهاية هذا العام، وهي خطوة قد تمكنها من تجاوز شركة نيورالينك التابعة لإيلون ماسك في جمع بيانات المرضى.
لطالما سعت الشركات التقنية إلى تطوير طرق جديدة للتفاعل بين البشر والكمبيوتر، كما رأينا في مشاريع مثل نظارات غوغل وساعة آبل وأمازون أليكسا. لكن التجربة الأكثر تطرفًا لم يخضع لها سوى أقل من 100 شخص حول العالم—وهي زرع واجهات الدماغ-الكمبيوتر، التي تُتيح للأشخاص المصابين بالشلل التحكم بالكمبيوترات عبر إشارات عصبية.
تعمل هذه التقنية عبر زرع أقطاب كهربائية في الدماغ، مما يسمح للمستخدمين بإرسال أوامر عبر إشارات عصبية إلى الكمبيوتر، سواء سلكيًا أو لاسلكيًا، للتحكم في مؤشر الفأرة أو حتى إنتاج الكلام. وخلال السنوات الأخيرة، شهد هذا المجال تقدمًا مهمًا مع انطلاق حوالي 25 تجربة سريرية حاليًا.
قام معهد بكين لأبحاث الدماغ وشركة نيوسايبر خلال الشهر الماضي بزرع شريحتهم الدماغية اللاسلكية شبه الغازية "بيناو رقم 1" في ثلاثة مرضى، مع التخطيط لزرعها في عشرة آخرين بحلول نهاية العام، وفقًا لما صرح به لوو مينمين، مدير المعهد وكبير العلماء في نيوسايبر.
وتطمح شركة نيوسايبر، المملوكة للدولة، إلى إجراء تجارب على نطاق أوسع. وقال لوو للصحفيين على هامش منتدى تشونغقوانتسون للتكنولوجيا في بكين: "في العام المقبل، وبعد الحصول على الموافقات التنظيمية، سنبدأ تجارب سريرية رسمية تشمل حوالي 50 مريضًا"، دون أن يوضح تفاصيل عن التمويل أو مدة التجارب.
قد يؤدي تسريع التجارب البشرية من قبل معهد بكين لأبحاث الدماغ ونيوسايبر إلى جعل "بيناو رقم 1" الشريحة الدماغية الأكثر انتشارًا بين المرضى على مستوى العالم، مما يعكس إصرار الصين على اللحاق بمطوري واجهات الدماغ-الكمبيوتر الأجانب الرائدين.
حاليًا، تُعد شركة سينكرون الأميركية، المدعومة من المليارديرين جيف بيزوس وبيل غيتس، الرائدة عالميًا في التجارب البشرية، حيث زرعت شرائحها في 10 مرضى، ستة في الولايات المتحدة وأربعة في أستراليا، في حين أن نيورالينك التابعة لإيلون ماسك لديها ثلاثة مرضى فقط يحملون رقاقاتها.
تركز نيورالينك على تطوير شرائح دماغية لاسلكية يتم إدخالها مباشرة في الدماغ لضمان جودة الإشارة القصوى، بينما تعمل منافساتها على تطوير شرائح شبه غازية يتم وضعها على سطح الدماغ، مما يقلل من مخاطر تلف الأنسجة الدماغية والمضاعفات الجراحية اللاحقة، لكنه يأتي على حساب جودة الإشارة.
نشرت وسائل الإعلام الصينية مقاطع فيديو هذا الشهر تُظهر مرضى يعانون من نوع من الشلل يستخدمون الشريحة "بيناو رقم 1" للتحكم في ذراع روبوتية لصب كوب من الماء، وحتى إرسال أفكارهم إلى شاشة الكمبيوتر.
عدد لا يُحصى من طلبات المساعدة
وقال لوو: "منذ الإعلان عن نجاح التجارب البشرية لشريحة "بيناو رقم 1"، تلقينا عددًا لا يُحصى من طلبات المساعدة".
في العام الماضي، لم يكن معهد بكين لأبحاث الدماغ ونيوسايبر قد بدأا بعد التجارب البشرية، بل أعلنا فقط عن نجاح اختبار شريحة أخرى "بيناو رقم 2"، وهي شريحة غازية، على قرد تمكن من التحكم في ذراع روبوتية.
وأضاف لوو أن نسخة لاسلكية من "بيناو رقم 2" مماثلة لمنتج نيورالينك قيد التطوير، ومن المتوقع أن تُختبر على أول مريض بشري خلال 12 إلى 18 شهرًا.
ومؤخرًا، أعلنت سينكرون عن شراكة مع إنفيديا لدمج منصة الذكاء الاصطناعي الخاصة بصانع الرقائق مع أنظمة واجهات الدماغ-الكمبيوتر. وأوضح لوو أن معهد بكين لأبحاث الدماغ ونيوسايبر يجريان محادثات نشطة مع مستثمرين ويبحثان عن تمويل، لكنه أشار إلى أن الشركات الراغبة في الشراكة بشأن "بيناو" يجب أن تكون "ذات رؤية مستقبلية" وليست مهتمة فقط بجني الأرباح السريعة.
وقال لوو: "على المدى القصير، لا تزال المنتجات القابلة للبيع في مجال واجهات الدماغ-الكمبيوتر محدودة للغاية"، مضيفًا أن مشروع "بيناو" لا يرتبط بالجيش الصيني، بل يركز فقط على مساعدة المرضى الذين يعانون من أنواع مختلفة من الشلل.
تملك شركة نيوسايبر مجموعة تطوير تشونغقوانتسون، التي حققت إيرادات تجاوزت 9 مليارات يوان (1.24 مليار دولار أميركي) في عام 2023، وفقًا للسجلات التجارية الصينية.
وفقًا لدراسة الباحثة ميشيل باتريك-كروغر، فإن التجارب السريرية في هذا المجال تسارعت بشكل ملحوظ بفضل الاستثمارات الخاصة. ورغم أن بعض الشرائح استمرت في العمل حتى 15 عامًا، لا يزال التحدي الأكبر هو تحويلها إلى منتجات عملية يستفيد منها المرضى على نطاق واسع.
في النهاية، يتوقع الخبراء أن السنوات الخمس إلى العشر القادمة ستكون حاسمة—فإما أن تتحول واجهات الدماغ-الكمبيوتر إلى ابتكار ثوري، أو تبقى مجرد أبحاث تجريبية محدودة.