ماكرون أمام امتحان عسير في الانتخابات البلدية

حزب الرئيس الفرنسي يواجه انتكاسة محتملة في الدورة الثانية من الانتخابات البلدية في ظل مشاركة ضعيفة للناخبين.
نتائج الانتخابات البلدية الفرنسية ستكشف مدى شعبية ماكرون بعد كورونا
عزوف ملحوظ عن الجولة الثانية من الانتخابات البلدية الفرنسية

باريس - سجّلت الأحد نسبة مشاركة ضعيفة في الدورة الثانية من الانتخابات البلدية في فرنسا التي اتّسمت بتدابير وقائية صحية صارمة وذلك رغم التحدي الوطني والانتكاسة المحتملة لحزب الرئيس إيمانويل ماكرون قبل عامين من انتهاء ولايته.

وبسبب تفشي وباء كوفيد-19، تُجرى الدورة الثانية من الانتخابات بعد ثلاثة أشهر ونصف شهر من الدورة الأولى التي سجّلت امتناعاً عن التصويت بنسبة قوية.

بين بداية العطلة الصيفية والمخاوف التي لا تزال موجودة بشأن الوضع الصحي والحملة الانتخابية الضعيفة في وسائل الإعلام، لم تتجاوز نسبة المشاركة عند الساعة 15:00 ت غ 34.67 بالمئة، وهي أقل بأربع نقاط من الدورة الأولى وبـ18 نقطة من نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية عام 2014.

وقالت نائبة رئيسة بلدية مدينة ديجون الاشتراكية اليزابيت ريفيل، "مضى وقت طويل بين الدورتين والناس باتوا خارج أجواء هذه الانتخابات".

من جهته قال مساعد في مركز اقتراع في مونبيلييه (جنوب)، إن "هذه الحملة كانت طويلة جداً! حان الوقت لكي تنتهي هذه القصة".

وفُرض وضع الكمامات واستخدام المعقمات واحترام التباعد الاجتماعي خلال عمليات الاقتراع التي بدأت عند الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (06:00 ت غ).

وصوّت الرئيس الفرنسي في توكي شمال البلاد وسط اليوم الانتخابي قبل أن يلتقي حشدا من أنصاره من دون كمامة.

وسجلت فرنسا التي تضررت بشدة من فيروس كورونا المستجد، أكثر من 29 ألفا و750 وفاة منذ بداية وباء كوفيد-19. وتم تأجيل الدورة الثانية من الانتخابات البلدية في غويانا الفرنسية، حيث لا تزال حالة الوباء "مقلقة للغاية"، بحسب الحكومة.

سيتم التعبير عن عدم الثقة ربما عن طريق الامتناع عن التصويت أكثر من التصويت ضد ماكرون

وأثر الامتناع الهائل في منتصف مارس/آذار، سلبا على حزب الرئيس "الجمهورية إلى الأمام". ولا يبدو أنه في موقع قوة في أي مدينة فرنسية كبرى في الدورة الثانية، بعد أن تم تخطيه في باريس ومرسيليا وليل، وأجبر على التحالف مع اليمين في ليون وبوردو.

وقال المؤرخ والأستاذ في جامعة أورليانز جان جاريجيس، إن "المشكلة هي أن الجمهورية إلى الأمام هو حزب جديد ليس له جذور محلية ويجد صعوبة في فرض نفسه كقوة. كما أنه طمس صورته مع عقده التحالفات مع اليسار ومع اليمين أيضا خصوصا بعد الدورة الأولى"، مضيفا "سيتم التعبير عن عدم الثقة ربما عن طريق الامتناع عن التصويت أكثر من التصويت ضد ماكرون".

ويشير سعيهم للفوز بعشرة آلاف مقعد في المجالس البلدية من أصل 535 ألف مقعد في فرنسا إلى ضعف طموحهم.

كما أنه ليس من المؤكد فوز رئيس الوزراء إدوارد فيليب، في مدينة هافر، الساحلية في غرب البلاد، رغم أنه تجرد من انتمائه للحزب.

فرنسا ما بعد فيروس كورونا

قد يضطر ماكرون في حال هزيمته لإجراء تعديل وزاري. وتبدو هذه الحالة غريبة نوعا ما، نظرا لتعرض الرئيس إلى انتقادات تتعلق بإدارة أزمة فيروس كورونا المستجد، فيما يتقدم عليه رئيس الوزراء إلى حد كبير في استطلاعات الرأي.

ويملك الرئيس الفرنسي الذي يجري مشاوراته ولكنه لا يكشف عن نواياه، وحده مفاتيح تعديل وزاري محتمل.

وسيتركز الاهتمام على مدى تأثير هذا الاقتراع على الجزء الثاني من ولاية ماكرون الذي لمح إلى أن أزمة الفيروس غيرت أشياء واعدا بـ"استخلاص العبر".

في الأسابيع الأخيرة أدى حدوث عدة انشقاقات لنواب إلى فقدان حزب الجمهورية إلى الأمام الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية.

وتقول كلوي موران من مؤسسة جان جوريس، "عندما يكون لدينا مفهوم عمودي وشخصي جدا للسلطة، يمكننا أن نتصور أنه لن يرغب في حزب يربكه".

ووجهت الانتقادات لمفهوم السلطة هذا على نطاق واسع خلال حركة "السترات الصفر" (2018–2019) والإضراب الطويل احتجاجا على إصلاح أنظمة التقاعد الشتاء الماضي.

وينوي ماكرون الذي من المحتمل أن يكون حريصًا على التخلص من عبء هذه الانتخابات المرهقة في أسرع وقت ممكن، إلقاء كلمة في 29 حزيران/يونيو.

ومن المتوقع أن يقدم رده الأول على التوصيات التي قدمها مؤتمر المواطنين بشأن البيئة، وهي جمعية مؤلفة من 150 مواطنًا تم تنظيمها في إطار الديموقراطية التشاركية في البلاد.