ما يحدث في ليبيا

التقدم الذي يحرزه الاخوان المسلمون لا يمكن فهمه إلا في سياق الخطة الأميركية الرامية الى تسليم الحكم في الدول العربية للإخوان المسلمين.
أوباما أراد تحريك الشارع العربي لايصال الاسلاميين الى الحكم
هدف واشنطن هو القضاء على الحركات المعادية التي تستهدف المصالح الأميركية بالعنف
على العرب ان يدركوا أن انتخاب الاسلاميين يعني فتح الأبواب على مصراعيها لإيران وتركيا

ليس غريبا أن يحقق الاسلاميون انتصارات على القوى الوطنية في الدول العربية، فليس سرا أن الاسلاميين يتمتعون بدعم من الولايات المتحدة التي ترى في جماعة الاخوان المسلمين الممتدة في الدول العربية أفضل حليف لها يضمن عدم تعريض مصالحها الى الخطر من قبل الجماعات الاسلامية المتطرفة بعد أن ثبت لها أنه ليس هناك علاقة بين الاخوان المسلمين وهذه الجماعات.

في الثاني عشر من أغسطس 2010 أصدر الرئيس أوباما توجيهات بدراسة تغيير أنظمة الحكم العربية بأنظمة تضمن عدم تعريض مصالح الولايات المتحدة للخطر وعنوان هذه التوجيهات هو PSD 11 /[political reform in the Middle East and North Africa]/12 Aug  وقد استقر الاختيار على جماعة الاخوان المسلمين. ويمكن الاطلاع على فحوى الوثيقة في كتاب نيكولاس جفيسديف وغيره من المصادر.

وكلفت لجنة بدراسة الخيارات المتاحة لتغيير انظمة الحكم في الدول العربية وكانت الاجتماعات تجري في مقر الاستخبارات الأميركية برئاسة دينيس روس مستشار الرئيس لشؤون الشرق الأوسط وقد وجدت الدراسة أن البديل المعقول لأنظمة الحكم الدكتاتورية في الدول العربية هم الاسلاميون، وقد وجه أوباما اللجنة الى ايجاد طرق أكثر حزما لتحريك الشارع العربي بطرق أكثر شدة ونجاعة لتحقيق ذلك الغرض.

ويبدو أن ليبيا في طريقها الى قبضة الاخوان المسلمين بدعم من أردوغان المستقوي بحلف الناتو كما يبدو أن رئيس البرلمان التونسي الغنوشي الذي ينسق مع تركيا لا يتصرف تلقائيا بل بتوجيهات عليا. كما أن تطورات الأحداث في مصر والصدام العسكري المحتمل مع أثيوبيا أمر مخطط له مسبقا بهدف القضاء على نظام الحكم القائم فيها، خاصة وأن الوثيقة المذكورة ركزت بشكل أساسي على مصر، ويبدو جليا أن روسيا لا تسعى الى دعم حلفائها بقدر ما تسعى الى الحصول على غنائم مقابل التراجع عن دعم الدول العربية المتحالفة معها، وقد تركت قوات حفتر دون دعم عسكري مقابل تحقيق بعض المكاسب في سوريا.

إن التقدم الذي يحرزه الاخوان المسلمون لا يمكن فهمه إلا في سياق الخطة الأميركية الرامية الى تسليم الحكم في الدول العربية للإخوان المسلمين، فهم يتمتعون بالمرونة ولا يلجئون الى العنف وينفذون التوجيهات الأميركية ويستطيعون السيطرة على الشارع العربي من منطلق ديني، وهذا هو ما تسعى اليه أميركا.

إن الهدف الأميركي من هذه الخطوة هو القضاء على الحركات المعادية للولايات المتحدة والتي تستهدف مصالحها بالتفجيرات والعنف المسلح، وإيجاد أنظمة موالية لها وتأتمر بأمرها، والإخوان المسلمون مطمئنون أن الخطة يجري تنفيذها بخطى ثابتة، وهذا ما يفسر ثقة قطر بأنها في مركز قوة وليس ضعف واصطفاف بعض الدول العربية الى جانبها.

لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الإسلاميين نجحوا في تولي الحكم من خلال الانتخابات، أي من خلال الجماهير، والطريق الوحيد الى سحب الجماهير منهم هي التوعية والتثقيف، لكي تدرك الشعوب العربية أن انتخاب الاسلاميين يعني فتح الأبواب على مصراعيها لإيران وتركيا، الطامعتين بالهيمنة على الدول العربية، وللشعوب بعد ذلك أن تختار.