محسن الندوي يتناول 'العلاقات الاقتصادية المغربية الخليجية'

الباحث المغربي يسلط الضوء في كتابه على محددات وتحديات التعاون بين الطرفين.

الرباط - صدر حديثا عن دار الفجر للنشر والتوزيع بالقاهرة الطبعة الأولى من كتاب "العلاقات الاقتصادية المغربية الخليجية" للدكتور محسن الندوي، وهو كتاب يسلط الضوء على محددات التعاون بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي سواء سياسيا أو أمنيا أو ثقافيا أو عسكريا، بالإضافة إلى تحديات التعاون الاقتصادي بين الطرفين.

ويتناول الباحث المغربي في كتابه كيف باتت الشراكة الاستراتيجية بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي ذات أهمية كبيرة، وصولا إلى ارتقاء العلاقات التاريخية المميزة لهذه الشراكة إلى الوضع المتقدم بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي.

ويأمل الندوي أن يساهم هذا الكتاب في إغناء المكتبات العربية بشكل عام والمكتبات الخليجية والمغربية بشكل خاص، نظرا لقلة المراجع في هذا الشأن، كما يحدوه الأمل في أن يكون هذا الكتاب إضافة لا تخلو من فائدة إلى جانب كل الدراسات والأبحاث والأطروحات التي أنجزت في الموضوع.

ويضم الكتاب قسمان، أحدهما يتناول محددات التعاون بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي، ويتوزع هذا القسم على ثلاثة فصول، أولها المحددات السياسية والأمنية للتعاون بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي، والفصل الثاني حول المحددات الاقتصادية بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي، والفصل الثالث حول المحددات الثقافية للعلاقات بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي، أما القسم الثاني وهو بعنوان "نحو الاندماج الاقتصادي بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي"، فيشمل فصلين، الأول حول تحديات التعاون الاقتصادي بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي، والثاني حول أهمية الشراكة الاستراتيجية بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي.

وقد استهل الكتاب بمقتطف من الخطاب الذي ألقاه العاهل المغربي الملك محمد السادس بالرياض على هامش فعاليات القمة المغربية الخليجية في السادس عشر من أبريل/نيسان 2016.

ومما جاء في الخطاب الملكي: "فالشراكة المغربية الخليجية، ليست وليدة مصالح ظرفية، أو حسابات عابرة. وإنما تستمد قوتها من الإيمان الصادق بوحدة المصير، ومن تطابق وجهات النظر، بخصوص قضايانا المشتركة. لذا، نجتمع اليوم، لإعطاء دفعة قوية لهذه الشراكة التي بلغت درجة من النضج، أصبحت تفرض علينا تطوير إطارها المؤسسي، وآلياتها العملية.. وهي خير دليل على أن العمل العربي المشترك، لا يتم بالاجتماعات والخطابات ولا بالقمم الدورية الشكلية، أو بالقرارات الجاهزة غير القابلة للتطبيق، وإنما يتطلب العمل الجاد، والتعاون الملموس، وتعزيز التجارب الناجحة، والاستفادة منها، وفي مقدمتها التجربة الرائدة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي. إنها رسالة أمل لأنفسنا، وإشارة قوية لشعوبنا، على قدرتنا على بلورة مشاريع تعبوية مشتركة".

الندوي يأمل أن يساهم الكتاب في إغناء المكتبات العربية بشكل عام والمكتبات الخليجية والمغربية بشكل خاص، نظرا لقلة المراجع في هذا الشأن

ملخص الكتاب:

تتميز العلاقات المغربية الخليجية بأهمية كبيرة بالنظر إلى خصوصية الروابط التي تجمع بين الطرفين متمثلة في الصلات الحضارية المشتركة بأبعادها الدينية والثقافية والاقتصادية، والتي تعود إلى مراحل زمنية مبكرة.[1]كما أنها شهدت قفزة نوعية منذ سنة 2011، وتأتي الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس إلى دول مجلس التعاون الخليجي لبحث الاستثمار والعلاقات الثنائية، لتشكل ترجمة عملية لتوجه خليجي عام نحو دعم المملكة المغربية وترسيخ استقرارها كنموذج ديمقراطي فريد واستثنائي، مما كان له انعكاس على العلاقات المغربية الخليجية الاستثنائية، وللتناغم السياسي بين الطرفين والمستمر، والذي ازداد تعمقا في عهد الملك محمد السادس، حيث على مدار 25 عاماً من حكم العاهل المغربي محمد السادس، شهدت العلاقات المغربية مع دول مجلس التعاون الخليجي تطوراً ملحوظا مستمراً في المجالات السياسية والاقتصادية والسياحية، والعسكرية.

