مخيم اليرموك يروي معاناة قلّ نظيرها

مشاهد من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين تختزل سنوات من المعاناة تحت حراب المتشددين وقذائف النظام السوري وحصار وتجويع.

مخيم اليرموك ظل طيلة الحرب السورية بين القصف والتجويع
مخيم اليرموك أحد أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا
المخيم تحول إلى رمز لمأساة الحرب السورية

بيروت - من الفقر والنزوح مرورا بالحصار والجوع ثم قيود الجهاديين وقصف قوات النظام، شهد مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، معاناة قل نظيرها استمرت طيلة سنوات الحرب السورية.

وتحولت صورة صارخة التقطت في العام 2014 تظهر المئات من المدنيين الجوعى والمتعبين المتراصين وسط شارع لفه الدمار بانتظار الحصول على مساعدات غذائية، رمزا لمأساة الحرب في سوريا.

وشكل مخيم اليرموك الذي يُعد أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا آخر جيب كان تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في جنوب دمشق، قبل أن يعلن الجيش السوري الاثنين سيطرته بالكامل على المخيم ومحيطه، معلنا دمشق ومحيطها مناطق "آمنة بالكامل" للمرة الأولى منذ العام 2012.

وكان اليرموك يؤوي 160 ألف شخص بينهم سوريون، لكن الحرب التي لم تستثن المخيم بدءا من العام 2012 أجبرت سكانه على الفرار مجددا.

ويُعد اليرموك وأحياء محاذية له أقرب نقطة من وسط دمشق تمكن التنظيم من الوصول إليها، ويمكن منه رؤية القصر الرئاسي.

وبعد سيطرته الشهر الماضي على الغوطة الشرقية التي بقيت لسنوات معقل الفصائل المعارضة الأبرز قرب دمشق، وضع الجيش السوري نصب عينيه استعادة أحياء في جنوب دمشق تحت سيطرة التنظيم المتطرف.

وقاد الجيش السوري العملية الحالية بدعم من مستشارين روس ومشاركة مئات العناصر من فصائل فلسطينية موالية لدمشق.

وبعد شهر من المعارك والقصف، تم التوصل إلى اتفاق لإجلاء مئات مقاتلي التنظيم المتطرف وعائلاتهم، بدأ تنفيذه الأحد برعاية روسية قبل أن يستكمل فجر الاثنين وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.

ولم يأت الجيش السوري أو الاعلام الرسمي على ذكر عملية الاجلاء.

وقدر المرصد عدد المقاتلين في وقت سابق بنحو ألف مقاتل، قضى منهم 233 عنصرا على الأقل خلال المعارك.

ونشر تنظيم الدولة الإسلامية على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي في وقت سابق صورا قال إنها تعود لجثث عناصر من الجيش السوري وقد جرى قطع رؤوس بعضهم.

"قاموس اللا انسانية"

وتأسس المخيم في العام 1957 وكان عبارة عن مجموعة من الخيم أوت مئات العائلات الفلسطينية قبل أن تستبدل لاحقا بأبنية. وعلى مدى عقود، تحول اليرموك إلى منطقة سكنية وتجارية محتفظا بتسمية "المخيم".

وانتهت معركة جنوب دمشق مع مزيد من الدمار الذي لحق بمخيم اليرموك الشاهد على معاناة طويلة خلال سنوات الحرب السورية.

في سبتمبر/أيلول 2012، شهد المخيم معارك ضارية بين فصائل معارضة وقوات النظام، وانقسمت المجموعات الفلسطينية بينهما.

وأدت المعارك إلى موجة نزوح ضخمة. وتحدثت الأمم المتحدة عن فرار 140 ألف فلسطيني وآلاف السوريين من المخيم.

وإثر تلك المعارك، سيطرت الفصائل المعارضة على المخيم وفرضت قوات النظام حصارا عليه أدى إلى أزمة انسانية حادة طالت آلاف المتبقين فيه وجرى تداول تقارير حول أطفال يأكلون الورق وعائلات تعيش على أكل الحيوانات، فضلا عن تفشي مرض التيفوئيد.

وفي يناير/كانون الأول من العام 2014، انتشرت صورة نشرتها الأمم المتحدة تظهر حشودا كبيرة تخرج سيرا على الأقدام بين الأبنية المدمرة بانتظار الحصول على المساعدات. ولا تزال تعتبر من أكثر الصور تعبيرا عن مآسي المدنيين في النزاع.

غارات سورية على مخيم اليرموك
مخيم اليرموك تعرض لغارات كثيفة

وقال المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (اونروا) كريس غانيس في 2014 "تضاف إلى قاموس لا إنسانية الانسان تجاه أخيه (الانسان) كلمة جديدة هي اليرموك".

وفي العام 2015، شنّ تنظيم الدولة الإسلامية هجوما على المخيم وطرد الفصائل المعارضة وأحكم سيطرته على الجزء الأكبر منه، فيما سيطرت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة وقتها) على أجزاء أخرى.

وأدى دخول التنظيم المتطرف إلى موجة نزوح جديدة، وفرّ السكان بشكل أساسي إلى بلدات قريبة في جنوب دمشق.

وقبل اندلاع المعارك الأخيرة، قدرت وكالة الأمم المتحدة لتشغيل وغوث اللاجئين (أونروا) عدد المقيمين في المخيم بستة آلاف شخص، لكن معظمهم فروا مع اشتداد المعارك في الأسابيع الأخيرة.

وأبدت المنظمة الدولية الشهر الماضي "قلقها الشديد إزاء مصير المدنيين" مع استمرار "القصف واطلاق قذائف الهاون والاشتباكات العنيفة داخل المخيم وفي محيطه".