محمود مرعي يحقق "الخزرجية"

المحقق يتمتَّعُ بأذنٍ موسيقيَّة بحيث لا تفلتُ منها أيُّ نبرَةٍ شذَّت عن النَّظم العَروضيّ في مجالاته الواسعة.
تحقيق مخطوطة "الرَّامزة الشَّافية في علمي العَروض والقافية" للشَّيخ ضياء الدِّين الخزرجي
ما ذكره العلماء حول القيمة العلميَّة للخزرجيَّة وكونها كنـزًا ثمينًا في التُّـراث الأدبيّ

رام الله (الأراضي المحتلة) ـ صدر حديثا، كتاب تحقيق مخطوطة: "الرَّامزة الشَّافية في علمي العَروض والقافية" للشَّيخ ضياء الدِّين الخزرجي (589- 686ه)، دِراسة وَتَحْقيق: الشَّاعر العَروضيُّ محمود مرعي، ويقع الكتاب في 488 صفحة من القطع الكبير، وهو إضافة مهمَّة للمكتبة العربيَّة، متفرِّد في مجاله، استغرق سنتين من البحث والتَّنقيب والدِّراسة.
ممَّا قال عنه بروفيسور لطفي منصور في تقديمه له: "إِنَّ الشَّاعِر الدَّارسَ محمود مرعي أصبحَ اليومَ، بتحقيقه للخزرجيَّة يتربَّعُ على عَرشِ العَروض الشِّعري في بلادنا، بلا منافس، نتيجةً لجهوده الـمشكورة الـمثمرة في مجالِ الأوزان والقوافي وما له علاقةٌ بالقريض. فهو يتمتَّعُ بأذنٍ موسيقيَّة بحيث لا تفلتُ منها أيُّ نبرَةٍ شذَّت عن النَّظم العَروضيّ في مجالاته الواسعة، الَّتي من الصَّعبِ السَّيطرةُ عليها، إِلَّا لمن أتيحت له مثلُ هٰذِهِ الأُذُن" [....]". 
لم يكتف الـمحقّق بشرح أو شرحين للخزرجيّة ليحقِّقَها، بل اعتمد على مخطوطات عدّة وقارن بينها، وأوضح الاختلافات بين النُّسخ وأثبت ذٰلِكَ في هوامش التَّحقيق.
وأشار الـمحقِّق إلى ما ذكره العلماء حول القيمة العلميَّة للخزرجيَّة وكونها كنـزًا ثمينًا في التُّـراث الأدبيّ.
عُرفت الخزرجيَّة أَيْضًا بالرَّامزة. والتَّرميز معناه استعمال حساب الجُمّل بدل الأرقام. وهي طريقة سار عليها القدماء وأبو الجيش الـمعاصر للخزرجيّ" [....] " تحتوي أبياتُ الخزرجيَّة على مِئات الرُّموز العَروضيّة. وقام الـمحقَّق بجهودٍ جبّارة في فكّ هٰذِهِ الرّموز، وتوضيحِ مَراميها، وبيان معانيها، بعملٍ شاملٍ أحاط بعلم العَروض من جميع جوانبه، مُسهِّلًا ما غَمُض منه أو ما صَعُبَ فهمُه من مصطلحات علم العَروض، الَّذي لا يستطيع سَبْرَ أغوارِها إِلَّا الشَّاعِر العَروضيّ ممّن يمتلكون الأُذُنَ الـموسيقيّة، والـملَكَةَ الشِّعريّة.

علم العروض
جهود مشكورة مثمرة في مجالِ الأوزان والقوافي

إِنَّ إضافَةَ مصدَرٍ، في علم العَروض والقوافي، نعم في القوافي أيضًا، مثلِ الخزرجيّة، بالتَّحقيق الَّذي سعى إليه وأنجزه بِهٰذا الاتِّساعِ والشُّمول، لهو إنجازٌ عظيم، وصرحٌ هائلٌ يُضاف إلى الـمكتبة العَروضيّة الَّتي تعتزّ بها لغتنا العربيَّة.
 اتَّبعَ الـمحقِّق أسلوبَ الـمناقشةِ في بيانِ خطأِ القدماء في أحكامهم علـى بعض الـمسائل الخلافيَّة.
ولْنَأْخذْ مثلًا قضيَّةَ بحر الـمتدارَك، وهو البحرُ السَّادسَ عَشَرَ، فقد مَرَّ معنا في ما درسناه من علم العَروض أنّ الخليلَ بنَ أحمَدَ الفراهيدِيّ لم يُجِزْهُ، بحُجّةِ أَنَّ العربَ لم تنظمْ عليه شعرًا، وأنكره الخليل، وَأَنَّ الَّذي وضعَه الأخفش.
ناقشَ صاحبُنا الـمحقِّقُ هٰذِهِ الـمسألَةَ وأقَرَّ - اعتمادًا على كتابِ العَروض الَّذي وضعه الخليل، الَّذي استعمله ابنُ عبدِ رَبِّه في العقد الفريد - أَنَّ الخليلَ هو الَّذي وضَعَ هٰذا البحرَ وليسَ الأخفش.
إِنَّ الـمسائل الَّتـي ناقشها الـمحقِّق تُلقي ضوءًا جديدًا على تطوّر علم العَروض، وهي كثيرةُ ومهمّةٌ في ثنايا الكتاب" [.....] " ولعلّها مناسبةٌ أن أتقدَّمَ إلى رؤساءِ كلِّيّات إعداد الـمعلِّمين العرب الأكاديميّة في الجليل والـمثلَّث والنَّقب أن يعملوا على إدخالِ هٰذا العلم في برامج اللُّغة العربيّة في كلِّيّاتهم. ولا يُبْقُوا هٰذا العلم مهملًا منبوذًا.