إن الدبلوماسية المغربية – رغم تعقد الأزمات التي تمر بها منطقة الخليج – فإنها تتصرف بشكل سمح لها أن تستقطب احترام الأطراف (خاصة أثناء أزمة الخليج الثانية)، وبالتالي يبقى طرفا مقبولا ومطلوبا لحل بعض الأزمات، وهي وضعية تنم عن بعد النظر في التعامل مع القضايا والأزمات الدولية.

وبالنسبة إلى المحددات السياسية للعلاقات بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث يمكننا الإشادة بالعلاقات الوثيقة والمتميزة التي تربط المغرب بدول الخليج فمثلا علاقة المغرب بدولة الكويت، هي علاقات ذات جذور تاريخية عميقة، وتعد الزيارة التي قام بها الملك الراحل محمد الخامس إلى الكويت في يناير/كانون الثاني عام 1960 ولقائه الشيخ الراحل عبدالله السالم أمير الكويت حينئذ أول لبنة حقيقية للتعاون السياسي الممتاز القائم بين البلدين الذي امتد حتى عهدنا الحالي برعاية عاهلي البلدين، حيث أسهمت هذه الزيارة في إعطاء دفعة قوية وانطلاقة للعلاقات بين البلدين.

إن العلاقات بين المغرب ودول الخليج نموذج يحتذى به لكونها قامت على مبادئ التضامن والأخوة، واحترام الشرعية الدولية في ضبط التفاعلات الدولية، إلا أن هذه العلاقة مشحونة برأسمال رمزي وعاطفي محركها الأساسي يكمن بالأساس في تلك الحزمة من الوشائج الوجدانية والعاطفية التي تجمع المغرب وجواره العربي، فهذا الأمر يبقى إيجابيا إذا تم تلقيحه برساميل أخرى.

ونظرا للعامل الجغرافي والجيوسياسي على اعتبار أن المغرب ينتمي إلى المغرب العربي فلا يمكن أن ينضم إلى دول مجلس التعاون الخليجي، بينما يعتبر المغرب الشراكة بينه وبين مجلس التعاون الخليجي وخاصة في ظل الأزمة المالية العالمية، المنقذ له اقتصاديا وبالتالي اجتماعيا بعدما مست الأزمة بعمق الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول للمغرب.

وفي المقابل يجد الخليجيون مصلحة في توظيف أموالهم في المغرب كوجهة استثمارية آمنة اعتبارا لاستقرار المغرب الاجتماعي والأمني والسياسي، حيث إن المغرب يمكن أن يوفر للمستثمرين الخليجيين ضمانات الأمن والاستقرار وامتيازات كثيرة يوفرها بلد ناهض ذو اقتصاد يتمتع بهامش تنموي كبير٬ ويتوفر على موارد بشرية ذات كفاءة عالية ونظام تحفيزي جذاب٬ بالإضافة إلى مناخ أعمال يتحسن باستمرار٬ وإرادة سياسية قوية في إصلاح مكامن النقص التي قد تظهر بين الفينة والأخرى. ويمكن لرؤوس الأموال الخليجية في المقابل أن تساهم في دفع عجلة اقتصاده وتوفير عدد هائل من وظائف الشغل لمواطنيه، بالإضافة إلى اعتبارها رافدا للاستثمارات الأجنبية غير العربية في المغرب بما يسمح له بتفادي الانعكاسات السلبية التي تواجه منطقة اليورو والتخفيف من حدتها.

وبالتالي، فاختيار إقامة شراكة متميزة بين المملكة المغربية ودول مجلس التعاون الخليجي، بأبعادها الإستراتيجية والسياسية والتنموية والاقتصادية والأمنية، لم يكن أبدا اعتباطيا أو وليد ظرف معين، بل جاء ثمرة مسار تاريخي وحضاري وثقافي مشترك، وروابط راسخة من التعاون المثمر والبناء على المستوى الثنائي، امتدت لعقود من الزمن وأخذت مجراها الطبيعي نحو مرحلة متقدمة من التشارك لمسايرة ركب العولمة ومواجهة التحديات.

[1]- محسن الندوي، العلاقات الاقتصادية بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة جامعة عبدالملك السعدي 2016-2017 ص:1