مخاوف ترافق محاكمة نادرة لجهاديين في مالي

محاكمة عدد من المتهمين في هجمات على فندق ومطعم بالعاصمة باماكو في العام 2015 تأتي بعد أيام من الإفراج عن 200 جهادي في صفقة تبادل للأسرى مثيرة للجدل وأغضبت الجيش الفرنسي الذي قُتل كثير من أفراده في مهمات عسكرية ضد الجماعات المتطرفة بمنطقة الساحل.
متهم رئيسي في هجمات دموية ببماكو يحاكم غيابيا بعد أن أفرج عنه مؤخرا
منطقة الساحل الإفريقي تنفتح على المزيد من الاضطرابات الأمنية
جماعات متطرفة تتنافس في منطقة الساحل على تعزيز وجودها

باماكو - تبدأ الثلاثاء في العاصمة المالية محاكمة المتهمين بتنفيذ الهجمات على فندق راديسون بلو ومطعم لا تيراس في باماكو في عام 2015، بينهم جهادي بارز في منطقة الساحل وهو حدث نادر في منطقة تعاني منذ سنوات من أعمال عنف تقوم بها الجماعات الإسلامية المتطرفة.

وتترافق هذه المحاكمة مع مخاوف أمنية جدية حيث اعتاد المتطرفون على شن هجمات في منطقة مدمرة تفقد السيطرة على مساحات شاسعة منها في ظل وجود ثغرات حدودية.

لكن المتهم الرئيسي الموريتاني فواز ولد أحمد (أو أحميدة) الملقب بـ "إبراهيم 10"، المقرب من الزعيم الجهادي الجزائري مختار بلمختار، قد لا يحضر المحاكمة.

وهذه الشخصية البارزة من جهاديي الساحل الذي تم استدعاؤه للمثول أمام محكمة جنايات مكافحة الإرهاب في باماكو، هو أحد المعتقلين الـ200 الذين أُطلق سراحهم في أوائل أكتوبر/تشرين الأول مقابل أربعة رهائن، بينهم الفرنسية صوفي بترونين والسياسي المالي سوميلا سيسي.

وورد اسمه ضمن المفرج عنهم بعد أربع سنوات من اعتقاله في باماكو، في إطار عملية مثيرة للجدل، لكن لم يتم تأكيد ذلك رسميا. وفي كل الأحول يجب إجراء المحاكمة، سواء كان حاضرا أم لا.

و'إبراهيم 10' متهم لأنه "انتقم للنبي" في أعقاب الهجمات التي استهدفت صحيفة شارلي إيبدو الأسبوعية ومطعم لا تيراس في باماكو في 6 ابريل/نيسان 2015، مما أدى إلى مقتل بلجيكي وفرنسي وثلاثة ماليين بحسب ملف التحقيق.

في 20 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، من المحتمل أنه "خطط ونفذ" الهجوم على فندق راديسون بلو الفاخر في وسط العاصمة المالية، بحسب المصدر نفسه.

ثم قام رجلان "بإطلاق النار على أي شيء يتحرك"، مما أسفر عن مقتل 20 شخصا، بينهم 14 أجنبيا، قبل إطلاق النار عليهما.

و'إبراهيم 10'، هو تاجر سابق ذو بنية جسدية ضخمة ونشط في صفوف الجهاديين منذ عام 2006، كان مسؤولا عن الخدمات اللوجستية، من استئجار منزل وشراء دراجة نارية والاستطلاع في باماكو "لرصد الهدف".

كما يفترض أن يمثل أمام القضاء ماليان في العشرينات من العمر خلال محاكمة لم يتم تحديد مدتها: الأول هو سادو شاكا (الملقب موسى - أو أسامة - معيقة) والذي، بحسب المحققين، "كان مكلفا بتوصيل الأسلحة إلى البلدات المستهدفة". وكان حينها يبلغ من العمر ستة عشر عاما وهو متهم بالتواطؤ في الهجوم على راديسون بلو.

كما يشتبه في أن شاكا لعب دورا في الهجوم على فندق بيبلوس في سيفاري (وسط مالي)، والذي أسفر عن مقتل 13 شخصا في غسطس/اب 2015 وعلى فندق الشمال والجنوب في باماكو في مارس/آذار 2016 والذي لم يسفر عن وقوع ضحايا. ولم يتم إدراج هذين الهجومين في القضية التي يتم النظر فيها الثلاثاء.

ويواجه فواز ولد أحمد وشاكا تهم "حيازة أسلحة على صلة بمنظمة إرهابية" و"تكوين عصابات إجرامية" و"تمويل الإرهاب" و"التواطؤ في القتل".

ويشتبه بأن المتهم الثالث ويدعى عبدالباقي عبدالرحمن مايغا (الملقب بأبي محمدون) "التحق بتدريب شبه عسكري"، لكنه غير متورط في هجمات راديسون بلو ولا تيراس. وهو متهم بـ"تكوين عصابات إجرامية" و"تمويل الإرهاب".

ومنذ انتشار الجماعات الجهادية في منطقة الساحل في مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تتضاعف الاعتداءات على رموز الدولة من القوات المسلحة والمسؤولين الإداريين والأعيان وضد مصالح الدول المشاركة في القتال ضد الجهاديين وخاصة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، مما أسفر عن مقتل المئات.

وبغاية استهداف الغربيين، نفذت الجماعات الجهادية عمليات خطف واستهدفت رمزيا مؤسسات كانوا يرتادونها، مثل الفنادق أو المطاعم أو المنتجعات الساحلية.

ومن بين الهجمات الأكثر دموية، الهجوم الذي استهدف في 15 يناير/كانون الثاني 2016 مطعم ومقهى كابتشينو وفندق سبلينديد في واغادوغو الذي تبناه فرع تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" ومجموعة "المرابطون" التابعة لمختار بلمختار والذي أسفر عن مقتل 30 شخصا معظمهم من الغربيين.

وفي 13 مارس/اذار 2016، أوقع الهجوم على شاطئ منتجع غراند-بسام بالقرب من أبيدجان في ساحل العاج، 19 قتيلا، بينهم أربعة فرنسيين.

وتعد المحاكمات مثل تلك التي ستجرى الثلاثاء في باماكو نادرة في منطقة مدمرة، حيث تشوب الحدود ثغر ولا تتمكن الدول من السيطرة على مساحات شاسعة من أراضيها، وذلك إضافة إلى إطلاق سراح العديد من المتهمين بالانتماء إلى جماعات جهادية بشكل منتظم كجزء من عمليات تبادل الأسرى.