ماكرون يدعو لوقف النار بإدلب وأردوغان يهدد باللاجئين

نحو 13 ألف مهاجر يحتشدون على طول الحدود التركية اليونانية حيث اندلعت صدامات بينهم وبين الشرطة اليونانية لمنعهم من العبور إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.

باريس - دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تركيا وروسيا إلى وقف دائم لإطلاق النار في منطقة إدلب بسوريا، وذلك خلال اتّصالين هاتفيّين مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيّب أردوغان الذي هدّد بالسماح لآلاف اللاجئين بالتوجّه إلى أوروبا للضغط على الحكومات الأوروبية لدفعها للتحرّك بشأن النزاع السوري.

وأفاد الإليزيه في بيان أن ماكرون أعرب لبوتين وأردوغان عن "قلقه الشديد حيال الكارثة الإنسانيّة" الحاليّة ومخاطر "تشتّت الجماعات الإرهابيّة بسبب الهجوم العسكري للنظام السوري وحلفائه وتقويض اتّفاقات خريف 2018 المتعلّقة بمحافظة إدلب".

وشدّد ماكرون بحسب البيان على "ضرورة الوقف الفوريّ للأعمال القتاليّة"، داعيًا "روسيا وتركيا إلى وقف دائم لإطلاق النّار يُمكن التحقّق منه، وفقًا للالتزامات التي تمّ التعهّد بها أمام فرنسا وألمانيا خلال قمّة إسطنبول الرباعيّة في خريف 2018".

ودعا روسيا إلى "وضع حدّ فوري للهجوم العسكري في شمال غرب سوريا واحترام القانون الإنساني الدولي وحماية السكان المدنيين والأفراد والمساعدات الإنسانية".

كما عبّر عن تضامنه مع تركيا في أعقاب الهجوم على القوات التركية والذي قتل فيه 34 جنديًا تركيًا الخميس في محافظة إدلب شمال غرب سوريا.

وأشاد ماكرون "بجهود تركيا في مساعدة اللاجئين السوريين، وأكّد لها تضامنه الكامل في هذا الصدد". ودعا الرئيس الفرنسي تركيا إلى "التعاون في إدارة تدفّق" المهاجرين.

والسبت، هدّد أردوغان بالسماح لآلاف اللاجئين بالتوجّه إلى أوروبا بينما حذّر من أن دمشق "ستدفع ثمن" الهجوم على الجيش التركي.

في هذه الأثناء، احتشد نحو 13 ألف مهاجر على طول الحدود التركية اليونانية، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة السبت.

واندلعت عند الحدود التركية صدامات بين الشرطة اليونانية وآلاف المهاجرين الذين تجمعوا عند نقطة العبور إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.

وألقى مهاجرون الحجارة على عناصر الأمن اليونانيين الذين أطلقوا الغاز المسيل للدموع عبر الحدود. لكن عشرات المهاجرين الآخرين وصلوا إلى جزر يونانية على متن قوارب مطاطية بعدما عبروا من الجانب التركي.

وأجرت تركيا وروسيا اللتان تدعمان قوى متعارضة في النزاع السوري، محادثات لنزع فتيل التوتر عقب مقتل الجنود الأتراك في الهجوم الذي أثار مخاوف من اندلاع حرب أوسع وأزمة هجرة جديدة في أوروبا.

لكن أردوغان زاد حدة القلق السبت متعهّدا بالسماح للاجئين بالتوجّه إلى أوروبا من تركيا، العضو في حلف الأطلسي، مستخدما ملف الهجرة ورقة ضغط على الحكومات الأوروبية لدفعها للتحرّك بشأن النزاع السوري.

وتستضيف تركيا 3.6 ملايين لاجئ سوري.

وتشن قوات النظام السوري بدعم روسي منذ كانون الأول/ديسمبر هجوماً واسعاً ضد مناطق تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى وتنتشر فيها قوات تركية. وأحرزت القوات السورية تقدما ميدانيا كبيرا في الأسابيع الماضية.

وقتل 26 جنديا في الجيش السوري بغارات نفّذتها طائرات تركية مسيّرة في شمال غرب سوريا السبت، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ال
أردوغان يستخدم ملف المهاجرين للتغطية على مقتل الجنود الاتراك

وقال أردوغان في إسطنبول "ما الذي قمنا به أمس؟ فتحنا أبوابنا. لن نغلق هذه الأبواب (...) لماذا؟ لأن على الاتحاد الأوروبي أن يفي بتعهداته".

وأكّدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين السبت أن الاتحاد الأوروبي ينظر "بقلق" إلى تدفق المهاجرين من تركيا.

ووقّعت تركيا والاتحاد الأوروبي اتفاقاً عام 2016 لوقف تدفق مهاجرين عبر الحدود مقابل تقديم بروكسل مساعدات بمليارات الدولارات لأنقرة.

