محاكمة إسلامي سوري تسلط الضوء على جرائم جيش الاسلام

نشطاء يتهمون "جيش الإسلام" بالوقوف خلف خطف المحامية المعارضة رزان زيتونة مع زوجها وسميرة خليل وناظم الحمادي، الناشطين المعارضين، أثناء تواجدهم في مدينة دوما، نهاية عام 2013.
فرنسا تحاكم متحدثا سابقا باسم جيش الإسلام
قيادي سابق في جيش الإسلام ينكر جرائم منسوبة إليه في سوريا
مجدي مصطفى رحلة من جيش الأسد إلى جيش الإسلام فالسجن في فرنسا

باريس - هل كان مجدي مصطفى نعمة مجرد متحدث باسم "جيش الإسلام" أم كان قياديا أكثر ضلوعا مما يعترف به في أنشطة واحد من أبرز فصائل المعارضة السورية؟ وهو يؤكد في فرنسا حيث هو معتقل منذ حوالي سنتين براءته من التهم الموجهة إليه بالتعذيب والتواطؤ في عمليات خطف.

يقول محامي الدفاع رومان رويز "إنه ملف يدور في حلقة مفرغة مع رجل يراوح مكانه في السجن".، فيما يتولى هو مع زميله رافايل كيمف الدفاع عن مجدي نعمة الذي اعتقل في فرنسا في يناير/كانون الثاني 2020.

وكان السوري المولود عام 1988 نقيبا في الجيش السوري قبل أن ينشق عنه عام 2012 ويصبح متحدثا باسم "جيش الإسلام" الذي تشكل عند اندلاع النزاع في سوريا.

وكان آلاف من مقاتلي الفصيل يتمركزون في منطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق التي حاصرتها قوات النظام لسنوات إلى أن شنت هجوما واسعا عليها انتهى في نيسان/أبريل 2018 بسيطرتها على المنطقة بعد إجلاء الآلاف من مقاتلي المعارضة والمدنيين إلى شمال البلاد.

ويتهم ناشطون "جيش الإسلام" بالوقوف خلف خطف المحامية والصحافية المعارضة رزان زيتونة مع زوجها وائل حمادة وسميرة خليل وناظم الحمادي، الناشطين المعارضين، أثناء تواجدهم في مدينة دوما، نهاية عام 2013، لكن الفصيل لطالما نفى الاتهامات فيما لم ترشح أي معلومات عن مكان تواجدهم أو مصيرهم.

وحازت رزان زيتونة جائزة ساخاروف لحقوق الإنسان التي يقدمها الاتحاد الأوروبي عن نشاطها في توثيق انتهاكات نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مجال حقوق الإنسان وكانت تنتقد التجاوزات التي يرتكبها جميع أطراف النزاع في سوريا ومن بينها جيش الإسلام.

وفي حزيران/يونيو 2019 تقدم أقرباء ضحايا وثلاث منظمات غير حكومية هي "الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان" و"المركز السوري للإعلام وحرية التعبير" و"رابطة حقوق الإنسان" بشكوى ضد عناصر في جيش الإسلام أمام النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب في فرنسا بشأن "أعمال تعذيب" و"حالات اختفاء قسري" و"جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب" بين 2012 ونيسان/ابريل 2018.

وقالت المنظمات الثلاث في بيان مشترك إنه "يشتبه بأن إسلام علوش متورط أيضا في تجنيد أطفال"، مشيرة إلى أن "عددا من الضحايا يتهمونه بالخطف والتعذيب أيضا".

ويتمتع القضاء الفرنسي بصلاحية عالمية تخوله ملاحقة ومحاكمة أجنبي عن بعض الجرائم أبرزها "الجرائم ضد الإنسانية" إذا كان على الأراضي الفرنسية.

وبعد بضعة أشهر في كانون الثاني/يناير 2020 قام مكتب مكافحة الجرائم ضد الإنسانية وقسم المباحث في مرسيليا وعناصر من فرقة تدخل الدرك الوطني الفرنسي بتوقيف مجدي نعمة في المدينة الواقعة في جنوب فرنسا وكان يحمل تأشيرة إقامة كطالب.

"صانع قرار"

وقد وجهت إليه رسميا تهمة ارتكاب "أعمال تعذيب وتواطؤ" و"جرائم حرب" و"تواطؤ في حالات اختفاء قسري" بين 2013 و2016 وأودع السجن.

وقال مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير مازن درويش اللاجئ في فرنسا "لدينا الكثير من الأدلة ضده يمكننا عرضها خلال المحاكمة".

وأكد أن مجدي نعمة المقرب من مؤسس جيش الإسلام زهران علوش كان "أكثر من متحدث، كان من أصحاب القرار" في الفصيل ويجب بالتالي أن يتحمل مسؤولية الجرائم المرتكبة.

