ما حقيقة استيلاء تركيا على الأمانات المقدسة في الكعبة

تواجد أجزاء من الحجر الأسود في مسجد صقللي محمد باشا باسطنبول يثير جدلا كبيرا إزاء تمسك تركيا بقطع ثمينة خاصة بالكعبة المشرفة ويطرح تساؤلات حول مدى أحقية الأتراك في نقل تلك المقدسات من مكان يعتبر موضع إجلال وتعظيم لدى المسلمين.
الأمير سطام: أليس من الأجدر إعادة أجزاء الحجر الأسود لمكانها الطبيعي

إسطنبول - يثير تواجد أجزاء من الحجر الأسود أو كما يطلق عليه  "حجر الجنة" في أحد المساجد التركية الكبرى في اسطنبول، جدلا كبيرا وتساؤلات حول حقيقة استيلاء تركيا على قطع ثمينة ومقدسة خاصة بالكعبة المشرفة التي تعتبر موضع إجلال وتعظيم لدى المسلمين، ومدى مشروعية ذلك.

منذ خمسة قرون يستضيف 'مسجد صقللي محمد باشا' في إسطنبول، 4 قطع من الحجر الأسود الموجود في الكعبة المشرفة، والذي يعتبر موضع إجلال في الدين الإسلامي ويعتقد أنه نزل من الجنة في مكة المكرمة.

جرى نقل الحجر الأسود أثناء بناء الكعبة المشرفة من جبل "أبو قبيس" قرب مكة، وورد ذكره في الأحاديث الصحيحة على أنه "قطعة من الجنة".

ويتساءل كثيرون ما إذا كانت تلك عملية استيلاء أو سرقة حاولت تركيا مرارا تغليفها بغلاف ديني للحفاظ على القطع المأخوذة من الحجر الأسود، ما أثار جدل واسعا وتساؤلات بشأن أحقية الأتراك في نقل تلك الأجزاء إلى أراضيهم.

وفي تبريرها لما يُمكن أن يُطلق عليه "عملية نهب وسرقة"، قالت وكالة الأناضول الرسمية التركية إنّ أجزاء من الحجر الأسود انكسرت لاحقًا بفعل مرور الوقت، فحرص السلطان العثماني سليمان القانوني على إحضار تلك الأجزاء المكسورة إلى إسطنبول.

وضع المعمار سنان 4 قطع من الحجر الأسود في تحفته المعمارية "مسجد صقللي محمد باشا" الذي بنته زوجة الصدر الأعظم صقللي في حي "قاديرغا" بمدينة إسطنبول عام 1571 تخليدًا لذكرى الأخير.

تم وضع قطع الحجر الأسود الأربع ضمن إطارات ذهبية وسط الألواح الرخامية الموجودة على مدخل المسجد، وأعلى المحراب، وفوق مدخل المنبر، وتحت قبة المنبر.

الجزء الأكبر من أجزاء الحجر الأسود الموجودة في تركيا موضوع فوق باب مدخل ضريح السلطان سليمان القانوني مجمع السليمانية، وخلال شهر رمضان، يستطيع الزوار مشاهدة قطع من الحجر الأسود المحفوظة منذ 5 قرون في "مسجد صقللي محمد باشا".

وتفاعلا مع التقرير الذي نشرته الأناضول بشأن تلك الأجزاء، علق الأمير السعودي سطام بن خالد آل سعود تساءل فيه عن معنى وجود أجزاء من الحجر الأسود في جامع تركي وما إذا كان ذلك يعتبر من "أعمال السرقة".

وقال الأمير سطام في تغريدة له على حسابه الرسمي بتويتر "أليس كان من باب أولى إعادة أجزاء الحجر الأسود لمكانها الطبيعي؟ أليست هي ملك لجميع المسلمين؟ ألا تعتبر هذه الأعمال هي سرقة؟".

وتابع "تخيل معي أن من قام بهذه الأفعال أحد حكام الدولة السعودية، لرأيت الإخوان ومن معهم يصيحون وينوحون بكل مكان ويتباكون على هذه الأجزاء، لكنهم الآن لا صوت لهم".

مفتي الفاتح: الكعبة المشرفة تعرضت للدمار
مفتي الفاتح: الكعبة المشرفة تعرضت للدمار

ويوضح مفتي منطقة الفاتح في إسطنبول حسين باش في رد سياساوي لما يعتبره كثيرون أنها عملية نهب قام بها السلطان العثماني لمقدسات خاصة بالمسجد الحرام، قائلا لوكالة الأناضول إن "الكعبة المشرفة هي بيت الله وأنها تعرضت للدمار خلال الطوفان في عهد سيدنا نوح عليه السلام".

وأضاف باش أن الكعبة تعرضت للدمار مرة أخرى بسبب السيول وأنه أعيد بناؤها خلال عصر الجاهلية.

ويقول "بعد إعادة بناء الكعبة دار جدل بين القبائل حول أي القبائل يحق لها وضع الحجر الأسود في الكعبة وذلك نظرًا لأهميته، طرح أحد الأطراف فكرة تقضي بقبول تحكيم أول شخص يدخل من باب الحرم".
ويضيف "وبعد فترة دخل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك الباب، فرضيت كافة القبائل بتحكيمه".

وبعد أن عُرض على النبي محمد أخذ الحجر الأسود على ظهره ووضعه في الكعبة، رفض النبي العرض ورغب بمنح هذا الشرف لكافة القبائل، بوضع الحجر على رداء، يقوم ممثل كل قبيلة بحمل الرداء من أحد أطرافه الأربعة ليوضع الحجر في الكعبة".

ويذكر باش أن الكعبة تعرضت لبعض الأضرار بتأثير الظروف الطبيعية من وقت لآخر، وأن أجزاء انفصلت عن الحجر الأسود، ما دفع السلطان سليمان القانوني إلى إحضار 5 أجزاء من الحجر الأسود إلى إسطنبول.

ويوضح المفتي أن الحجر الموجود في "مسجد أدرنة" ليس جزءًا من الحجر الأسود بل هو جزء من الركن اليماني، وهو الزاوية الجنوبية للكعبة المشرفة المطلة على اليمن.

ويشدد باش على أن الحجر الأسود مهم جدًا لجميع الشعوب المسلمة، لاسيما وأنه يعتبر نقطة الانطلاق للمسلمين من أجل أداء مناسك الطواف حول الكعبة.

ويلفت إلى أن الحجر الأسود يعتبر موضع إجلال عند المسلمين، لاسيما أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ألقى التحية على الحجر الأسود قبل بدء الطواف.

ويختم بالقول "صحيح أن هذا الحجر هو موضع إجلال لدى المسلمين، لكن ليس من الصواب ممارسة شعائر ومناسك الحج أو العمرة في الأماكن التي تحتوي على أجزاء من الحجر الأسود، لأن الأصل في ممارسة تلك المناسك هو مكان الكعبة المشرفة، وليس الحجر الأسود".