وقال أردوغان إن آلاف المهاجرين تجمّعوا عند الحدود بين تركيا وأراضي الاتحاد الأوروبي منذ الجمعة، مضيفا أن العدد قد يصل إلى 30 ألفا السبت.

وفي 2015، أصبحت اليونان نقطة الدخول الرئيسية إلى الاتحاد الأوروبي لمليون مهاجر، معظمهم لاجئون فروا من الحرب السورية. وانقسم الاتحاد بشأن كيفية التعامل مع تدفق اللاجئين.

وقال المستشار النمسوي سيباستيان كورتز "يجب ألّا يتكرر ما حصل في 2015. يجب أن يكون هدفنا حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بشكل مناسب ومنع اللاجئين غير الشرعيين هناك (من الدخول)".

في أثينا، عقد رئيس الوزراء كرياكوس ميتسوتاكيس اجتماعا طارئا لمناقشة مسألة الحدود.

وقال المتحدث باسم الحكومة اليونانية ستيليوس بيتساس "أحبطنا أكثر من أربعة آلاف محاولة للدخول بشكل غير شرعي عبر حدودنا البرية".

وأفاد مصدر في الشرطة اليونانية أن مهاجرين كانوا على الجانب التركي من الحدود أضرموا النيران وأحدثوا فجوات في السياج الحدودي.

وانتشرت دوريات لقوات الشرطة المسلحة والجيش على ضفاف نهر إيفروس الذي يعد نقطة عبور معتادة، وحيث استخدم عناصر الأمن مكبّرات صوت للتحذير من دخول الأراضي اليونانية. واستُخدمت كذلك طائرات مسيّرة لمراقبة المهاجرين.

وبحسب حرس الحدود اليونانيين، وصل 180 مهاجرا منذ صباح الجمعة حتى صباح السبت إلى جزر شرق بحر إيجه وليسبوس وساموس بحرا.

ووصل قارب مطاطي في وقت مبكر السبت إلى ليسبوس على متنه 27 مهاجرا إفريقيا قدموا من تركيا. وكان بينهم العديد من النساء اللواتي أجهشن بالبكاء لدى وصولهن".

ووجه وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو انتقادا شديدا للإجراءات التي اتخذتها اليونان على حدودها.

وكتب "إنهم يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع على آلاف ينتظرون على أبوابهم، إنه عار (...) من واجب اليونان أن تعامل هؤلاء الناس على أنهم بشر".

وتشير الأمم المتحدة إلى أن نحو مليون شخص، نصفهم أطفال، نزحوا وسط برد قارس جراء القتال في شمال غرب سوريا منذ كانون الأول/ديسمبر.

وأعلنت تركيا أنها دمرت "منشأة للأسلحة الكيميائية تقع على بعد 13 كيلومتراً جنوب حلب (شمال)، فضلاً عن عدد كبير من الأهداف التابعة للنظام" السوري، في إطار ردّها على مقتل جنودها في إدلب.

وأكّد أردوغان أن القوات السورية "ستدفع ثمن" هجماتها ضد الجنود الأتراك. وقال "لا نريد أن تصل الأمور إلى هذه النقطة لكن يرغموننا على ذلك، سيدفعون الثمن".

ونفى التلفزيون السوري وجود هذه المنشأة.

وزادت الحادثة الأخيرة التوتر بين أنقرة وموسكو، وسط انتهاكات لاتفاق أبرم بينهما في سوتشي سنة 2018 لمنع هجوم النظام السوري على إدلب.

ويهدد التوتر بتوسيع الهوة بين أنقرة وموسكو، التي تُعتبر الداعم الرئيسي للنظام السوري. ورغم اختلافهما بشأن أطراف النزاع السوري، تنسق روسيا وتركيا في مسائل عدة على صلة بالملف، وتتعاونان منذ سنوات في مجالات الدفاع والطاقة.

أقامت أنقرة بموجب اتفاق سوتشي 12 نقطة مراقبة في إدلب، إلا أن قوات النظام السوري مضت قدما بحملتها لاستعادة المنطقة بغطاء جوي روسي.

وتحدّث أردوغان هاتفيا الجمعة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في محاولة لخفض التصعيد، بينما أفاد الكرملين أنهما أعربا عن "قلقهما البالغ" حيال الوضع.

وقد يتوجّه أردوغان إلى موسكو الأسبوع المقبل لإجراء محادثات، بحسب الكرملين. لكن الرئيس التركي واصل انتقاداته لروسيا السبت.

وقال "سألت السيد بوتين: ماذا تفعلون هناك؟ إذا كنتم تريدون إنشاء قاعدة، فافعلوا ذلك، لكن ابتعدوا من طريقنا واتركونا نواجه النظام (السوري)".