وينفي مجدي نعمة الوقائع، مؤكدا أنه خرج من الغوطة الشرقية في أيار/مايو 2013 قبل سبعة أشهر من عمليات الخطف المنسوبة إليه متوجها إلى اسطنبول. وهناك يقول إنه استأنف دراسته مع مواصلة نشاطه كمتحدث باسم الفصيل ثم تخلى عن هذا النشاط عام 2016 قبل أن يغادر الفصيل عام 2017.

وقام قاضيا التحقيق المكلفان بالملف باستجوابه ثماني مرات على الأقل منذ اعتقاله، فيما تم الاستماع إلى حوالي عشرة شهود حتى الآن.

ويتم تمديد فترة توقيفه المؤقت بانتظام، وخلال جلسة عامة أمام قاضي الإفراج والاحتجاز، أشارت النيابة العامة إلى مخاطر "الضغط" على الشهود.

وشددت ممثلة النيابة العامة على أنه "تم توثيق" وجود "تهديدات وأجواء من الخوف المخيم على أشخاص يودون إسماع صوتهم" في سياق الآلية الجارية مشيرة إلى أن "الاطلاع على مضمون هاتفه الجوال أظهر مدى اتصالاته. كان يسافر كثيرا وبالتالي فإن مخاطر فراره مرتفعة"، غير أن المتهم ندد بـ"قضية سياسية"، معتبرا أن الملف لا يحتوي على "أي عنصر" يدينه.

وأكد مجدي نعمة أنه لو لم يتم اعتقاله لكان "بصدد إعداد رسالة دكتوراه في كلية كينغز كولدج، إحدى أفضل الجامعات في العالم، في مجال الاستخبارات والأمن الدولي".

وندد محاموه بملف أدير بمنحى "اتهامي" فقط مع استجوابات "غير واقعية" تخللتها مشكلات ترجمة ورفضوا الاتهامات بممارسة ضغوط على الشهود.

وقالوا إن مجدي نعمة طالب "بارع" اهتم بقانون الحرب وأراد ضبط أفعال فصيله، مشيرين إلى أن محققي مكتب مكافحة الجرائم ضد الإنسانية عثروا في حاسوبه على "مذكرات" بهذا الصدد موجهة إلى مقاتلي جيش الإسلام.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن أبحاثه في فرنسا "كان يفترض أن تشكل مساهمة في مؤتمر في الدوحة حول المجموعات المسلحة في العالم".

صلاحية عالمية

وينتظر محاميا الدفاع أن تبتّ غرفة التحقيق في محكمة الاستئناف في باريس في التماس قدم في تموز/يوليو 2020 لإلغاء الاتهام الموجه إليه.

وقال كيمف أمام القاضي المكلف بالبت في اعتقال مجدي نعمة إنه في هذه الأثناء "توهم الضحايا وأقرباء الضحايا بأن فرنسا قادرة على إحقاق العدالة لهم في حين أنها قد لا تملك الصلاحية لذلك".

وأبرز المحاميان في التماسهما أنه لا يمكن ملاحقة موكلهما في فرنسا بتهمة "التواطؤ في حالات اختفاء قسري" لأن الصلاحية العالمية في هذه الحالات "لا تنطبق إلا إذا كانت هذه الجريمة من فعل عملاء حكوميين أو أشخاص يتحركون بإذن الدولة أو دعمها أو موافقتها".

ولفتا إلى أن جيش الإسلام ليس مجموعة تابعة للدولة. كما أوضحا أن "النظام القضائي الفرنسي يعتقد أنه مخول بالنظر في ملفات بدون أن يملك الوسائل لذلك".

 وأضافا "هذا أمر شهم، لكننا لا نملك الوسائل لتفعيل إنابات قضائية دولية في البلدان التي ليس لدينا تعاون قضائي معها مثل سوريا".

وردت المحامية كليمانس بيكتارت من الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بأن "الهجمات على الصلاحية العالمية الرامية إلى نزع الشرعية عن هذه الآلية أمر يتكرر بانتظام"، مذكرة بأن القضاء الفرنسي يبقى الملاذ الوحيد للضحايا الذين لا يمكنهم تقديم شكوى في سوريا.

وتابعت أن "الصلاحية العالمية في انتشار وأثبتت أنه من الممكن ملاحقة ومحاكمة مسؤولين عن جرائم دولية على هذا الأساس"، في إشارة إلى المحاكمات على خلفية المجازر في رواندا والتي أدت إلى صدور أحكام مبرمة.

وقال مازن درويش "جاء للدراسة في فرنسا، ومن مسؤولية فرنسا ملاحقته"، معتبرا أن محاميي مجدي نعمة "يحاولان أن يجعلا من هذا المجرم تشي غيفارا جديدا، هذا غير صحيح وغير نزيه".