ماكرون يحذّر من إسلام سياسي بات يهدد فرنسا

الرئيس الفرنسي يريد تعزيز المراقبة على عمليات التمويل القادمة من الخارج، مشيرا إلى أناس أرادوا باسم الدين مواصلة مشروع سياسي وهو الإسلام السياسي الذي يريد أن يحدث انقساما داخل الجمهورية الفرنسية.

ماكرون يتوعد بعدم التهاون مع من يريدون فرض الإسلام السياسي في فرنسا
باريس تخشى من تسلل الإسلام السياسي للنسيج الاجتماعي الفرنسي
أحزاب معارضة حذّرت في الماضي من التمويلات والاستثمارات القطرية
ماكرون يعرض خفضا للضرائب لتهدئة احتجاجات السترات الصفراء

باريس - حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الخميس من أن الإسلام السياسي يمثل تهديدا ويسعى للانعزال عن الجمهورية الفرنسية، فيما تأتي تصريحاته في ختام ثلاثة أشهر من النقاش الوطني الذي أطلقه لاحتواء احتجاجات السترات الصفراء التي أربكت حكمه وهوت بشعبيته إلى أدنى مستوى لها في أكثر من 18 شهرا من توليه الرئاسة.

وأعرب الرئيس الفرنسي الذي تعرضت بلاده في 2015 و2016 لأسوأ الاعتداءات الإرهابية كان تنظيم الدولة الإسلامية قد تبناها، عن رغبته في تعزيز المراقبة على عمليات التمويل القادمة من الخارج.

وقال "لا ينبغي علينا أن نحجب أعيننا عن الحقائق: نحن نتحدث عن أناس أرادوا باسم الدين مواصلة مشروع سياسي وهو الإسلام السياسي الذي يريد أن يحدث انقساما داخل جمهوريتنا."

ودافع بقوة عن العلمانية، منددا بانتشار الطائفية ووعد بألا يكون هناك أي "تهاون" بمواجهة أولئك الذين يريدون فرض "إسلام سياسي يسعى إلى الانفصال" عن المجتمع الفرنسي، مؤكدا أنه "لا حاجة لقناع عندما نتحدث عن العلمانية، نحن لا نتحدث حقيقة عن العلمانية، نتحدث عن طائفية قائمة في بعض أحياء من الجمهورية".

وأضاف "نتحدث عن الانفصال عن المجتمع الذي ترسخ في بعض الأحيان لأن الجمهورية تخلت أو لم تف بوعودها، نتحدث عن الناس الذين لديهم تحت غطاء الدين، مشروعا سياسيا، عن مشروع الإسلام السياسي الذي يسعى إلى انفصال عن جمهوريتنا. وفي هذه النقطة تحديدا، طلبت من الحكومة ألا تبدي أي تهاون".

وتبحث فرنسا مكانة الإسلام وتنظيمه على أراضيها، بينما ازداد عدد المسلمين فيها بشكل كبير منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ويقدر عدد المسلمين في فرنسا بأكثر من خمسة ملايين من مجموع سكان يناهز 67 مليون نسمة.

والتوتر في المجتمع الفرنسي يتغذى بشكل منتظم من قبل حالات محددة مثل الحجاب في المدرسة والنقاب ومساحات للنساء في المسابح أو التشكيك في بعض البرامج المدرسية.

واعتمدت فرنسا عام 1905 قانونا ينص على الفصل بين الكنيسة والدولة بإنشاء جمهورية علمانية.

وتابع ماكرون "قمنا بتعزيز تطبيق قانون عام 1905 في الآونة الأخيرة، عن طريق إغلاق المدارس عندما لا تحترم قوانين الجمهورية، عن طريق إغلاق المزيد من المؤسسات الثقافية عندما لا تحترم قواعد الجمهورية في ما يتعلق بالنظام العام أو محاربة الإرهاب".

ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تجري الإدارة مشاورات مع ممثلي الديانات لوضع اللمسات الأخيرة على مشروع لإصلاح قانون 1905 هدفه زيادة الشفافية في تمويل أماكن العبادة وضمان احترام القانون والنظام.

وفرنسا التي تعتبر أكثر الدول الأوروبية عرضة لهجمات متطرفين، تواجه منذ 2015 تحديات أمنية كبيرة وعملت منذ ذلك الوقت على تشديد الإجراءات الأمنية ولاتزال تتحسب للتعرض لهجمات مماثلة لتلك التي هزّت باريس ونيس تباعا.

وتخشى الحكومة الفرنسية من تسلل جماعات الإسلام السياسي للنسيج الاجتماعي الفرنسي عبر تمويلات تأتي من بعض الدول الحاضنة لجماعة الإخوان المسلمين على غرار قطر وتركيا.

وفي السنوات الماضية حذّرت أحزاب سياسية معارضة تتصدرها الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) من الاستثمارات القطرية والأموال التي تقدمها الدوحة للضواحي التي تسكنها غالبية من العرب والمسلمين، تحت عنوان دعم مشاريع تنموية.

والرد الذي جاء به ماكرون اليوم الخميس هو نتاج ثلاثة أشهر من النقاشات على مستوى البلاد طرح خلاله قضايا مثل الضرائب والديمقراطية في الداخل وقضايا أخرى مع رؤساء بلديات وطلبة وعمال.

لكن الرئيس الفرنسي تمسك بموقفه اليوم الخميس في ما يتعلق بأغلب الإصلاحات التي نفذتها حكومته بالفعل.

وقال في مؤتمر صحفي هو الأول له خلال رئاسته من قصر الإليزيه "سألت نفسي هل علينا أن نوقف كل شيء فعلناه خلال العامين الماضيين؟ هل سلكنا منعطفا خاطئا؟ أعتقد العكس تماما".

وتيرة احتجاجات السترات الصفراء انخفضت لكنها لم تتوقف
وتيرة احتجاجات السترات الصفراء انخفضت لكنها لم تتوقف

وتابع أنه يريد أن يشعر الناس بالمزيد من المشاركة في العملية الديمقراطية من خلال تبسيط قواعد إجراء الاستفتاءات وتطبيق اللامركزية في المزيد من المهام الحكومية.

وتعهد بخفض الضرائب وقال إن على مواطني بلاده العمل أكثر وهو يحدد ملامح رده على احتجاجات مستمرة منذ شهور شكلت تهديدا لسلطته.

وبعد عامين من توليه الرئاسة يتعرض ماكرون لضغوط للخروج بسياسات لتهدئة احتجاجات حركة السترات الصفراء المستمرة منذ خمسة أشهر بعد أن أخفقت أول حزمة من الإجراءات في ديسمبر/كانون أول من العام الماضي وقيمتها عشرة مليارات يورو ( 11.13 مليار دولار) في حل الأزمة.

وقال ماكرون إنه يريد خفضا "كبيرا" في ضريبة الدخل يتم تمويله من خلال سد الثغرات وتقليص الإنفاق الحكومي، لكن على الفرنسيين أيضا أن يعملوا أكثر.

وعلى الرغم من أن عدد المتظاهرين انخفض مقارنة بالذروة التي بلغها في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، إلا أن المحتجين اشتبكوا مع الشرطة في الأسبوع الثالث والعشرين على التوالي من المظاهرات السبت الماضي.

وبدأت الاحتجاجات في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي بسبب خطط لزيادة الضرائب على الوقود، لكنها تطورت لتصبح مظاهرات أوسع نطاقا ضد انعدام المساواة وانفصال النخبة السياسية عن المواطنين.